اعتبرت
بورصة "تل أبيب" يوم الأربعاء أن تقريرًا أعدَّه باحثان أمريكيان يشير إلى استفادة مستثمرين إسرائيليين من "علمهم المسبق" بشأن هجوم حماس في أكتوبر غير دقيق، ورفضت هذه المزاعم بشكل كامل. ووصفت بورصة TASE الدراسة التي أجراها الباحثان الأمريكيان بأنها "كاذبة ومنفصلة عن الواقع".
الباحثان، روبرت جيه جاكسون جونيور (خبير اقتصادي من جامعة نيويورك) وجوشوا ميتس (محام من جامعة كولومبيا)، قالا إن هناك نشاطًا "غير عادي للغاية" في سوق الأسهم وعمليات بيع على المكشوف للأسهم قبل 7 أكتوبر. وأشارا إلى تحقيق ملايين الدولارات من خلال المراهنة ضد الشركات "الإسرائيلية" في بورصة تل أبيب ونيويورك.
وردًّا على ذلك، اعتبرت بورصة تل أبيب أن تقديرات الباحثين غير صحيحة بسبب اعتمادهم على الأسعار بالأجوروت، وقالت إنها لم تجد أي نشاط مشبوه في بورصة إسرائيل. ورفضت البورصة بشدة وصف الدراسة باعتبارها "كاذبة ومنفصلة عن الواقع".
وفي سياق متصل، قام باحثا الدراسة بتعديل بعض الفقرات المتعلقة بالمكاسب المفترضة، واعترفا بوجود أخطاء. ورغم ذلك، أصرا على استنتاجاتهما الشاملة بشأن النشاط "غير المعتاد" في المبيعات على المكشوف قبل الهجوم.
وفي دراستهما، أشار الخبيران إلى أن "لاعبين مجهولين" في سوق الأوراق المالية قد حققوا الملايين من الدولارات بفضل المراهنة ضد الشركات الإسرائيلية المدرجة في بورصة "تل أبيب" ونيويورك، في الفترة ما بين نهاية سبتمبر/أيلول وبداية أكتوبر/تشرين الأول.
وقالا إن نشاط "البيع على المكشوف زاد بشكل كبير عن مثيله خلال فترات الأزمات الأخرى العديدة" مثل الأزمة المالية لعام 2008 وكوفيد-19. وكتبا أنه بالنسبة للمستثمرين في لئومي، أكبر بنك في إسرائيل، فقد تم بيع 4.43 ملايين سهم على المكشوف خلال الفترة من 14 سبتمبر/ أيلول حتى الخامس من أكتوبر/تشرين الأول، ما حقق لهم أرباحا قدرها 3.2 مليارات شيكل (859 مليون دولار).
وبعد يومين من نشر الدراسة، أعلنت سلطات بورصة الاحتلال أنها كانت على علم بنتائج الدراسة وقد بدأت التحقيق في هذا الشأن. وأوضحت هيئة الأوراق المالية والأسواق الإسرائيلية لصحيفة "تايمز أوف إسرائيل" أن نتائج مراجعتهما لم تفض إلى أي مخاوف حيال نشاط مشبوه في بورصة "إسرائيل".
من ناحية أخرى، اعتبرت بورصة "تل أبيب" أن تقديرات الباحثين كانت خاطئة بسبب اعتمادهم على الأسعار بالأجوروت، وحدة مالية إسرائيلية تعادل واحدا بالمئة من الشيكل. وأشارت إلى أن بعض أسهم الشركات تُدرج بالأجوروت فقط، ما يجعل ربح البيع على المكشوف المحتمل يبلغ 32 مليون شيكل فقط.
وأكد يانيف باجوت، رئيس التداول في البورصة، أنه لا يرى أي تطابق بين البيانات التي قدمها الباحثان والواقع الذي يظهر في البيانات التاريخية. وقال: "لم يكن هناك أي شيء غير معتاد في مراكز البيع على المكشوف في البورصة خلال الشهرين السابقين للهجوم".
من جهة أخرى، ناقشت "فايننشال تايمز" الدراسة بشكل مثير للجدل، ووصفتها بأنها "نظرية مؤامرة"، مقارنة إياها بتصريحات منظري المؤامرة حول هجمات 11 سبتمبر 2001. وعلى الرغم من ذلك، اعترف مؤلفا الدراسة بوجود أخطاء وقاما بتعديل بعض الفقرات المتعلقة بالمدى المفترض للمكاسب التي يحققها المضاربون. ورغم التعديلات، أصروا على استنتاجاتهم الرئيسية مشيرين إلى قوة البيانات التي قدموها.
في السياق، أوضح أنطوان أندرياني كبير محللي السوق في XTB وهي شركة وساطة للأوراق المالية: "يجب الاعتراف بأن البيانات التي قدماها تبدو قوية".
لكن، هل يعني هذا أن كل هذه المضاربة هي ناجمة فعلا عن معرفة مسبقة لعملاء البورصة بأن حركة حماس ستهاجم الاحتلال؟ يجيب أنطوان أندرياني: "هنا، يمكن لنا بسرعة الانزلاق نحو نظرية المؤامرة".
ورغم كل شيء، يبقى أنه من المحتمل أيضا أن يكون قسم كبير من هؤلاء المضاربين قد رأوا، بشكل مشروع، بأن تلك اللحظة كانت فرصة للمراهنة ضد البورصة الإسرائيلية. يقول أنطوان أندرياني: "هي [البورصة الإسرائيلية] في منحى تنازلي منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2021 على الأقل.
هذا السياق يشجع حركات المضاربة على الهبوط". ومن ثم، يمكن أن يكون هؤلاء المضاربون قالوا لأنفسهم بعد هجمات حماس، إن هناك فرصة يجب اغتنامها. بالتالي، فإن مقولة "مصائب قوم عند قوم فوائد" تنطبق على هؤلاء، لاغتنامهم تلك الهجمات غير المسبوقة والمأساة الإنسانية التي أعقبتها، دون أن يكونوا بالضرورة على علم مسبق باحتمال وقوعها في ذلك التاريخ تحديدا.