استقبل المدير العام للأمن الوطني ولمراقبة التراب الوطني
المغربي
عبد اللطيف حموشي، بمدينة الرباط، نيكولا لورنر Nicolas
Lerner،
الذي يشغل منصب المدير العام للأمن الداخلي بالجمهورية الفرنسية، والذي يجري زيارة
عمل إلى المملكة المغربية.
وأفاد بلاغ للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، نشرته وكالة
المغرب العربي للأنباء، بأن الطرفين عقدا جلستي عمل، الأولى ظهر أمس
الخميس والثانية صباح اليوم الجمعة، ناقشا خلالهما تقييم التعاون الاستخباراتي
والأمني بين المملكة المغربية والجمهورية الفرنسية، وتدارسا كذلك آليات التنسيق
العملياتي في القضايا الأمنية ذات الاهتمام المشترك.
كما اتفق الطرفان ـ يضيف البلاغ ـ على أهمية الارتقاء بالتعاون
الأمني والاستخباراتي، وتوسيع نطاق المساعدة التقنية والتعاون العملياتي بين
الجانبين، بما يضمن تبادل الخبرات والتجارب، وتعزيز الأمن المشترك، ومواجهة كل
التهديدات والمخاطر المحدقة بالبلدين.
ويندرج هذا اللقاء، وفق ذات المصدر، في سياق انخراط المملكة المغربية
في تعزيز
علاقات التعاون الدولي، في مختلف المجالات الأمنية والاستخباراتية،
باعتبارها شريكا جديا وموثوقا فيه في عمليات حفظ الأمن والاستقرار على المستويين
الإقليمي والدولي.
وقال الكاتب والإعلامي المغربي نور الدين لشهب في حديث مع
"عربي21"، إن المحادثات الأمنية بين الرباط وباريس تأتي في أعقاب توتر
ساد العلاقات بين البلدين لفترة من الزمن، وبدأ جليد هذه العلاقات في الذوبان.
وأشار لشهب إلى أن "الملف الأمني يحتل أولوية قصوى في المغرب
والمنطقة، وأن الرباط تنسق لمعالجة العديد من الملفات ذات الطبيعة الأمنية سواء
تعلق الأمر بالمخدرات وتهريبها أو بالهجرة غير النظامية أو بالإرهاب مع مختلف
الدول ذات الصلة بالمنطقة، وأن الأمن فوق كل الخلافات".
وأشار لشهب إلى أن الخلافات القائمة بين الرباط والجزائر لم تمنع من
وجود تنسيق أمني بينهما في العديد من الملفات الأمنية الكبرى، على قاعدة أن أمن
الجزائر من أمن المغرب والعكس صحيح، وفق تعبيره.
وعاشت العلاقات المغربية ـ الفرنسية فتورا واضحا في السنوات الأخيرة،
وصل إلى استدعاء الرباط لسفيرها في باريس بعد أن اتهمت صحف فرنسية الرباط باختراق
هواتف الكثير من الشخصيات الوطنية والأجنبية عبر برنامج التجسس الإسرائيلي
"بيغاسوس"، ما أرخى بظلال "ثقيلة" على علاقات البلدين.
وكانت نيابة باريس قد قررت في العام 2015 ملاحقة مدير جهاز المخابرات
المغربية عبد اللطيف الحموشي إثر دعاوى بالتعذيب رفعها ضده رعايا مغاربة بفرنسا،
وهو ما تسبب في دفع الرباط لتعليق التعاون القضائي بين البلدين.
وفي تشرين أول / أكتوبر الماضي عين المغرب سميرة سيطايل سفيرة جديدة
لدى باريس، بعدما بقي المنصب شاغرا لنحو سنة، وسط استمرار التوتر بين البلدين.
ويأتي تعيين سيطايل بعدما بقي المنصب شاغرا منذ أكتوبر/ تشرين الأول
2022، حيث تم تعيين السفير السابق محمد بنشعبون، على رأس "صندوق محمد السادس
للاستثمار".
وبدأ التوتر بين البلدين قبل عامين، حينما أعلنت
فرنسا تشديد شروط
منح التأشيرات لمواطني المغرب والجزائر وتونس بدعوى "رفض الدول الثلاث إصدار
التصاريح القنصلية اللازمة لاستعادة مهاجرين (غير نظاميين) من مواطنيها".
وقبل شهر انطلقت حملة إلكترونية تطالب بفرض تأشيرات على الفرنسيين
عقب تشديد باريس شروط منح التأشيرات لمواطني المغرب، إضافة إلى خطاب وجهه الرئيس
الفرنسي إيمانويل ماكرون للمغاربة عقب زلزال المغرب، وأثار حالة من الجدل
والاستياء في أوساطهم.
وظهر التوتر العلني بين البلدين وتعزز بعدم تبادل الزيارات
الدبلوماسية حيث كانت آخر زيارة لوزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا للرباط في
ديسمبر/ كانون الأول 2022.
وبعد الزلزال الذي ضرب المغرب في 8 سبتمبر/ أيلول الماضي، عرضت باريس
مساعدتها في جهود الإنقاذ، غير أن الرباط لم تقبل المساعدة إلا من 4 دول هي
بريطانيا وإسبانيا وقطر والإمارات، وهو ما فُهم منه رفض باقي العروض بما فيها من
فرنسا.
وأثار موقف الرباط من المساعدات الفرنسية جدلا كبيرا في البلد
الأوروبي ما دفع الرئيس ماكرون إلى نشر كلمة مصورة عبر منصة "إكس" موجهة
إلى المغاربة.
ورغم إقرار ماكرون في كلمته أن تنظيم المساعدات هو قرار سيادي للملك
محمد السادس والحكومة المغربية، فإن توجهه بالخطاب مباشرة إلى الشعب المغربي أثار
موجة استياء واسعة في الأوساط المغربية التي اعتبرت خطابه "حنينا إلى الحقبة
الاستعمارية".