شهد عام 2023 عدة تطورات في مجال الأبحاث الرائدة المتعلقة بالصحة، وفي هذا التقرير نلقي نظرة على بعض أهم هذه التطورات الطبية التي شهدها العام الذي اقترب من الرحيل.
لقاح ثاني للملاريا
وصل العالم أخيراً إلى لقاح قليل التكلفة ضد
الملاريا بعد اكثر من قرن من الجهود الطبية والعلمية.
وتم تطوير اللقاح من قبل جامعة أكسفورد وهو ثاني لقاح للملاريا يتم تطويره.
يأتي ذلك بعد عامين من تطوير أول لقاح يسمى (RTS,S) وقالت منظمة
الصحة العالمية إن فعالية اللقاحين "متشابهة للغاية" ولا يوجد دليل على أن أحدهما أفضل من الآخر.
ومع ذلك، فإن الاختلاف الرئيسي هو القدرة على تصنيع لقاح جامعة أكسفورد- المسمى R21- على نطاق واسع.
إذ أن أكبر مصنع للقاحات في العالم- معهد المصل الهندي - يستعد بالفعل لإنتاج أكثر من 100 مليون جرعة سنوياً ويخطط لزيادة ما يصل إلى 200 مليون جرعة سنوياً.
تم دعم أول لقاح للملاريا (RTS,S) من قبل منظمة الصحة العالمية في أكتوبر/تشرين الأول عام 2021 وحتى الآن، لا يوجد سوى 18 مليون جرعة من لقاح (RTS,S).
وقالت منظمة الصحة العالمية إن اللقاح الجديد سيكون "أداة إضافية حيوية"، وتبلغ تكلفة كل جرعة (2-4) دولارات ويلزم للشخص الواحد أربع جرعات، وهذا يساوي حوالي نصف سعر لقاح (RTS,S).
ويستخدم اللقاحان تقنيات مماثلة، ويستهدفان نفس المرحلة من دورة حياة طُفيل الملاريا.
الصُدفة تقود إلى اكتشاف علمي يساعد في محاربة الملاريا
ومع ذلك، فإن تصنيع اللقاح الأحدث يعد أبسط، لأنه يتطلب جرعة أصغر ويستخدم مادة مساعدة أقل تعقيدا (مادة كيميائية موجودة في اللقاح تحفز الجهاز المناعي على العمل).
وتعد الملاريا أكثر الأمراض فتكاً، من بين الأمراض التي ينقلها البعوض، وتوجد 95 في المئة من حالات الملاريا في أفريقيا.
وفي عام 2021، سجلت 247 مليون حالة إصابة بالملاريا، وتوفي 619 ألف شخص، معظمهم من الأطفال دون سن الخامسة.
أول عملية زراعة عين
خضع آرون جيمس، عامل خطوط الكهرباء ذات الجهد العالي في الولايات المتحدة، لعملية زراعة وجه جزئية نادرة بالإضافة لعملية
زراعة عين شارك فيها اكثر من 140 متخصصاً بالرعاية الصحية.
جاء ذلك بعد فقده أجزاء كبيرة من وجهه عندما لامس بطريق الخطأ سلكاً كهربائيا بقوة 7200 فولت في عام 2021.
وفي مايو/أيار 2023، خضع لعملية زرع وجه جزئية نادرة بالإضافة إلى عملية زرع العين، والتي شارك فيها أكثر من 140 متخصصاً في الرعاية الصحية.
وقدم الجراحون في جامعة (نيويورك لانجون هيلث) في نيويورك، الذين أجروا العملية المعقدة، تحديثاً في نوفمبر/تشرين الثاني.
وقالوا إن جيمس، 46 عاماً، يتعافى بشكل جيد من عملية الزرع، وتبدو العين المُتبرَع بها مناسبة وتتأقلم بشكل ملحوظ، علماً أن عينه اليمنى مايزال يرى بها.
ويضيف الأطباء أن جراحة جيمس توفر للعلماء نافذة غير مسبوقة، للتعرف على كيفية شفاء العين البشرية.
وأشاروا إلى أن هناك تدفقاً مباشراً للدم إلى شبكية العين، وهو جزء العين الذي يرسل الصور إلى الدماغ.
وفي حين أنه ليس هناك يقين من أن السيد جيمس سيستعيد النظر في عينه الجديدة، إلا أن الأطباء لا يستبعدون هذا الاحتمال أيضاً، وقد وجاء الوجه والعين المتبرع بهما من متبرع ذكر واحد في الثلاثينيات من عمره.
ويقوم الأطباء أثناء الجراحة بحقن الخلايا الجذعية المناسبة، المأخوذة من نخاع عظم المتبرع في العصب البصري، وذلك في محاولة لتسريع عملية الشفاء.
وأدى الحادث إلى اضطرار السيد جيمس إلى إزالة عينه اليسرى بسبب الألم، كما خضع للعديد من العمليات الجراحية، بما في ذلك واحدة لذراع صناعية، ويعد جيمس الشخص التاسع عشر فقط في الولايات المتحدة الذي يخضع لعملية زرع وجه.
تقييم صحة القلب بواسطة الذكاء الاصطناعي
تكشف أداة جديدة للذكاء الاصطناعي، عن مدى شيخوخة قلب الفرد بسبب تناول المشروبات الكحولية والتدخين وسوء التغذية وعدم ممارسة الرياضة.
والهدف من ذلك هو إيجاد طرق لعكس شيخوخة القلب، وتقليل مخاطر العديد من الحالات المرتبطة بالعمر مثل: السكتة الدماغية وأمراض القلب.
الخطوة الأولى هي إجراء فحص بالرنين المغناطيسي بعد ممارسة بعض التمارين الخفيفة .
تم تطوير النظام من قبل فريق بقيادة البروفيسور ديكلان أوريغان، من معهد لندن للعلوم الطبية التابع لمجلس البحوث الطبية (أم آر سي).
ويقول البروفيسور ديكلان أوريغان، كبير العلماء: "عندما ننظر إلى وجه شخص ما، فإننا ماهرون في الحكم على ما إذا كان يبدو صغيراً أو كبيراً بالنسبة لعمره، فالجميع لديه نفس الأعضاء تماماً".
وهناك الكثير من الطرق لقياس صحة القلب، بما في ذلك عمليات المسح وتخطيط القلب الكهربائي وضغط الدم- ولكنها تعطي لمحة سريعة عن كيفية سير الأمور الآن ويمكن أن تختلف من يوم لآخر أو من شهر لآخر.
يقول البروفيسور أوريغان، إن تحليل الذكاء الاصطناعي يُظهر الضربات والخدوش التي تراكمت على القلب على مدار العمر.
تتضمن العملية إجراء تصوير بالرنين المغناطيسي للقلب بعد التمرين، نظراً لأن العلامات المبكرة للشيخوخة المبكرة يمكن أن تكون دقيقة للغاية، نجد أن أطباء القلب الخبراء أنفسهم غير قادرين على اكتشافها.
بينما يمكن لأداة الذكاء الاصطناعي أن تكون قادرة على اكتشافها، إذا تم تزويدها بصور 40 ألف شخص ذوي صحة قلبية متفاوتة، بالإضافة إلى نتائجهم الصحية.
ويقوم النظام بتحليل مئات التفاصيل الدقيقة في الحركة ثلاثية الأبعاد لمسح التصوير بالرنين المغناطيسي ومقارنتها مع تلك الخاصة بـ 5000 شخص من مختلف الأعمار الذين عاشوا أنماط حياة صحية.
ويشير البروفيسور أوريغان: "لا نعرف ما إذا كانت شيخوخة القلب المبكرة ترجع إلى جيناتك، وأنك ولدت ليكون لديك قلب أكبر سناً أم أن الأمر يرجع إلى نمط حياتك".
ويضيف "يمكن أن يساعدنا علم الوراثة في إبطاء أو عكس اتجاه الشيخوخة، ويمكن أن تساعد عمليات المسح هذه أيضاً في تقييم العلاجات الجديدة، لمعرفة تأثيرها".
ركبة صناعية مطبوعة بتقنية "ثلاثية الأبعاد"
تمكن العلماء من جامعة باث من تطوير زرع ثلاثي الأبعاد لمساعدة المرضى الذين يعانون من التهاب المفاصل الناتج عن التآكل في ركبهم.
وتم تصميم هذه العملية الجراحية المخصصة للعظم (الأوستيوتومي) للحفاظ على مفصل الركبة الحالي للشخص. كما يهدف هذا النهج إلى جعل العمليات الجراحية أكثر سرعة وأماناً.
تحافظ الغرسة على المفصل الموجود ويمكن استخدامها في مرحلة مبكرة من التهاب المفاصل، قبل الحاجة إلى استبدال الركبة.
تُستخدم لوحات الأوستيوتومي ثلاثية الأبعاد (أتش تي أو) لإعادة توجيه ركبة المريض، مما يجعلها أكثر استقراراً وراحة وقدرة على تحمل الوزن بشكل أفضل من اللوحات الموجودة حالياً.
يقوم الأطباء بأخذ صورة أشعة سينية وفحص توموغرافي لعظم الساق، بهدف ممعرفة مقدار التصحيح اللازم للمريض.
وبعدها يتم إنشاء لوح تثبيت جراحي بواسطة طابعة ثلاثية الأبعاد بناءً على هذه الصور، ويتم تثبيت هذا اللوح مؤقتا على عظمة الساق للمريض باستخدام دبابيس.
ثم يقوم الأطباء بفك تلك الدبابيس وتثبيت مساميران، مما يخلق مثلثاً– إسفين- في العظم لتصحيحه.
ويتم وضع لوح التثبيت بعد ذلك من أعلى، مما يتيح للإبداع الرقمي أن يصبح واقعاً جراحياً.
وبعد التجربة الأولية مع خمسة مرضى للتحقق من السلامة، يجري الاتفاق مع 50 مريضاً آخرين الآن في جميع أنحاء إنجلترا وويلز للمشاركة في تجربة تقارن بين استبدال الركبة التقليدي وهذه التقنية.
دودة حيّة في مخ
في سابقة هي الأولى من نوعها في العالم، أزال العلماء دودة حية طولها 8 سم من دماغ امرأة أسترالية.
وتم سحب "الهيكل الشبيه بالخيط" من الفص الأمامي التالف للمريضة أثناء الجراحة في كانبيرا العام الماضي، لكن تقرير الجراحة لم يُنشر إلا هذا العام.
لقد ذهل الأطباء عندما وجدوا الدودة على قيد الحياة ، وقال جراح العمليات الدكتور هاري بريا باندي، "لم يكن الأمر متوقعاً، لقد أصيب الجميع بالصدمة".
وكانت المرأة البالغة من العمر 64 عاماً، تعاني لعدة أشهر من أعراض مثل: آلام في المعدة والسعال والتعرق الليلي، والتي تطورت إلى النسيان والاكتئاب.
تم إدخالها إلى المستشفى في أواخر يناير/كانون الأول 2021، وكشف الفحص لاحقاً عن "آفة غير نمطية داخل الفص الجبهي الأيمن من الدماغ".
لكن سبب حالتها لم يتم الكشف عنه إلا من خلال مشر ط الدكتور باندي أثناء إجراء خزعة في يونيو/حزيران 2022.
وقال الأطباء إن الطفيل الأحمر كان من الممكن أن يبقى على قيد الحياة في دماغها لمدة تصل إلى شهرين.
وأكد الباحثون في مجلة الأمراض المعدية الناشئة التي نشرت هذه الحالة أنه يُعتقد أن حالتها هي أول حالة لغزو اليرقات وتطورها في الدماغ البشري.
ويحذر الباحثون من أن هذه الحالة تسلط الضوء على الخطر المتزايد لانتقال الأمراض والعدوى من الحيوانات إلى البشر.