تسبب قرار رئيس حكومة الوحدة الليبية، عبد الحميد
الدبيبة برفع الدعم عن
المحروقات في
ليبيا في ردود فعل غاضبة وتهديد بالاحتجاجات والاعتصامات وسط تساؤلات عن مبررات الخطوة الآن ومدى مساهمتها في إشعال وتأجيج الرأي العام في الشارع الليبي.
ورغم ردود الفعل والاحتجاجات إلا أن الدبيبة أكد أن "قرار حكومته
رفع الدعم عن المحروقات اتخذ، ولا رجعة فيه"، مشيرا، خلال اجتماع لجنة المحروقات، إلى أن "المؤسسات الدولية ومصرف ليبيا المركزي والأجهزة الرقابية حذرت من الاستمرار في الوضع الحالي، كون قيمة الدعم وصلت إلى 50% من دخل البلاد"، وفق قوله.
"فوضى واضطرابات سياسية وأمنية"
في المقابل، رفضت الحكومة المكلفة من مجلس النواب برئاسة أسامة حماد هذه الخطوة في هذا التوقيت، محذرة من تبعات رفع الدعم عن المحروقات، واصفة القرار بأنه يفاقم معاناة المواطنين ويؤثر على مناحي الحياة وقطاعات الدولة التعليمية والصحية والصناعية والتجارية كافة.
وذكر بيان لحكومة البرلمان أنه "لا يمكن اتخاذ قرارات كهذه من أي جهة بهذا الشكل المتسرع دون دراسة تبعاتها والأبعاد والأضرار الناتجة عنها، ودون خلق آليات تضمن نجاحها ولا تتأثر حاجات المواطن، وبما لا يؤثر على استقرار البلاد اقتصاديا وماليا".
وهدد ناشطون وساسة وسائقو شاحنات بالاعتصام والاحتجاج ضد قرار الدبيبة برفع دعم المحروقات في ظل تدني الوضع المعيشي للمواطنين، وزيادة سعر الدولار وتردي الأوضاع المعيشية والخدمات وسط عجز حكومي.
فهل يسبب قرار الدبيبة اشتعال الرأي العام والغضب الشعبي ضد حكومته أم يتراجع عنه مع توفير بدائل؟
"غموض ومرحلة حساسة"
من جهتها، قالت رئيس لجنة التنمية المستدامة بمجلس النواب الليبي، ربيعة بوراص إن "عدم وضوح القرار وتوقيته هو ما سبب ردود فعل رافضة من قبل الشارع الليبي كون ليبيا تمر بمرحلة حساسة وأي قرار يتخذ خاصة ما يمس الوضع المعيشي للمواطن يجب أن يدرس جيدا وأن يشرح علانية بلغة يفهمها الجميع".
وأكدت في تصريحات لـ"عربي21" أن "خطوة رفع الدعم عن المحروقات تحتاج إلى استراتيجية تحقق منها الدولة مكاسب للمواطن والمال العام، و️رفع الدعم بطريقة مقننة تضمن حقوق المواطنين وحصتهم من عائدات النفط، وفي التنمية والخدمات ما يجعل القرار مقبولا"، وفق تعبيرها.
وتابعت: "بعض الردود على القرار من قبل مسؤولين أو ساسة تحمل طابعا سياسيا أكثر منه نقد منهجي للقرار، الكل هاجم فقط لأنه يرفض حكومة الوحدة"، كما قالت.
"خطوة شجاعة"
في حين رأى عضو اللجنة السياسية بالمجلس الأعلى للدولة في ليبيا، أحمد همومة أن "رفع الدعم عن المحروقات هو قرار قديم صادر عن المؤتمر الوطني العام سنة 2013 ولم تتمكن أي حكومة سابقة من تنفيذه، وقد تبين الآن وبما لا يدعو للشك أن الاستمرار في هذا العبث وهو دعم المحروقات يعتبر انتحارا وحرقا للأموال وبالأخص في وجود لوبيات تهريب لهذه السلعة من الغرب والشرق والجنوب".
وأشار في تصريحه لـ"عربي21" إلى أن "الخطوة التي اتخذتها حكومة الدبيبة حول هذا الموضوع تعتبر خطوة شجاعة تهدف إلى تقنين استهلاك الوقود وكذلك للحد من تهريبه وتوفير قيمته المالية لدعم الميزانية، وحقيقة هي خطوة جريئة وجبارة تشكر عليها الحكومة"، بحسب كلامه.
"ارتجالية وتقنين للفساد"
رئيس نقابة العاملين بالمؤسسة الوطنية للنفط فرع بنغازي، أحمد الفضلي قال من جانبه إن "الخطوة تعتبر قرارا سياسيا ارتجاليا غير مدروس في وقت صعب تمر به البلاد مع الأخذ بعين الاعتبار المآخذ القانونية حول عدم شرعية حكومة الدبيبة وانتهاء ولايتها حسب ما صدر عن مجلس النواب، ومسألة رفع الدعم عن المحروقات هي مسألة مصيرية يتوقف عليها حياة شعب بأكمله هو من له حق تقرير اتخاذ هذا القرار".
وأوضح أن "الخطوة هي من القرارات الصعبة التي كانت مطروحة منذ فترة النظام السابق ولم يتم تنفيذه لعدم توفر الآلية الصحيحة والبديل المناسب لرفع الدعم عن المحروقات الذي ينعكس مباشرة على حياة المواطن وتغير الأسعار بشكل كبير وهذا يتعارض مع خطة تحسين مستوى الدخل التي قامت بها الحكومة من خلال جدول المرتبات الموحدة التي تهدف لتحسين مستوى معيشة المواطنين"، وفق رأيه.
وأضاف: "البدائل والآليات المقترحة لرفع الدعم عن المحروقات من قبل الدبيبة غير واقعية وغير مدروسة ولا يمكن تطبيقها في الوقت الحالي حسب المعطيات على أرض الواقع، ونستغرب هذا القرار الصادر من حكومة أثبت عليها الفساد من الجهات الرقابية المختصة في الدولة، لذا هو قرار غير صائب وليس في مصلحة المواطن إنما هو قرار سياسي غير مدروس من قبل طرف يحاول استخدام موارد الدولة وتوظيفها سياسيا لصالحه"، وفق تصريحاته لـ"عربي21".