بعد يوم من عملية
طوفان الأقصى التي شنتها كتائب عز الدين القسام في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر
الماضي، والعدوان الإسرائيلي الواسع على القطاع، فإن
حزب الله دخل في عمليات محدودة في
جبهة جنوب
لبنان ما فتئت أن توسعت شيئا فشيئا.
وارتفعت
حدة التهديد بالمزيد من التصعيد، في أعقاب القصف الصاروخي الشديد ووصوله إلى عشرات
الكيلومترات في عمق الجانبين، حتى وصل إلى معقل حزب الله في ضاحية بيروت
الجنوبية .
ووصلت
المواجهات، إلى ذروتها منذ أن اغتال
الاحتلال الإسرائيلي صالح العاروري نائب رئيس المكتب
السياسي لحركة حماس وستة من كوادرها، في غارة جوية بالضاحية الجنوبية لبيروت
يوم 2 كانون الثاني/ يناير الجاري، كما أنها اغتالت القيادي الميداني البارز في حزب
الله وسام طويل، عبر غارة استهدفت سيارته جنوب لبنان في التاسع من الشهر الجاري.
أقرب
إلى حرب واسعة
وفي
أعقاب اغتيال العاروري ورفاقه في بيروت، تزايدت المخاوف من توسع الحرب الإسرائيلية
بغزة إلى لبنان والمنطقة، لا سيما أن أمين عام حزب الله، حسن نصرالله، كان
قد قال مرارا إن "أي اغتيال على أرض لبنان، سيكون له رد فعل قوي، ولا يمكن تحمله
والسكوت عنه".
وفي
3 كانون الثاني/ يناير الجاري، قال نصر الله، إن جماعته تراعي "حتى اللحظة المصالح
اللبنانية، لكن إذا شنت ’إسرائيل’ الحرب على لبنان فسيكون ردنا بلا سقوف".
والاثنين،
كشف رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي، أنه "منذ 7 أكتوبر ونحن نكرر أننا طلاب
استقرار دائم، وندعو إلى حل سلمي دائم، ولكن في المقابل تصلنا تحذيرات عبر موفدين دوليين
من تدمير وحرب على لبنان".
وأضاف:
"نحن نعمل على حل دبلوماسي، ربما سيكون تطبيقه مرتبطا بوقف العدوان على غزة".
وأكد
أن "التهديدات التي تصلنا مفادها أنه يجب انسحاب حزب الله إلى شمالي الليطاني،
في الوقت الذي نشدد فيه نحن على أن هذا الأمر جزء من البحث الذي يجب أن يشمل انسحاب ’إسرائيل’ الكامل من الأراضي التي تحتلها، ووقف اعتداءاتها على لبنان وخرقها للسيادة اللبنانية".
في حين
دعا مبعوث الرئيس الأمريكي الخاص لشؤون أمن الطاقة العالمي آموس هوكستين، والذي يتولى
المفاوضات غير المباشرة بين لبنان والاحتلال الإسرائيلي، الخميس الماضي، من بيروت إلى "تهدئة الوضع في جنوب لبنان، والعمل على حل وسط مؤقت مع ’إسرائيل’ تجنبا للأسوأ".
وكان
هوكستين التقى وزير الحرب الإسرائيلي يوآف غالانت، الذي قال إن هناك "نافذة زمنية
قصيرة، للوصول إلى تفاهمات دبلوماسية مع لبنان"، وشدد على أن "’تل أبيب’ تعمل على
تغيير الواقع الأمني على طول الحدود اللبنانية".
إحصائيات
رسمية من حزب الله
ووفق
خطاب نصر الله في 5 كانون الثاني/ يناير الجاري، فإن حزب الله نفذ ما يزيد
على الـ670 عملية خلال ثلاثة أشهر، وفي بعض الأيام بلغ عدد العمليات الـ23، فيما يبقى المعدل
الوسطي من 6 إلى 7 عمليات عسكرية يومياً".
ولفت
إلى أن "المواقع (الإسرائيلية) الحدودية التي تم استهدافها لعدة مرات، هي 48 موقعا
حدوديا، على طول الحدود الجنوبية من الناقورة (جنوب غرب) إلى آخر مزارع شبعا (جنوب شرق)".
وأوضح
أن "عدد الاستهدافات من قبل الحزب للمواقع 494 استهدافا، فيما بلغ عدد النقاط الحدودية
التي لجأ إليها الجنود الإسرائيليون 50 نقطة حدودية استهدفت أكثر من مرة، إضافة إلى
المواجهات التي خاضها سلاح الدفاع الجوي مع سلاح العدو (الإسرائيلي)، إلى جانب استهداف
17 مستوطنة".
ووفق
نصر الله، فإن الحزب "حصل على تقارير إسرائيلية تقول إن 2000 جريح دخلوا إلى
8 مستشفيات في الشمال الإسرائيلي".
ووصل عدد شهداء حزب الله بسبب المواجهات المستمرة مع الجيش الإسرائيلي إلى
161 منذ 8 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، حتى الأحد، وفق بيانات متلاحقة للحزب.
2000
غارة إسرائيلية على لبنان
وأدت
هذه المواجهات المسلحة التي تقترب يوما بعد يوم من حرب أوسع، إلى تضرر قرى أصبحت خاوية
في الجنوب اللبناني، وطرقات باتت مهجورة من المارة والسيارات، إضافة إلى عشرات القتلى
والمصابين والمنازل المدمرة.
ومنذ
8 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، استشهد جراء القصف الإسرائيلي على جنوب لبنان، 29 مدنيا
لبنانيا، بينهم 3 صحفيين و3 أطفال، إضافة إلى 159عنصرا وقياديا في حزب الله وجندي في الجيش اللبناني، وفق الإعلام اللبناني.
وعلى
الجانب الآخر، تسببت هجمات حزب الله في مقتل 5 مستوطنين و9 جنود، وفق
ما أعلنه جيش الاحتلال الإسرائيلي والسلطات في "تل أبيب".
نزوح
82 ألفا من القرى الحدودية
ومع
تصاعد حدة الاشتباكات في جنوب لبنان مؤخرا، اضطر حوالي 82 ألف مدني إلى مغادرة منازلهم
في مناطق التوتر في جنوب لبنان، فيما سجلت زيادة في أعداد النازحين بنسبة 8 بالمئة
في الفترة ما بين 2 و9 يناير الجاري، واللجوء إلى أماكن أكثر أمنا، بحسب ما أفادت به المنظمة
الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة.
وتفيد
المنظمة في تقريرها الذي نشر الخميس الماضي، بأن نحو 80 بالمئة من النازحين يقيمون
عند عائلات مضيفة، و17 بالمئة استأجروا منازل، وانتقل 1 بالمئة منهم إلى مساكنهم الثانوية،
بينما يعيش نحو 2 بالمئة منهم (1100 نازح)، في 14 مأوى جماعيا..
في حين
لفتت وزارة الخارجية اللبنانية في نص شكوى قدمتها ضد "إسرائيل"، الأربعاء الماضي، إلا أن الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة والمستمرة أدت إلى تهجير ما يزيد على الـ75 ألف مواطن
لبناني من منازلهم في البلدات الجنوبية.
"إسرائيل"
تحرق 50 ألف شجرة زيتون
وأشارت
الخارجية إلى أن "القوات الإسرائيلية أطلقت قذائف فسفورية محرمة دوليا، مستهدفة عدة
مناطق في خراج بلدات عيترون وميس الجبل وبليدا، ما أدى إلى اندلاع حرائق في الأحراج،
وإتلاف 50 ألف شجرة زيتون".
وذكرت
أن الاعتداءات الإسرائيلية على مراكز الجيش اللبناني، قد وصلت إلى 34 اعتداء، حيث قتل
جندي وجرح ثلاثة، منذ اندلاع الأحداث في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023.
وأعلن
لبنان أن "إسرائيل" ما زالت تحتل مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، وتنفذ أعمالا
هندسية فيهما، كما أن "إسرائيل" تتقاعس عن تعيين الحدود في النقاط المتحفظ عليها
من قبل لبنان وعددها 13، ما يعرقل جهود التوصل إلى حل طويل الأجل، وفق الخارجية اللبنانية.
وفي
11 آب/ أغسطس 2006، تبنى مجلس الأمن الدولي بالإجماع القرار رقم "1701" الذي
يدعو إلى وقف كامل للعمليات القتالية بين لبنان و"إسرائيل"، ودعا إلى إيجاد
منطقة بين الخط الأزرق (الفاصل بين لبنان وفلسطين المحتلة) ونهر الليطاني جنوب لبنان،
تكون خالية من أي مسلحين ومعدات حربية وأسلحة، ما عدا التابعة للقوات المسلحة اللبنانية
وقوات "يونيفيل" الأممية.
ومنذ
عام 2006 حتى مطلع تشرين الأول/ أكتوبر 2023، شهدت الحدود الجنوبية استقرارا كبيرا
رغم خروقات محدودة، حيث لم يظهر حزب الله وجودا عسكرياً علنيّاً وسط الحديث
عن وجود أنفاق ومخابئ له.
لكن
منذ أن دخل حزب الله على خط حرب غزة عبر قصف مواقع عسكرية إسرائيلية على
الحدود مع لبنان ورد "تل أبيب" بعنف على بلدات جنوبية، فقد تزايدت المخاوف باحتمالات نشوب
"حرب شاملة" بين البلدين.