نقلت صحيفة "
نيويورك تايمز" الأمريكية، عن عدد من الضباط الكبار
في جيش
الاحتلال الإسرائيلي، بأن هدف الحرب في
غزة بإنهاء حركة المقاومة الإسلامية
"
حماس"، وإعادة الأسرى أحياء، هدفان لا يلتقيان.
وقال الضباط للصحيفة إن حربًا طويلة الأمد في غزة "لهزيمة حماس"
من المحتمل أن تكلف حياة الأسرى لدى المقاومة.
ونقلت عن أربعة مسؤولين كبار في الجيش، بأن هنالك إحباطا في صفوف الجيش
بسبب تباطؤ وتيرة القتال، واستراتيجية الحكومة في التعامل مع غزة، وتزداد القناعة
بأن إطلاق الأسرى لدى حماس مستحيل عبر عملية عسكرية، والحل هو عملية دبلوماسية سياسية.
وأشاروا إلى أن تباطؤ نتنياهو في تحديد أهداف اليوم التالي للحرب، يؤدي إلى
تآكل الإنجازات العسكرية على الأرض في القطاع.
وقالوا: "بدون رؤية طويلة المدى، لن يتمكن الجيش من اتخاذ قرارات
تكتيكية قصيرة المدى. على سبيل المثال، سيتطلب احتلال الجزء الجنوبي من غزة على
الحدود مع مصر تنسيقًا أكبر مع المصريين - لكن مصر ليست مستعدة لذلك".
كما يعتقد الضباط أنه بدون خطة لليوم التالي، فإن الدعم الذي يمنح لإسرائيل
من حلفائها، وعلى رأسهم الولايات المتحدة سواء من حيث التمويل أو التسليح أو من حيث الدعم
السياسي، سوف ينخفض.
وقالت الصحيفة
إنه لـ"تقييم حالة الحملة العسكرية الإسرائيلية، قام الصحفيان رونين بيرجمان وباتريك
كينجسلي بمراجعة خطط المعركة الإسرائيلية وتحدثا إلى العديد من كبار القادة
العسكريين والمدنيين في إسرائيل".
وتحدث كبار
القادة العسكريين بشرط عدم الكشف عن هوياتهم لأنه لم يُسمح لهم بالتحدث علناً عن
آرائهم الشخصية.
وقال القادة
إن غموض رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بشأن خطة ما بعد الحرب في غزة كان على الأقل
جزئيا هو المسؤول عن المأزق الذي يواجهه الجيش في ساحة المعركة.
وردا على
تقرير الصحيفة، قال مكتب نتنياهو في بيان إن "رئيس الوزراء يقود الحرب على
حماس بإنجازات غير مسبوقة وبطريقة حاسمة للغاية".
وأصبحت عائلات
الأسرى أكثر وضوحا بشأن الحاجة إلى تحريرهم من خلال الدبلوماسية وليس القوة. ومنذ
ذلك الحين أُعلن عن مقتل بعض الأسرى الذين تم احتجازهم في غزة وليس من الواضح بعد
الطريقة التي لقوا حتفهم فيها.
وقال خبير
الحرب في جامعة كينغز كوليدج في لندن، أندرياس كريغ: "في الأساس، إن هنالك حالة
من الجمود ولا يوجد طريقة يمكنك من خلالها تحرير الأسرى".
وتابع كريغ:
"إذا ذهبت إلى الأنفاق وحاولت تحريرهم بالقوات الخاصة، أو أي شيء آخر، فسوف
تقتلهم، إما بشكل مباشر أو غير مباشر، في أفخاخ مفخخة أو في تبادل لإطلاق
النار".
لكن القادة
العسكريين يقولون إن حملتهم تعرقلت بسبب البنية التحتية لحماس التي كانت أكثر
تطورا مما قيمه ضباط المخابرات الإسرائيلية في السابق.
إن تحديد موقع
كل نفق وحفره يستغرق وقتًا طويلاً وخطيرًا. والعديد منها مفخخ، بحسب الجيش
الإسرائيلي.
وبمجرد دخوله،
يفقد جندي كوماندوز إسرائيلي مدرب تدريباً عالياً معظم الميزة العسكرية التي يتمتع
بها فوق الأرض، فالأنفاق ضيقة، وهذا يعني أن أي قتال داخلها يقتصر على قتال مباشر
من شخص لواحد.
عشية الغزو
الإسرائيلي، قدر الجيش أنه سيقيم سيطرة عملياتية على مدينة غزة وخانيونس ورفح –
أكبر ثلاث مدن في غزة – بحلول أواخر كانون الأول/ ديسمبر، وفقا لوثيقة التخطيط
العسكري التي استعرضتها صحيفة التايمز.
ولكن بحلول
منتصف شهر كانون الثاني/ يناير، لم تكن إسرائيل قد بدأت بعد تقدمها نحو رفح،
المدينة الواقعة في أقصى جنوب غزة، ولم تتمكن بعد من إجبار حماس على الخروج من كل
جزء من مدينة خانيونس، وهي مدينة رئيسية أخرى في الجنوب.
وبعد أن بدا
أن الجيش قد سيطر على شمال غزة في نهاية العام الماضي، قال إن الحرب دخلت مرحلة
جديدة أقل حدة. وسحب الجنرالات ما يقرب من نصف القوات المتمركزة في شمال غزة
والبالغ عددها 50 ألف جندي في ذروة الحملة في كانون الأول/ ديسمبر، ومن المتوقع
رحيل المزيد بحلول نهاية يناير/كانون الثاني.
وأدى ذلك إلى
خلق فراغ في السلطة في الشمال، مما سمح لمقاتلي حماس والمسؤولين المدنيين بمحاولة
إعادة تأكيد سلطتهم هناك، مما أثار قلق العديد من الإسرائيليين الذين كانوا
يأملون في هزيمة حماس بالكامل في المنطقة.
في الأيام
الأخيرة، عاد ضباط الشرطة ومسؤولو الرعاية الاجتماعية التابعون للحكومة التي
تديرها حماس إلى الظهور في مدينة غزة وبيت حانون، وهما مدينتان شماليتان، وحاولوا
الحفاظ على النظام اليومي واستعادة بعض خدمات الرعاية الاجتماعية، وفقًا لما
ذكرته صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية.
ونقلت الصحيفة عن متحدث رسمي باسم جيش الاحتلال قوله إن التصريحات التي
أدلى بها كبار مسؤولي الجيش لا تمثل الموقف الرسمي للجيش، وإن إطلاق الأسرى هو أحد
أهداف الحرب، بحسب تعبيره.