كشف
رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب
المصري، فخري الفقي، أن نحو 70 بالمئة من
ديون
مصر تذهب لصالح
المشروعات القومية، ما يجعل شعار "الجمهورية الجديدة" الذي
تبناه النظام الجديد خلال السنوات الماضية على المحك.
تصريحات
الفقي، المقرب من دوائر صنع القرار الاقتصادي، سلطت الضوء على الأسباب الحقيقية للأزمة
الاقتصادية التي تمر بها البلاد وتعد الأسوأ، ولطالما دافعت السلطات عن تلك المشروعات
واعتبرتها "إنجازات تاريخية".
وأشار
الفقي إلى أن ديون مصر خلال العام المالي الحالي 2023-2024، بلغت 29 مليار دولار، سددت
مصر منها نحو 14.5 مليار دولار، ومتبق نحو 14.5 مليار دولار سيتم دفعها في شهر حزيران/
يونيو المقبل، كما أنه يتعين على مصر سداد ديون تقدر بنحو 23 مليار دولار في العام المالي
المقبل 2024-2025.
وارتفع
الدين العام المستحق على مصر إلى 95.6 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي مع نهاية السنة
المالية الماضية المنتهية في حزيران/ يونيو الماضي، بحسب وزارة المالية المصرية.
بيع
الديون ومشروعات الجمهورية الجديدة
تحت
وطأة تضخم الديون، تعتزم الحكومة المصرية، للمرة الأولى، تحويل 38 بالمئة من الدين
الخارجي البالغ نحو 165 مليار دولار ويعادل نحو 5 أضعاف الاحتياطي النقدي للبلاد (نحو
35 مليار دولار معظمه ودائع خليجية) إلى استثمار أجنبي مباشر.
وقالت
الحكومة إنها تخطط لتشكيل لجنة وزارية عليا من أجل التفاوض مع عدد من البلدان والبنوك
الدائنة لمصر، من أجل مبادلة الدين العام بحصص في بعض الشركات المملوكة للدولة، في
الوقت الذي تعاني فيه البلاد من أزمة حادة في النقد الأجنبي.
واستدارت
الحكومة المصرية إلى مشروعات "الجمهورية الجديدة"، من أجل بيعها بشكل كامل
أو جزئي أو طرحها في البورصة المصرية في إطار سعيها لجمع أكبر حصيلة من الدولار لسداد
ديونها والتزاماتها الخارجية.
وفقدت
مصر بشكل كامل أو جزئي 13 شركة مملوكة للدولة من بين 35 شركة وأصل بقيمة نحو 5 مليارات
دولار، خلال الفترة من آذار/ مارس 2022 إلى تموز/ يوليو 2023، بحسب ما جاء في وثيقة
صادرة من مجلس الوزراء بشأن "ملامح التوجهات الاستراتيجية للاقتصاد المصري خلال
الفترة 2024- 2030".
وتخطط الحكومة للتخارج من حصص مستهدفة تتراوح بين 25 بالمئة و60 بالمئة من ملكية
عدد من الشركات والأصول المملوكة لها خلال الفترة من تشرين الأول/ أكتوبر 2023 إلى
حزيران/ يونيو 2024 بقيمة 5 مليارات دولار.
تكلفة
المشاريع القومية
أنفقت
مصر عشرات مليارات الدولارات، أي ما يعادل 10 تريليونات جنيه وفق تقديرات مسؤولين
مصريين، من بينها:
45 مليار
دولار تكلفة المرحلة الأولى من العاصمة الإدارية شرق القاهرة.
9 مليارات
دولار تكلفة 4 محطات كهربائية عملاقة.
4.5
مليار دولار تكلفة مشروع "المونوريل" لربط مدينة "6 أكتوبر" بالعاصمة
الإدارية الجديدة.
1.3
مليار دولار تكلفة المرحلة الأولى من مشروع "القطار الكهربائي".
4.45
مليار دولار تكلفة "القطار السريع"، العين السخنة على البحر الأحمر بمدينة
العلمين على البحر المتوسط.
8 مليارات
دولار تكلفة حفر "تفريعة قناة السويس" عام 2015.
30 مليار
دولار تكلفة إنشاء أولى محطات الطاقة النووية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
"مشروعات
عديمة الجدوى"
اعتبر
عضو لجنة القوى العاملة والصناعة بمجلس الشورى السابق، طارق مرسي، أن "تصريحات
الفقي لم تأت بجديد؛ فقد حذر خبراء ومحللون اقتصاديون ومراكز دراسات من السلوك الاقتصادي
المصري لنظام 3 يوليو، وما وصلنا إليه اليوم من وضع كارثي كان الجميع حذر منه في بداية
المسار. ولم يدعم هذا الاتجاه إلا جوقة النظام وأركانه وبعض سدنته وأذرعه الإعلامية".
وأضاف
لـ"عربي21": "الآن بعد أن وقعت الواقعة وانزلق الاقتصاد المصري إلى
مستوى الكارثة وبات على شفا الإفلاس، لم يتهيب بعض أزلام النظام من الإشارة صراحة إلى
أن المشروعات القومية هي سبب كارثية الوضع الحالي وبؤسه".
وأكد
مرسي أن مصر ستواجه "أياما سوداء ومستقبلا كئيبا".
ورأى
القيادي العمالي أن "مشروعات البنية التحية لا تعوض ما تفقده البلد من أصول وشركات
استثمارية تعد عصب الدولة الاقتصادي وأمنها القومي"، وقال إن "كل من تناول
دراسة المشروعات التي تمت وبمنتهى الحيادية يؤكد أن تلك المشروعات هي في أفضل الأحوال
مشروعات خدمية ليس لها عائد، فضلاً عن المشروعات الوهمية التي اصطلح أن يطلق عليها
إعلاميا "الفنكوش"، وهذه توضع في خانة الفساد والسرقة وتضييع رأس المال بصورة
مباشرة".
وما إذا كان هذا التدهور هو نتاج سوء تخطيط وتقدير أم مصالح خاصة، جزم مرسي بأنها "عمالة
سافرة من نظام السيسي والعسكر لتدمير مقدرات الوطن عن قصد في مقابل دعم خارجي لبقاء
استحواذ العسكر على السلطة وهيمنة الجنرالات على تركة مصر التي نهبوها منذ 1952".
"أي
إنجازات مع استدانة ثمن القمح لإنتاج الخبز"
من جهته،
قال الخبير الدولي في التمويل والاقتصاد والأكاديمي، أشرف دوابة إن "مشروعات النظام
المصري منذ بدء الإعلان عن تفريعة قناة السويس انتهت بوقوف البلاد على حافة الإفلاس،
وأصبحت طاردة للمستثمرين المحليين قبل الأجانب، ولطالما حذرنا من تداعيات إنشاء مشاريع
وهمية لتخدير الشعب وثبت فشل جدواها للداني والقاصي".
وأضاف
في تصريحات لـ"عربي21": "العديد من المشروعات المتعلقة بالبنية التحتية
كبدت البلاد خسائر ضخمة، ومنذ 10 سنوات لم يستطع النظام توفير مشروعات حقيقية تحتوي
ملايين الشباب العاطلين، وهذه المشروعات ليست مشروعات إنتاجية أو دائمة حيث ينتهي العمل
بها بانتهاء تلك المشروعات".
واختتم
حديثه بالقول: "بعد 10 سنوات من مشروعات لا طائل من ورائها كلفت الدولة عشرات
مليارات الدولارات ومثلها ديون خارجية وأضعافها ديون محلية سوف تتحمل فاتورتها الأجيال
الحالية والمقبلة، ويتحمل تبعاتها المواطن حتى باتت تسديد ثمن القمح لإنتاج الخبز..
عن أي إنجازات نتحدث؟".