بدأ الرئيس الانتقالي في
تشاد محمد إدريس ديبي إتنو، الأربعاء، زيارة لروسيا هي الأولى له منذ توليه السلطة، التقى خلالها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وفي تصريحات صحفية عقب مباحثاته مع بوتين في موسكو، قال ديبي، إن بلاده "دولة شقيقة لروسيا" مضيفا أن "تشاد دولة ذات سيادة وأنا هنا لتعزيز العلاقات مع دولة صديقة" في إشارة إلى
روسيا.
بدوره عبر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن استعداد موسكو لتقديم الدعم لتشاد من أجل "تحقيق التنمية والأمن والاستقرار".
وقال بوتين مخاطبا ديبي إتنو: "نتابع التطورات في بلادكم عن كثب، وأنتم تعلمون أننا نتابع بقلق بالغ الأحداث التي تتعلق بمكافحة الهجمات الإرهابية وما حدث لوالدكم، أود أن أجدد تعازي لكم به ومواساتنا الحارة".
وأضاف: "نرحب بالاستفتاء على الدستور الذي أجري في بلادكم، وأنا واثق من أن الانتخابات العامة ستجرى هناك على أرفع مستوى في المستقبل القريب، ونحن سعداء لأنكم تمكنتم من تحقيق الاستقرار في بلادكم، وسنبذل قصارى جهدنا لمساعدتكم في ذلك".
مؤشر القطيعة مع باريس
ويرى متابعون أن زيارة ديبي لروسيا مؤشر واضح على توجه تشاد نحو بداية القطيعة مع
فرنسا، خصوصا في ظل سعي موسكو لنشر قوات "الفيلق الأفريقي" كبديل عن
فاغنر، وسيتم التركيز في نشرها على دول بعضها تحد تشاد.
وتعتزم روسيا تشكيل قوات عسكرية خاصة تعرف باسم "الفيلق الأفريقي" بديلا لمرتزقة فاغنر، ولكن بشكل ومهام مختلفة وربما أكثر تأثيرا على ليبيا وبقية الدول الأفريقية.
وتوقعت وسائل إعلام روسية، أن تستكمل هيكلة هذه القوة بحلول صيف 2024، وتنشط في ليبيا وبوركينا فاسو ومالي وجمهورية
أفريقيا الوسطى والنيجر.
وتعتبر تشاد آخر شريك رئيسي لفرنسا في منطقة الساحل، بعد الانسحاب القسري للجنود الفرنسيين من مالي في أغسطس 2022، وبوركينا فاسو في فبراير 2023، والنيجر في ديسمبر الماضي.
ويرى الخبير المختص في شؤون الساحل الأفريقي، إسماعيل الشيخ سيديا، أن الرئيس التشادي محمد إدريس ديبي إتنو، لم يكن على علاقة جيدة مع روسيا؛ خصوصا مع استتباب الوضع في وسط أفريقيا على يد فاغنر.
وأضاف في تصريح لـ"عربي21"، أن "اندلاع حرب أهلية في السودان القريب من تشاد والمساعدة العسكرية التي تلقاها من لدن جماعة اللواء الليبي المتقاعد خليفه حفتر للضغط على معارضة تشاد المسلحة، جعلته يقترب من روسيا".
ولفت ولد الشيخ سيديا، إلى أن زيارة ديبي، لروسيا في هذه الفترة، مؤشر واضح على توجه تشاد نحو المعسكر الروسي، مثل غالبية بلدان الساحل.
ومنذ وصوله إلى السلطة حافظ ديبي الابن على تحالف والده الوثيق مع فرنسا، غير أن المستجدات في المنطقة دفعته على ما يبدو إلى مراجعة تحالفه مع باريس التي انسحبت بشكل كامل من منطقة الساحل، خصوصا في ظل الرفض الشعبي في تشاد للتواجد العسكري الفرنسي في البلاد.
تفكك مجموعة الساحل
ولا يستبعد متابعون أن يكون تفكك مجموعة الساحل الأفريقي، من بين العوامل التي دفعت الرئيس التشادي لمحاولة نسج علاقات مع موسكو الحضارة بقوة في المنقطة، على حساب فرنسا.
وفي كانون الأول/ ديسمبر الماضي أعلن رسميا عن تفكك مجموعة الساحل الأفريقي الخمسة بعد انسحاب بوركينا فاسو والنيجر وقبلهما مالي منها.
ومجموعة دول الساحل الأفريقي، تجمع إقليمي للتنسيق والتعاون، تأسس عام 2014 بنواكشوط، وكان يضم: موريتانيا، وتشاد، وبوركينا فاسو، والنيجر ومالي.
ومقابل تفكك مجموعة الساحل وتصاعد الحضور الروسي في المنطقة يبدي حلف شمال الأطلسي (الناتو) اهتماما متزايدا بموريتانيا تعزز أكثر خلال قمة الحلف في مدريد العام الماضي والتي دُعيت إليها دولتان فقط من خارج الحلف هما موريتانيا والأردن.
وفي مقابلة مع وكالة الأنباء الموريتانية، العام الماضي، قال نائب الأمين العام المساعد للحلف للشؤون السياسية والسياسة الأمنية، خافيير كولومينا، إن "موريتانيا هي الشريك الوحيد للحلف في منطقة الساحل، وهي الوحيدة التي يمكنها النفاذ لبعض أدواتنا بطريقة منهجية لأنها شريك" وفق تعبيره.
حضور روسيا في المنطقة
وتصاعد الحصور الروسي في منطقة الساحل الأفريقي بشكل متسارع خلال الأشهر الأخيرة، مدفوعا بمزاج شعبي يميل لصالح لروسيا بدل فرنسا التي هيمنت على المنطقة لسنوات، خصوصا في مالي وبوركينا فاسو والنيجر.
وشهدت هذه البلدان الثلاثة خمسة انقلابات عسكرية آخرها في النيجر، في 26 يوليو الماضي، ما أدى إلى تشكل مجالس عسكرية مناهضة للتواجد العسكري الفرنسي في المنطقة، ومحاولة استخلافه بالتعاون العسكري مع روسيا، وشركتها الأمنية فاغنر.
هذه البلدان الثلاثة أعلنت كذلك عن تشكيل تحالف للدفاع المشترك، مدعوم بشكل كبير من روسيا وقوات فاغنر.