أعلنت ثلاث دول أفريقية هي مالي وبوركينافاسو والنيجر، انسحابها من المجموعة الاقتصادية لدول غرب
أفريقيا (
إيكواس) في خطوة فاجأت المتابعين للشأن الأفريقي.
ووجهت البلدان الثلاثة في بيان مشترك، اتهامات مثيرة لـ"إيكواس"، قائلة إن قرار الانسحاب جاء استجابة لتوقعات وتطلعات شعوبها، معتبرة أن المنظمة "حادت عن المثُل العليا لآبائها المؤسسين وروح الوحدة الأفريقية".
وأضاف البيان: "إيكواس المتهمة بالخضوع لتأثير قوى أجنبية وخيانة مبادئها تشكل تهديدا للدول الثلاث".
وأوضح البيان، أن إيكواس، لم تساعد البلدان الثلاثة في حربها ضد الإرهاب؛ و"عندما أرادت البلدان المعنية اتخاذ خطوات بشأن مكافحة الإرهاب، تعرضت لعقوبات لا يمكن تصورها، وغير قانونية".
وفي أول تعليق منها على القرار قالت "إيكواس" في بيان، إنها تتابع التطورات عن كثب وستدلي بمزيد من البيانات بالتوازي مع تطور الوضع.
تحالف بديل
وكانت مالي وبوركينافاسو والنيجر، قد أعلنت سبتمبر الماضي عن تأسيس تحالف بينها يهدف إلى إنشاء "هيكلية للدفاع المشترك، والمساعدة الاقتصادية المتبادلة".
وينص اتفاق إنشاء هذا التحالف على أن الهجوم على إحدى الدول الموقعة سيعتبر بمثابة هجوم على جميع الدول الأخرى، ويمكن لجميع الأطراف الرد بشكل فردي أو جماعي، بما في ذلك استخدام القوة المسلحة.
وفي ما يبدو فإن الدول الثلاث أرادت أن يكون هذا التحالف بديلا عن جميع تحالفاتها بالقارة، إذ سبق أن انسحبت الدول الثلاث في ديسمبر الماضي من مجموعة دول الساحل الخمس، وبررت حينها القرار بأن المجموعة "لم تحقق أهدافها بعد مرور حوالي 9 سنوات على تأسيسها".
ومجموعة دول الساحل الأفريقي، تجمع إقليمي للتنسيق والتعاون، تأسس عام 2014 في نواكشوط، وكان يضم موريتانيا، وتشاد، وبوركينا فاسو، والنيجر ومالي، قبل أن يعلن رسميا في ديسمبر الماضي عن تفككه.
قطع الخطوط مع المنظومة القائمة
ويرى الباحث بالمركز الموريتاني للدراسات والبحوث الاستراتيجية، المختار ولد نافع، أن قرار الدول الأفريقية الثلاث الانسحاب من المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) وقبل ذلك الانسحاب من مجموعة دول الساحل الأفريقي الخمس، هو دليل على انتهاج هذه الدول لسياسة قطع الخطوط مع المنظومة القائمة.
ولفت في تصريح لـ"عربي21" إلى أن انسحابات هذه الدول من المنظومات القائمة في القارة تزامن مع إنشاء تحالف استراتيجي بين الدول الثلاث، فضلا عن خطوات خاصة قامت بها كل دولة من هذه الدولة وحدها، ومن بين تلك الخطوات، قرار مالي إنهاء اتفاق المصالحة مع الطوارق.
وأضاف ولد نافع: "هذا النهج الراديكالي أو الثوري بعبارة أخرى يدل من جهة على تعويل قادة هذه الدول وهم عسكريون شباب على روح التحدي لمواجهة المشاكل التي تعيشها دولهم".
وتابع: "هذا النهج يدل أيضا على أن مجمل المنظومة التي كانت سائدة في غرب أفريقيا من منظمات وتحالفات أصبحت عاجزة عن إقناع جميع الدول بأهميتها، لاسيما أنها متمحورة في التحالف مع الغرب وهو لم يعد اللاعب الوحيد في المنطقة".
ويأتي هذا القرار أيضا في سياق توجه هذه البلاد نحو معسكر روسيا والصين، والقطيعة مع الغرب وفرنسا بشكل خاص التي غادر جنودها المنطقة.
تداعيات متوقعة
ويرى متابعون أن القرار ستكون له تداعيات اقتصادية مباشرة على البلدان الثلاثة التي لا تمتلك منافذ بحرية، في ما قد يشكل بداية تصدع هذه المنظمة التي تدخلت منذ إنشائها في عدد من صراعات القارة الأفريقية.
ويتوقع أن يؤثر القرار بشكل مباشر على حركة البضائع والأفراد بين هذه الدول وباقي دول "إيكواس".
وتواجه الدول الثلاث أوضاعا اقتصادية صعبة، وتوترت علاقاتها مع "إيكواس" بعد أن فرضت الأخيرة عقوبات على هذه الدول بسبب الانقلابات التي عرفتها، حيث يحكم هذه الدول حاليا قادة عسكريون قادوا انقلابات، في مالي عام 2020، وفي بوركينافاسو عام 2022 وفي
النيجر عام 2023.
ووفق معطيات البنك الدولي فإن نسبة الفقر في بوركينافاسو تبلغ 31% فيما تبلغ 50% في النيجر و15% في مالي.
واستنادا إلى معطيات البنك الدولي فإنه بلغ الناتج المحلي في بوركينافاسو سنة 2022، حوالي 18.9 مليار دولار، وفي مالي 18 مليار دولار، وفي النيجر 14 مليار دولار.
ووفق المصدر نفسه فإنه بلغ النمو الاقتصاد سنة 2022 في
بوركينا فاسو 1.5% وفي مالي 3.7% وفي النيجر 4.2%، فيما وصل التضخم في نفس الفترة إلى 14.3% في بوركينافاسو و4.2% في النيجر و9.6% في مالي.
ما هي "إيكواس"
تأسست المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) سنة عام 1975 بهدف تعزيز التنمية الاقتصادية بين أعضائها.
وتضم المنظمة 15 دولة أفريقية هي: غامبيا وغينيا وغينيا بيساو وليبيريا ومالي والسنغال وسيراليون وبنين وبوركينا فاسو وغانا وساحل العاج والنيجر ونيجيريا وتوغو والرأس الأخضر.
ويبلغ مجموع سكان دول المجموعة 350 مليون نسمة، فيما تبلغ مساحتها الإجمالية 5 ملايين كيلومتر مربع، أي 17% من إجمالي مساحة قارة أفريقيا.