استعرض مقال نشرته صحيفة "إسرائيل اليوم" لـ يهودا بيلانغا، الخبير في شؤون العالم العربي في قسم الدراسات اليهودية في جامعة "بار إيلان" العلاقات بين
الاحتلال ومصر.
وقال بيلانغا: "منذ توقيع اتفاقية السلام بين إسرائيل ومصر في مارس 1979، فقد شهدت العلاقات بين الطرفين بعض التقلبات. فالهجمات التي استهدفت الإسرائيليين القوميين (بما في ذلك الدبلوماسيون) من ناحية، والخلافات المتعلقة بالسياسة تجاه لبنان والفلسطينيين من ناحية أخرى، كثيراً ما أدت إلى عودة السفراء إلى أوطانهم".
وأضاف، أنه "رغم كل شيء، فإن المصريين يعتبرون أن الاتفاق هو أحد ركائز الأمن القومي المصري، أو كما قال عبد الفتاح السيسي: ’مصر تبنت السلام كتوجه استراتيجي’"،
وأوضح أن "الاتفاق يمنح مصر السلام على الجبهة التي احتلتها على مدى ثلاثة عقود في خمس حروب، وهو السلام الذي يسمح لها بتحويل الميزانيات إلى قنوات أخرى غير الجيش".
وتابع: "السلام يعزز مكانتها الإقليمية والدولية، من بين أمور أخرى، كعامل وسيط بين إسرائيل والفلسطينيين أو الدول العربية الأخرى، ومقارنتها بصورة دولة تسعى للسلام في فضاء عربي ومعاد، كما أنه يتيح السلام لمصر التعاون الوثيق مع إسرائيل في إطار الحرب على الإرهاب في ساحة سيناء".
واستدرك بأنه "على الرغم من تنوع المزايا، فإن مصر لم تستوعب بعد جوهر السلام مع إسرائيل. ويسود سلام بارد بين الطرفين، دون أي محاولة من جانب السلطات في القاهرة لبث الدفء في العلاقات بين الشعبين أو العمل على تغيير رأي الجمهور المصري ونظرته لمواطني إسرائيل على وجه الخصوص، واليهود بشكل عام".
وأردف، بأن "المؤسسة المصرية، ناهيك عن جماهير الشعب، لا تزال ترى إسرائيل عدوا محتملا يجب تحقيق المساواة الاستراتيجية معه. وقد انعكست هذه الأمور في عملية تحديث طويلة وشاملة، عسكرية في المقام الأول، والتي بدأت في أوائل الثمانينيات من القرن الماضي".
وبحسب الكاتب، فإن "هذه النقطة تقود إلى قضية
محور فيلادلفيا التي تصدرت عناوين الأخبار في الأسابيع الأخيرة. وبعد الانسحاب الإسرائيلي من القطاع عام 2005، توصلت إسرائيل ومصر إلى تفاهم، تقوم بموجبه قوة قوامها 750 من حرس الحدود المصريين باحتلال المحور البالغ طوله 12 كيلومترا والعمل على منع الإرهاب والتهريب من سيناء إلى
غزة".
وقال: "إن مصر نفسها غضت الطرف وسمحت لصناعة التهريب خاصة الأسلحة بأن تصل إلى أبعاد فظيعة، وهي الآن تنكر وجود الأنفاق وتشعر بالإهانة من الاتهامات الموجهة إليها".
وأشار إلى أن "احتلال إسرائيل لمحور فيلادلفيا والسيطرة عليه هو وحده الذي سيؤدي إلى سد الثغرات من سيناء، وسيقطع خطوط إمداد ’حماس’ بالأسلحة، وسيساهم بشكل كبير في انهيار الحركة".
وتابع: "إلا أن نظام السيسي غير مهتم بهذا النقطة رغم عدائه للإخوان المسلمين بشكل عام و’حماس’ بشكل خاص، فقد حافظ المصريون على علاقة وثيقة مع القيادة في غزة.".
وبين، أنه "من وجهة نظر القاهرة، فإن التنظيم الإرهابي يشكل رادعاً ضد إسرائيل، ومن شأن القضاء عليه أن يقلل من درجة النفوذ المصري على الفلسطينيين".
"ولهذا السبب فإن الموافقة المصرية على عودة إسرائيل إلى محور فيلادلفيا تعني إعطاء الضوء الأخضر للإطاحة بـ’حماس’ ومساعدة إسرائيل في حربها ضد الفلسطينيين، وهي خطوة لن يتسامح معها الرأي العام المصري، ونتيجة لذلك فإن القيادة لن تقبل"، وفقا لكاتب المقال.
وأضاف: "هناك نقطة أخرى تتعلق بتخوف مصر من انتقال المسؤولية عن غزة إلى أبوابها، ومن موجة اللاجئين التي ستغمر محور فيلادلفيا وتخترق الحدود باتجاه مصر ورفح سيناء".
وفي نظر المصريين، فإن مثل هذه الخطوة ستكون نتيجة جهد إسرائيلي متعمّد، ولذلك أعلن السيسي أن أي محاولة إسرائيلية لاقتلاع الفلسطينيين من غزة من أجل توطينهم في سيناء ستكون سببا للحرب.
وتساءل الكاتب: "كيف تتم تسوية الخلاف وتحقيق أهداف الحرب دون المساس بالعلاقات مع ’أم الدنيا’ أو الإضرار بها؟ ويجب أن نتذكر أن النشاط الإسرائيلي في غزة ينعكس على أعدائنا، ولكن أيضا على الدول التي وقعنا معها اتفاقات سلام".
ويرى أن "الكشف عن الضعف، أو إنهاء الحملة في ما يمكن اعتباره خسارة سيشجع الجميع على تحدّي إسرائيل وجني الأرباح منها، لذلك، فإنه إلى جانب الحاجة الضرورية للسيطرة على محور فيلادلفيا من أجل إسقاط ’حماس’، لا بد من تنسيق المواقف مع مصر، وتوضيح أهمية المصلحة الأمنية المتبادلة في العمل، وفوق كل شيء، يجب طمأنة القاهرة بأنه ليس لدى إسرائيل أي نية لتوطين الغزيين في سيناء".
وختم، بأنه "قد يكون من المفيد تقديم مخطط أولي لخطة اليوم التالي".