بعد تصريحات رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك الأسبوع
الماضي عن تزايد خطر
التطرف في
بريطانيا، تعمل الحكومة التي يقودها المحافظون على
توسيع تعريف التطرف ليشمل منظمات إسلامية وأخرى مؤيدة للفلسطينيين إلى جانب منظمات
بيئية ونسوية.
وكان سوناك قد حذر يوم الجمعة في تصريح مفاجئ، بعد فوز
السياسي جورج غالاوي في انتخابات فرعية في شمال إنكلترا، مما أسماه "حكم الغوغاء".
ورغم إشارته إلى الإسلاميين المتطرفين واليمين المتطرف، إلا أنه ركز هجومه على
المظاهرات المؤيدة لفلسطين التي تتواصل منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، كما
اعتبر فوز غالاوي مؤشرا "أكثر من مقلق".
وحذر سوناك من "السم" الذي ينتشر، وقال إن
"الإسلاميين المتطرفين وجماعات اليمين المتطرف ينشرون السم"، واصفا
الطرفين بأنهما "وجهان لعملة واحدة"، كما حذر من الذين يسعون لتمزيق
البلد.
وبحسب صحيفة الغارديان، فإن وزير المجتمعات مايكل جوف
يُنتظر أن يُعلن عن سياسة جديدة تتيح للجامعات والجهات الحكومية والمحلية قطع الروابط
مع المنظمات التي يمكن تعريفها كمتطرفة وفق التعريف الجديد.
ويمكن أن يشمل تعريف التطرف منظمات مثل المجلس
الإسلامي البريطاني وحركة العمل
الفلسطيني (Palestine Action)،
ومنظمة التضامن مع فلسطين (PSC) التي
تلعب دورا كبير في تنظيم المظاهرات المطالبة بوقف إطلاق النار في غزة منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.
ورغم أن السياسة الجديدة ليست ملزمة قانونيا، إلا أنها
ستجعل استئجار الأماكن لإقامة الأنشطة أو الحصول على تمويل أكثر صعوبة، كما يمكن
أن تمنع مشاركة النواب وأعضاء المجالس المحلية في أنشطة المنظمات المعنية، بحجة دور
هذه المنظمات "في تقويض القيم البريطانية".
ومشروع إعادة تعريف التطرف ليس جديدا وتم الكشف عنه
العام الماضي، لكن الجديد في الأمر هو تسريع العمل في المشروع وربطه بشكل أساسي
بالمظاهرات التي تشهدها شوارع بريطانيا لأسباب مختلفة، وخصوصا بشأن الحرب في غزة.
من جهته، قال وزير التجارة جريج هاندز إنه لن يكون
سعيدا إذا ما شمل التعريف مثلا منظمات نسوية ترفض الاعتراف بالمتحولين جنسيا.
وأضاف: "المزيد من العمل يتم إنجازه، لكننا نحتاج
لاستهداف التطرف الحقيقي وليس لمجرد الاختلاف في الآراء".
كما حذر أعضاء محسوبون على الجناح اليميني في حزب
المحافظين، مثل اللورد فورست، من أن توسيع تعريف التطرف قد يشمل مجموعات تناهض
الإجهاض أو أشخاصا يعبرون عن وجهات نظر محافظة اجتماعيا أو الذين يعارضون
التحول الجنسي.
وقالت النائبة ميريام كيتس، وهي من الجناح اليميني في
الحزب، إن "محاولة تعريف التطرف أو القيم البريطانية الأساسية فيه مخاطرة،
لأن تطرف شخص هو (في المقابل) تمسك بإخلاص من شخص آخر واعتقاد قانوني".
ويحاول الجناح اليميني ألا يشمل التعريف المنظمات أو
الأشخاص الذين يتبنون وجهات نظر محافظة، ويسعون لأن يقتصر التعريف على المنظمات
الإسلامية أو المؤيدة لفلسطين أو تلك التي تتبنى أجندة مرتبطة بالبيئة مثل "Just Stop Oil"
(أوقفوا النفط) أو "Extinction Rebellion"
التي تنشط في الشارع.
كما يثير توسيع تعريف التطرف مخاوف المحافظين من بروز
تحالفات غير عادية بين الجهات المتضررة من التعريف.
وتتضمن الخطط الحكومية الجديدة أيضا زيادة دعم برنامج
"بريفنت" الخاص بمحاربة التطرف، حيث تضغط الحكومة على الجامعات لمواجهة
ما تصفها بالأنشطة المتطرفة في مقراتها، إلى جانب اتخاذ إجراءات لمنع دخول من يُتهمون
بالتطرف أو تسهيل ترحيلهم من بريطانيا.
والخطط التي تتم صياغتها من مستشار
الحكومة للعنف السياسي، جون وودكوك، تنص على أن قادة التيارات السياسية الرئيسة يجب
أن يبلغوا ممثليهم بأن يتبعوا نهج "صفر تسامح" مع المجموعات التي تستخدم
تكتيكات هدامة أو تفشل في وقف الكراهية في المسيرات.
ونقلت الغارديان عن متحدثة
باسم حركة العمل الفلسطيني (Palestine Action) قولها إن
أي تغيير لن يوقف أنشطتها، وأن الحركة ما زالت تجتذب المزيد من الدعم.
وأضافت: "كانت هناك محاولات من قبل لتعريف التطرف
لكنها لم تعمل، لكن عندما يتحدثون عن القيم البريطانية كما هي فأنا لا أصدق أن هذا
يسعى لدعم الإبادة الجماعية في غزة".
ونظمت الحركة العديد من الاحتجاجات في مواقع لمصانع
أسلحة تزود إسرائيل بالمعدات العسكرية التي تستخدم في العدوان على غزة.
وكان سوناك قد هاجم المظاهرات المتواصلة لمؤيدي فلسطين
والمطالبين بوقف إطلاق النار في غزة، ودعاهم لعدم السماح لـ"المتطرفين"
بـ"اختطاف" المظاهرات.
وذكر سوناك أن الحكومة بصدد الإعداد لإطار عمل جديد
بشأن تعامل الشرطة مع المظاهرات، هذا الشهر. وقال إنه التقى مع قادة الشرطة، وأنه
كان واضحا بأن الناس يتوقعون منهم ليس فقط "إدارة" الوضع، بل ممارسة
صلاحياتهم على المظاهرات.
وتتهم الحكومة وأعضاء حزب المحافظين مظاهرات مؤيدي
فلسطين بالكراهية ومعاداة السامية، وهو ما يرفضه منظمو هذه التظاهرات، كما تثير انتقادات الحكومة مخاوف من التعرض لحرية التعبير في بريطانيا.