حذرت صحيفة
"هآرتس" اليسارية العبرية من تعرض
الاحتلال لعقوبات دولية إذا لم يستجب
لقرار
مجلس الأمن الدولي الأخير.
وقالت
إن تجاهل "إسرائيل" لقرار مجلس الأمن الذي يدعو إلى وقف إطلاق النار في
غزة
يمكن أن يشجع دولا على فرض
عقوبات عليها.
ونقلت
الصحيفة عن خبراء في القانون الدولي قولهم إنه رغم أن مجلس الأمن نفسه لا يتوقع أن
يفرض عقوبات، إلا أن القرار، الذي يضاف إلى إجراءات قانونية دولية أخرى، يمكن أن يعطي
الدعم لدول مختلفة من أجل قطع علاقاتها مع تل أبيب ووقف التجارة معها، وهكذا يعزلها
سياسيا واقتصاديا.
البروفيسور
الياف ليبليخ من جامعة "تل أبيب" قدر أنه إذا لم تمتثل "إسرائيل"
لقرار مجلس الأمن فإن عزلتها في العالم ستزداد.
في
المقابل يعتقد روعي شاين دورف، النائب السابق للمستشار القانوني للحكومة
الإسرائيلية في الشؤون الدولية، أنه في الساحة الدولية "كل هذا سياسة".
وتزعم
الصحيفة أن هناك خلافا بين الخبراء القانونيين حول قرارات مجلس الأمن التي تتخذ وفق
الفصل السادس. وتقول إنه حسب أحد المواقف، فإن القرارات التي تتخذ استنادا للفصل السادس
يمكن أن تكون ملزمة، وهذا يتعلق فيما إذا كانت هذه القرارات مصاغة كـ "قرار"
أو "توصية". وحسب موقف آخر فإن القرارات التي تتخذ استنادا للفصل السادس
هي دائما بمثابة توصيات. والقرار الأخير لم يتم القول فيه إذا كان توصية أو قرارا.
وحسب الولايات المتحدة مثلا هذا قرار غير ملزم.
وتضيف
الصحيفة أن هناك انقساما أيضا حول مسألة إذا كان القرار ملزما قانونيا لـ"إسرائيل"
أو أن له طابعا إعلاميا فقط.
وتنقل
عن تمار مغيدو من "الجامعة العبرية" قولها إن "هناك نقاشا قديما حول هل
مطلوب أن يشير مجلس الأمن في قراره أنه اتخذ حسب الفصل السابع كي يكون القرار ملزما،
وأيضا هل مطلوب استخدام مفهوم "يقرر" من أجل أن يتم تفعيل الإلزام؟".
حسب مغيدو فإنه "في العقود الأخيرة كانت الممارسة السائدة أنها اعتبرت القرارات
التي لم تتم الإشارة فيها إلى أنها تستند إلى الفصل السابع، قرارات ملزمة إذا استخدمت
فيها أفعال "مطالبة" أخرى مثل الحالة مدار الحديث "يطالب"".
حسب
ليبليخ فإنه من ناحية قانونية معنى القرار هو طلب من مجلس الأمن بالوقف الفوري لإطلاق
النار، وأيضا طلب تحرير غير مشروط للمخطوفين، وخلافا للأصوات التي تسمع في "إسرائيل"
فإن قرارات مجلس الأمن التي تصاغ بمثل هذه اللهجة هي ملزمة. "إسرائيل ستقول إن
هذه الطلبات مرتبطة ببعضها، لكن كثيرين في المجتمع الدولي سيقولون إن هذه واجبات مستقلة،
لذلك مطلوب وقف فوري لإطلاق النار حتى نهاية شهر رمضان دون صلة بتحرير المخطوفين".
من جهة
أخرى، يقول شاين دورف إن القرار غير ملزم قانونيا لأنه اتخذ استنادا إلى الفصل السادس
في ميثاق الأمم المتحدة.
تمار
اوستفسكي برانديس من الكلية الأكاديمية "كريات اونو" أكدت أنه في كل الحالات
"هذا لا يعني أن هذا القرار غير هام أو أنه لن تكون له تداعيات. فهو يشير إلى
ما يتوقع من الطرفين، ويؤثر على الطريقة التي تحسب فيها الدول خطواتها أمام إسرائيل".
أيضا
شاين دورف يوافق على أن القرار هو تطور هام لأنه "يعكس اتفاقا سياسيا ودبلوماسيا
بأنه مطلوب وقف لإطلاق النار". وهو يشير إلى أن "القرار تمت صياغته بشكل
متعمد بصورة تمكن من تفسيرات مختلفة حول مسألة إذا كان وقف إطلاق النار متعلقا أو غير
متعلق بتحرير المخطوفين".
مغيدو
تقول أيضا إن مجرد القرار حول وقف إطلاق النار للمرة الأولى منذ بداية الحرب هو خطوة
هامة من ناحية قانونية. وهي توافق أيضا على أنه "يمكن الجدل حول تفسيره. وهل حقيقة
أن المطالبة بوقف إطلاق النار في شهر رمضان أشير إليها في نفس الفقرة مع المطالبة بإطلاق
سراح المخطوفين المحتجزين في القطاع، يعني بأنهما يتعلقان ببعضهما، أو أن المطالبة
بوقف إطلاق النار مستقلة، ولذلك هو ملزم دون صلة بمسألة إذا كان سيتم إطلاق سراح المخطوفين".
تطور
مهم آخر وهو حقيقة أنه للمرة الأولى منذ اندلاع الحرب لم تمنع الولايات المتحدة بواسطة
حق "الفيتو" اتخاذ قرار في مجلس الأمن حول وقف إطلاق النار وامتنعت عن التصويت.
حسب الخبراء فإنه لاستخدام "الفيتو" يوجد ثمن بالنسبة لإدارة بايدن، سواء
داخليا أو دوليا. والقرار الأمريكي بعدم استخدام الفيتو في هذه المرة يعتبر رسالة لـ"إسرائيل"
بأنه لا يمكنها الاعتماد بأن الولايات المتحدة ستفشل القرارات ضدها في مجلس الأمن.
وبحسب
ليبليخ فإن "الفيتو الأمريكي ليس موردا غير قابل للنفاد. توجد هنا رسالة تقول بأن
الدعم المطلق وصل إلى النهاية. وأنه إذا لم تتغير الأمور فيما بعد من ناحية إصغاء إسرائيل
للولايات المتحدة فإنه يمكن أن تكون هناك قرارات أصعب تجاهها".
وحسب
ليبليخ فإن رد وزير الخارجية الإسرائيلية على القرار "يعكس الاستخفاف الكبير بالهيئة
الأكثر أهمية في المجتمع الدولي، التي أيضا إسرائيل تعتمد عليها في كل ما يتعلق بالوضع
في لبنان. هذا سلوك غير مقبول ويضع إسرائيل خارج المعسكر".
هوستفسكي
ترى أن "دولا، وليس مجلس الأمن، هي التي فرضت عقوبات على روسيا في أعقاب غزو أوكرانيا،
وهذه العقوبات شملت قطع العلاقات الاقتصادية وقطع علاقات الطيران وفصلها عن المنظومة
المصرفية"، وأضافت: "هذه وسائل جدية ستجد إسرائيل صعوبة كبيرة في الصمود
أمامها. قرار مجلس الأمن والأوامر ضد إسرائيل التي أعطيت من قبل محكمة العدل في لاهاي
والرأي القانوني الاستشاري الذي على وشك أن تعطيه المحكمة في لاهاي بخصوص التداعيات
القانونية لنشاطات إسرائيل في المناطق، كل ذلك يخلق صورة دولة لا تحترم القانون الدولي".