وصف الرئيس
التركي رجب طيب أردوغان، الثلاثاء، حركة
حماس بأنها "حركة
تحرر وطني".
جاء ذلك في كلمة خلال اجتماع الكتلة النيابية لحزبه
العدالة والتنمية.
وقال أردوغان إنه "لا فرق بين القوات
الوطنية التركية إبان حرب الاستقلال وحركة حماس اليوم".
وهذه ليست المرة الأولى التي يصف فيها أردوغان حماس بأنها حركة تحرر
وطني، لكنها المرة الأولى التي يشبهها بـ"القوات الوطنية التركية إبان حرب
الاستقلال".
فماذا يعني أن توصف حركة حماس بأنها حركة تحرر وطني؟
عرّف مؤتمر تطویر القانون الإنساني، 1976، حروب التحریر بأنها تلك التي توجه ضد المستعمر والاحتلال الأجنبي
والأنظمة العنصریة، من أجل ممارسة حق تقریر المصیر كما یؤكده القانون الدولي، ومن
هذا التعریف یتضح أن القاسم المشترك في حروب التحریر هو العنصر الأجنبي، فالاحتلال
الأجنبي والأنظمة الاستعماریة یجمعها العنصر الأجنبي بصفته عنصرا معتدیا، كما كان
ذلك مبررا مشروعا لوصف الحركة التي تقاومه بأنها حركة تحرر وطني، والحرب الموجهة
ضده بأنها حربا دولیة للتحرر الوطني.
ويعرف قاموس أكسفورد حركات التحرر
الوطني بأنها "منظمات "سياسية مكرسة للسعي لتحقيق الاستقلال السياسي عن الهيمنة
الأجنبية...".
فيما يمكن تعريفها بأنها منظمات أو حركات
سياسية تقود عملا عسكريا ضد قوة استعمارية، وتسعى إلى الاستقلال.
والتحرر الوطني بالمفهوم الاستراتيجي هو
إزالة التسلط الأجنبي بكل أشكاله عن الوطن أو أي جزء منه وقع عليه تسلط خارجي، أو عن
ثرواته.
وبهذه التعريفات تخرج حركات التحرر
الوطني من مفهوم الحزب السياسي الذي يسعى للسلطة في بلاده، أو الحركات
الإرهابية.
حركات التحرر الوطني والقانون الدولي:
وفق أحكام القانون الدولي الإنساني فإن أي أعمال حربیة تقوم بها
منظمات التحرر الوطني لتقریر مصیرها ضد
الاحتلال الأجنبي یعتبر خارج نطاق الأعمال
التي حرمتها اتفاقیات جنیف الأربع عام ١٩٤٩، أو البرتوكول الأول الملحق بها، وهي
من قبیل الأعمال المشروعة.
وينبع ذلك من كون حركات التحرر الوطني مرتبطة بشكل وثيق بحق تقرير
المصير للشعوب، وهو الحق الذي كفلته المواثيق الدولية وميثاق الأمم المتحدة.
وتقوم فكرة الكفاح المسلح على أساس حق تقریر المصیر الذي یعطي الشعوب
الخاضعة للاحتلال أو التمییز العنصري أن تكافح بكل الوسائل من أجل الحصول على تقریر
مصیرها باستخدام القوة المسلحة.
وتضمن میثاق الأمم المتحدة مبدأ تقریر المصیر
في المادة الأولى بفقرتها الثانیة التي نصت على إنماء
العلاقات الودیة بین الدول على أساس احترام المبدأ الذي یقضي بالتسویة في الحقوق بین الشعوب، وأن یكون لكل منها تقریر مصیرها.
حركات التحرر الوطني والمنظمات
الإرهابية
تنبع أكثر الإشكاليات التي تواجه حركات
المقاومة الوطنية في الوقت الحالي ومنها حركة حماس، في محاولة القوى الغربية وصمها
بالإرهاب.
نتیجة اختلاف المواقف بین الدول واجتهادات
المختصین في القانون الدولي حول تعریف الإرهاب، عمدت بعض الدول المعادیة لمبدأ حق الشعوب
في تقریر المصیر على رأسها الولایات المتحدة الأمریكیة إلى الخلط بین مفهوم الإرهاب
ومفهوم نضال الشعوب من أجل تقریر المصیر، وعلى الرغم من أن لكل منهما كیان وماهیة تمیزه
عن الآخر بالإضافة إلى التناقض الصارخ بین المفهومین من حیث المشروعیة، إلا أن
هناك خلطا متعمدا من جانب بعض الدول الغربیة، واستخدام هذا الخلط في إطار سیاسي وإعلامي
لتشویه الحقائق والإساءة إلى حركات التحرر الوطني والمقاومة المشروعة للشعوب المضطهدة.
بحسب الباحثة مبروكة عبد السلام مهاجر اقريره من جامعة المنوفية.
يذكر أن الاتفاقیة العربیة لمكافحة
الإرهاب الدولي أكدت في المادة الثانية منها على "عدم اعتبار الكفاح المسلح
جریمة إرهابیة"، حیث نصت
الفقرة الأولى منها على أنه "لا تعد جریمة حالات الكفاح المسلح بمختلف
الوسائل، بما في ذلك الكفاح المسلح ضد الاحتلال الأجنبي
والعدوان من أجل التحرر وتقریر المصیر، وفقا لمبادئ القانون الدولي".
ماذا يعني الاعتراف بحركة حماس حركة تحرر
وطني؟
إن الاعتراف بحركة حماس حركة تحرر وطني ينسف
بالضرورة الأسس التي على أساسها صنفت الولايات المتحدة ودول غربية وعربية، كما
ينسف الأسس التي تحظر الحركة خصوصا في العالم العربي.
كما أن الاعتراف بحماس حركة تحرر وطني يعني
الاعتراف بها حركة سياسية تسعى للاستقلال الوطني، ما يعني التعامل معها كملف سياسي
وليس كملف أمني كما يحصل في بعض الدول العربية.
لكن الأهم هو أن ذلك الاعتراف يصبغ الشرعية
على مواقف الحركة وعلى رأسها استخدام القوة المسلحة ضد القوة المحتلة لإجبارها على
الإقرار بحق تقرير المصير للشعب الفلسطيني واستقلاله وإقامة دولته.
وهذا الاعتراف يفتح الباب أمام الدولة للتعامل
مع حركة التحرر الوطني سياسيا وماليا أو حتى تقديم دعم عسكري طالما أن أعمالها
المسلحة لا تتنافى مع القانون الدولي، وهو ما حصل مع حركات التحرر الوطني إبان
فترة الاستعمار الغربي لدول في قارتي آسيا وأفريقيا.
كما يفتح الباب أيضا أمام مشروعية مواطني
الدولة للتعامل مع حركة التحرر الوطني، بحيث لا تجرم تلك العلاقات أو التعاملات
معها.