تأثّر
قطاع غزة بموجة حر شديدة، وصلت خلالها درجة الحرارة إلى 40 درجة مئوية، ما فاقم من معاناة النازحين المضطّرين للعيش داخل الخيام وغرف الصفيح، جنوب قطاع غزة، جرّاء حرب الإبادة الجماعية التي يشنها عليهم جيش الاحتلال الإسرائيلي، منذ أكثر من مائتي يوم.
ويعيش النازحون في خيام جاهزة، تبرعت بها بعض الدول حول العالم، وهي التي تعد الأفضل في مقاومة
الظروف الجوية، إلا أن الغالبية منهم يعيشون في خيام محلية الصنع من الأخشاب المكسوة بالنايلون والأغطية البلاستيكية، أو حتى قطع الصفيح.
ورصدت "عربي21" أحوال النازحين وكيف قضوا أيام
موجة الحرارة الحالية، المتوقع أن تنحسر الجمعة المقبل.
يقول سليمان (46 عاما) إن موجة الحر الحالية كانت بمثابة الجحيم عليهم عندما بدأت مع شروق الشمس، مضيفا أنه "مع ارتفاع الشمس أصبح الوضع لا يطاق، صرنا نكب على أنفسنا المياه فقط لمحاولة تخفيف الحرارة".
ويؤكد سليمان في حديثه لـ"عربي21": "مع ساعات الظهيرة أصبحت المياه المالحة التي نستخدمها لغسل الأطباق والحمامات ونحتفظ بها داخل برميل بلاستيكي أسود ساخنة جدا لا تنفع حتى لتخفيف حرارتنا، بناتي الصغار تقريبا صار معهن ضربة شمس، حاولت جلب مياه باردة لهم من شخص قريب يقوم بتبريد المياه عبر الكهرباء المولدة من ألواح الطاقة الشمسية".
ويقول: "أول ما نزحنا إلى رفح، منذ ثلاثة أشهر، لم يكن معنا أي بطانيات للتدفئة وكان البرد قارصا، وقضينا عدة ليال باردة لن أنساها في حياتي، والوضع يتكرر لكن بطريقة عكسية لكنها سيئة جدا أيضا، أنا عملت خيمة في البداية وبسبب المطر وضعت فوقها ألواحا من الزينقو (الصفيح) علشان هيك صارت الخيمة شواية واللي بضل فيها بصير وجبة مندي".
بدورها، تقول حنان (35 عاما) إنها في لحظة من اللحظات لم تدر على الدنيا من شدة الحرارة.. "ارتميت على الأرض ولم أصحُ إلا بعد فترة وأنا غارقة بالمياه التي سكبوها علي لتخفيف الحرارة".
وتوضح حنان لـ"عربي21": "طبعا الأزمة ما كانت بالحر الشديد فقط، إنما الحشرات والذباب الذي انتشر بشكل مجنون، أطباق الطعام الموجودة داخل الخيمة تغلفت حرفيا بالذباب والحشرات والنحل، وطوال اليوم ندفع الذباب عنا نحن وعن أطفالنا، جلدنا تقرح، تحس أنه كان يأكل فينا أكل".
من ناحيته، يقول ماجد (64 عاما): "أنا قاعد في خيمة مصنوعة من الخشب والشوادر البلاستيكية التي كنت سعيدا جدا بها لأنها تحميني من مياه الأمطار التي غرقت فيها لما كانت الخيمة من القماش".
ويضيف ماجد لـ"عربي21": "أنا حرفيا الآن عامل زي الخضار التي تنضج في غير موسمها، الخيمة عبارة عن دفيئة زراعية، والله ما صدقنا الشمس غابت حتى الجو صار أحسن شوي ونقدر نتحمله".
ويتساءل: "والله لا أعرف كيف بدنا نقضي الصيف داخل هذه الخيام، لو ضلّت الحرب مكملة لا سمح الله. في الشتاء الحمد لله دبرنا الأمور ووزعوا علينا بطانيات وقدرنا ندفى نوعا ما، لكن الآن إيش نعمل؟ رح يوزعوا علينا مراوح ولا مكيفات، لون جسمنا صار لونين، فاتح من تحت الكم وأسود من المنطقة المكشوفة، ووجوهنا كلها تغيرت ونشفت".
من ناحيتنا، تؤكد حنين (29 عاما) أنها كانت قلقة من هذه اللحظة منذ أسابيع، قائلة "إحنا السيدات لابسين حجاب 24 ساعة، وخلال الشتاء كان الوضع محتملا، لكن رغم هيك، ما سلمنا من القمل والأمراض".
وتضيف حنين لـ"عربي21": "والله بقعد أبكي لما أتخيل الحر والصيف، يمكن يبدو الأمر سخيفا مقارنة بالناس اللي بتموت أو بتتصاوب، لكن الأمر سيئ فوق الوصف، ما حد بقدر يعرف قديش سيئ إلا لما يجربه".
ولليوم الـ202 على التوالي، يواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي ارتكاب المجازر، في إطار حرب الإبادة الجماعية التي يشنها على أهالي قطاع غزة، مستهدفا كلا من المنازل المأهولة والطواقم الطبية والصحفية، غير آبه بأي قوانين دولية إنسانية.
وارتفعت حصيلة ضحايا العدوان المتواصل على قطاع غزة إلى ما يزيد على الـ34 ألف شهيد، وأكثر من 77 ألف مصاب بجروح مختلفة، إضافة إلى آلاف المفقودين تحت الأنقاض، وفقا لوزارة الصحة في غزة؛ فيما تفاقمت حدّة المعاناة الإنسانية لكافة الأهالي داخل القطاع المحاصر.