الله
خلق الكون وفق قوانين ما زال العلماء يكتشفونها أو يضعون نظريات وتجارب فتفشل
ليضعوا غيرها، فيثبت اكتشاف إحدى السنن أو الأقدار التي بنى وفقها الله هذا الخلق
العظيم، فكانت المراحل (الأيام) الست التي اكتمل بها خلق السماوات والأرض وتزيين
السماء الدنيا بما نرى من كواكب ونجوم. وهنا نوضح أن الأيام ليست الساعات الـ 24 التي
نعتمدها زمن اليوم، فلم تك أرض ولا شمس ولا دوران كالذي عرفناه، فاليوم مرحلة قد
تكون ألفا من السنين أو ملايين منها، ووضعت المقادير بما يتمكن الإنسان من إدارتها
فإذا وافق سنن الكون ارتقى وإن لم يوافق السنن أخفق.
ولهذا
معادلات وعوامل ولا يختص بها قوم أو تدين، وإنما فهم وتعامل مع الواقع (لا يغير
الله ما بقوم). والقوم كلمة شاملة للبشرية ولا تخص فئة مسلمة أو غير مسلمة، فحينما
راجعت أوروبا نفسها بدأت في الرقي المدني، وكذلك اليابان عندما سألت "ما الذي
أخطأنا به لكي نكون مكروهين"، وبقينا نحن على حالنا لأننا لم نستطع أن نوجه تفكيرنا
بشكل صائب ووقعنا فريسة إبراز التناقضات والمختلف عليه بدل إبراز الإيجابية والمتفق
عليه. إن الأمم التي تُبرز ما تختلف عليه لا يمكن أن تكون إلا كثعبان يأكل نفسه
ومصيره الموت حتما.
عوامل
السعي في طلب النجاح:
1- منظومة الغايات والمخرجات.
2- التخطيط والموازنة في الظروف المتعددة
الملائمة للبيئة.
3- كيفية إعادة تغذية المنظومة في النجاح
والفشل.
إن كل عمل له تخطيط وكفاءة ومخرجات وإعادة تغذية هو منظومة، والإنسان نفسه مخلوق المنظومة فإن أحسن للآدمية قام بمهامه العقلية والمجتمعية وإن لم يُحسن أضحى كغيمة بيضاء عابرة قد تعيق بمرورها الشمس أحيانا
4- وتعد معايير
التفكير مهمة جدا، وهي قواعد
المنطق ومصدرها الملائم المتعدد الأمم والمختلف ظرفيا أحيانا.
هذه بعض
العوامل التي تعتبر مهمة للفرد وللمجتمع وللأحزاب والكيانات، فهي عوامل تلخص مسار
النجاح وتحتوي في داخلها على كثير من الفروع والمقاربات.
منظومة الغايات والمخرجات:
إن كل عمل له تخطيط وكفاءة ومخرجات وإعادة تغذية هو منظومة، والإنسان نفسه مخلوق
المنظومة فإن أحسن للآدمية قام بمهامه العقلية والمجتمعية وإن لم يُحسن أضحى كغيمة
بيضاء عابرة قد تعيق بمرورها الشمس أحيانا.
الإنسان،
المجموعة، المجتمع، الحزب، الحكومة، المفكر، العامل بأي شيء مطلوب منه أن يحدد
الغاية، والتي بها مراحل لكل غاية، وهذه المراحل أهداف إما أن تكون كنتيجة لخطوة
أو أن بتراكمها تتحقق الغاية.. هنالك من يعرف الطريق لكنه بحاجة إلى عون ليجنّد
طاقاته بشكل فاعل وعملي ليغير وضعه ووضع أمته عمليا. الفكرة والمعرفة وحدها لا
تكفي، الأمنيات لا تكفي وقد تكون عائقا وسبب إحباط.
إعادة التغذية:
قد
يحقق الإنسان نجاحا ما، لكن مجرد تجاوبه مع الناس أنه حقق نجاحا وأنه بلغ مركزا
عاليا ولا يحاول تقديم الأفضل حتى لو كان مطربا أو فنانا أو كاتبا أو أيا مما يبرز
الإنسان به نتيجة موهبة، عند توقف سعيه وتسبق نظرة الاكتفاء نظرة أنه يمكن أن يقدم
أفضل فإنه سيستنزف رصيده ليعود مغمورا بعد أول إنجاز. وقد تنظر أمة إلى ماضيها
وتتعلق بما تراه أنه موضع فخرها انتصار أو كارثة تاريخية، وتبقى تتفاعل معها في
حاضر تجاوزها واهتم بالمدنية وارتقى فيها؛ لكنه بحاجة إلى فكر يستند إليه فلا يجده
عند أناس يتباهون بما صنعه الفكر من ارتقاء ثم غاب ولا يحسون أنهم واقعا في منحدر
حضاري سحيق. هذا سيقود إلى تشويه الماضي وتخلف الحاضر والعيش في أحلام اليقظة بلا
مقومات ولا مؤهلات، فيكون الفرد والأمة محض فرشاة أو لوحة يرسم بها أو عليها الآخرون
مشاريعهم.
جدلية الإحباط:
الإحباط
دوما مرافق لسوء التخطيط والفهم، وهو يخفض درجة الإرادة والنظر إلى الأهداف، أي
تقليص الأمل، وهذا يعني فراغ النفس والرغبة في الاستمرار. لا بد من التكامل
والتكامل لا يأتي بالمؤهلات والقدرة باتجاه واحد، فالمقاتل الشجاع والمقدام ما لم
يعط سلاحا ملائما وكافيا لإتمام مهمته فهو سيفشل، كذلك إن قتل فلا ينفع السلاح الكثير
فلا بد من تخطيط ليحتمل هذا على سبيل المثال،
من عطل الأدوات أو لم يهتم بها وتصور أن هذه من الأمور التكميلية فهو حتما رفيق الفشل، والواقع يرينا الإحباط مجسدا وهذا يؤثر على الاستقرار ولا يمكن تبريره بالمؤامرة والأعداء والمعارض والمناوئ، فهذه تحديات تأخذ تأثيراتها الدراسات وتضع لها علاجات
وعندما تريد قطع طريق صحراوي فلا بد
من خرائط وأجهزة توجيه ووقود وطاقة كافية لإتمام رحلة صيد أو تخييم، كذلك الفرد في
مهمته والحزب السياسي والحامل لراية الإصلاح، فهي من الأقدار وهبة الله للمنظومة
العقلية. وتعليمه مفهوم التوكل لا يعني أبدا أن تترك فقرة أو خيطا سائبا، فلا بد من
علم ومهارات، وفكرة أن العمل سيتم ولا يهم كيف أو بأي إنسان فكرة خطأ؛ لأن الإنسان
الذي يملك علما ومهارة ليس كالذي لا يملكها ولو كان ما كان من الذكاء.
معايير المراجعة:
التفكير
أن إعادة التنظيم هي محض مراجعة وأنك فشلت في التنفيد، فهذا الفشل القادم وتكرار
الذات. وقد ناقشنا بإسهاب هذا الموضوع في مقال
التنظير والتفكير الاستراتيجي، فلا بد أن ندرك
ما يجري كل خطوة ونوثق وندرس ونبحث ونضع جداول ومعايير ونعدل الأفكار ونحن نسير
نحو الهدف مرحلة ثم أخرى، وإلا فالمراجعة عملية تزيد الإحباط وضحك على النفس،
فالإخلاص حرص على التتابع والإنجاز، أما فتات الوقت فلا إحسان فيه ولا إبداع، وأي
عامل فرد أو حزب أو دولة لا بد أن تمتلك آلية للمراجعة كل حسب مهامه ومراكز متخصصة
لإنتاج الأفكار ومتابعتها وإجراء المراجعات.
هذه
آليات مهمة، ومن عطل الأدوات أو لم يهتم بها وتصور أن هذه من الأمور التكميلية فهو
حتما رفيق الفشل، والواقع يرينا الإحباط مجسدا وهذا يؤثر على الاستقرار ولا يمكن
تبريره بالمؤامرة والأعداء والمعارض والمناوئ، فهذه تحديات تأخذ تأثيراتها
الدراسات وتضع لها علاجات.