شهد
اليمن مؤخرا تصعيدا في أحكام إعدام ضد معارضين ومعتقلين لدى جماعة "أنصار الله" (
الحوثيين) في صنعاء والمجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات في العاصمة المؤقتة عدن، جنوبي البلاد.
والسبت، أصدرت المحكمة الجزائية (أمن الدولة) التي تديرها جماعة الحوثيين في صنعاء، حكما بإعدام 44 شخصا من أصل 49 محتجزا لدى الجماعة.
كما أصدرت المحكمة ذاتها، حكما قضى بإعدام مدير ومالك شركة "برودجي سيستمز"، عدنان الحرازي، المختطف لديها منذ يناير/ كانون الثاني 2023.
ووجهت المحكمة التي تديرها الحوثي للمعتقلين الـ 44 ولرجل الأعمال الحرازي تهما عدة بينها "العمل لصالح العدوان (التحالف الذي تقوده السعودية) والتخابر مع دول أجنبية والتعاقد مع منظمات دولية وهيئة حكومية تتبع دولاً خارجية، إلى جانب تهم أخرى تتعلق بإفشاء المعلومات والأسرار عن الوضع الاقتصادي والاجتماعي والسياسي والجغرافي والعسكري التابع لهم".
وفي العاصمة اليمنية المؤقتة للبلاد، عدن، أصدرت المحكمة الجزائية التي تديرها الحكومة المعترف بها هناك، أواخر الشهر الفائت، أحكاما بالإعدام على القائد السابق للواء النقل في قوات الحرس الرئاسي، عميد، أمجد خالد، وسبعة آخرين.
ووجهت المحكمة بحسب وسائل إعلام تابعة للمجلس الانتقالي ـ اتهامات عدة للعميد خالد، منها "تفجير موكب محافظ العاصمة عدن أحمد حامد لملس، وتفجير مطار عدن الدولي".
وأواخر يناير من العام الجاري، أقال رئيس مجلس القيادة الرئاسي، العميد أمجد خالد من منصبه في قيادة لواء النقل العام لدى قوات الحرس الرئاسي التابعة لوزارة الدفاع اليمنية. وبعدها بأسابيع تعرض العميد "خالد" لمحاولة اغتيال في منطقة العبر التابعة لمحافظة حضرموت (شرقا)، أسفرت عن إصابته ومرافقيه.
وفي كانون الأول /ديسمبر 2019، قتل شقيق قائد لواء النقل الرئاسي السابق "يوسف خالد" بعد مداهمة منزله في مدينة دار سعد بعدن من قبل قوات ما تسمى "الحزام الأمني" التابع للانتقالي المدعوم إماراتيا.
كما قضت المحكمة ذاتها في عدن، بالحكم على الصحفي، أحمد ماهر، المختطف لدى قوات تابعة للمجلس الانتقالي منذ 2022 ـ بالسجن لمدة 4 سنوات.
وقد لاقت هذه الأحكام ردود أفعال واسعة من منظمات حقوقية محلية، واصفة إياها بأنها جائرة وغير قانونية.
"حكم جائر"
والثلاثاء الماضي، قالت نقابة الصحفيين اليمنيين، إنها "تابعت الحكم الجائر بحبس الصحفي أحمد ماهر أربع سنوات من قبل المحكمة الجزائية المتخصصة بعدن بعد سلسلة من الانتهاكات والإجراءات التعسفية التي تعرض لها الزميل منذ اعتقاله في السادس من أغسطس 2022م ".
واستنكرت النقابة في بيان لها، "هذا الحكم الذي أتى بعد سلسلة انتهاكات جسيمة ابتداء باختطاف الزميل ماهر وتعذيبه وإرغامه على تسجيل فيديو تحت الإجبار، مرورا بالإبقاء عليه فترة طويلة دون محاكمة عادلة، وقيام النيابة الجزائية بعدن بمنع هيئة الدفاع من القيام بمهامها في الترافع عنه وصولا إلى اقتحام الأجهزة الأمنية لمكتب المحامي المترافع عنه وأخذ الأدلة التي بحوزته وسجنه أيضا، وانتهاء بإصدار هذا الحكم التعسفي بعد قرابة عامين من الاختطاف والاعتقال".
"أغلبهم مختطفون"
والأحد، أدانت رابطة أمهات المختطفين اليمنيين (منظمة حقوقية) قرارات الإعدام الجماعية التي أصدرتها المحكمة الجزائية الابتدائية "فاقدة للشرعية القانونية" بصنعاء "بإعدام 44 مدنياً أغلبهم مختطفون في سجونها منذ أكثر من 4 سنوات".
وقالت الرابطة إن هؤلاء المختطفين أخذوا من منازلهم ومقرات أعمالهم من محافظات مختلفة وبتهم سياسية ملفقة وباطلة لم تثبت عليهم، وتم محاكمتهم بطرق تفتقد لأدنى متطلبات الإجراءات القانونية العادلة.
رابطة أمهات المختطفين والمعتقلين دعت في الوقت نفسه، الجهات المحلية والدولية للتدخل العاجل "لإيقاف هذه الأحكام الجائرة بحق المختطفين المدنيين وإنقاذهم من موت محقق في حال السكوت عن مثل هذا النوع من القرارات الظالمة".
"لا مشروعية لها وغير قانونية"
من جانبها، قالت وزارة الشؤون القانونية وحقوق الإنسان في الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، إن قرارات الإعدام الصادرة من المحكمة الجزائية بصنعاء التي يديرها الحوثيون "لا مشروعية لها وغير قانونية".
وأدانت الوزارة في بيان لها، قرارات هذه الهيئة غير القانونية "بإعدام خمسة وأربعين من المعتقلين تعسفا في سجونها بعد اختطافهم والزج بهم في غياهب السجون خلال السنوات السابقة والذين كان آخرهم المستثمر عدنان علي حسين الحرازي والذي تم اختطافه قبل سنة ونيف من الأشهر".
وأضافت أن هذه المحكمة غير قانونية وتفتقر لمبادئ وإجراءات المحاكمات العادلة التي أقرتها الأمم المتحدة.
وعبر البيان عن القلق البالغ للصمت الدولي إزاء الانتهاكات الخطيرة والجسيمة المستمرة التي ترتكبها مليشيات الحوثي بحق المدنيين المختطفين والمعتقلين والمخفيين قسريا في سجونها والذين يتعرضون لصنوف من التعذيب والمعاملة القاسية واللا إنسانية والمهينة للكرامة.
وأشارت وزارة حقوق الإنسان إلى أن قرار الإعدام جاء في الوقت الذي تبذل فيه الحكومة اليمنية جل الجهود وبالتنسيق مع الأمم المتحدة عبر مكتب المبعوث الأممي والمنظمات الدولية المعنية لأجل إحداث انفراجة في ملف المعتقلين والمخفيين قسريا وإنهاء المعاناة التي يعيشها المعتقلون والمخفيون قسريا وأسرهم من خلال إتمام عملية الإفراج عن كافة المعتقلين والمخفيين قسرا وفقا للتفاهمات التي رعاها مكتب المبعوث الأممي للأمين العام للأمم المتحدة.
وهذه ليست المرة الأولى، التي تصدر فيها محكمة حوثية أحكام إعدام بحق عدد من المعتقلين والمختطفين لديها بالتهم ذاتها "التخابر مع العدو"، فقد سبق أن صدرت عشرات الأحكام خلال السنوات الماضية.
"عرض منزل مسؤول يمني للبيع"
والأسبوع الماضي، عرضت جماعة الحوثي منزل نقيب الصحفيين اليمنيين الأسبق، ومدير مكتب رئاسة الجمهورية سابقا، نصر طه مصطفى، في صنعاء للبيع، ضمن إجراءات مصادرة ممتلكات المعارضين السياسيين لها في مناطق سيطرتها.
وأدانت نقابة الصحفيين في عدن، في بيان لها، وبشدة إقدام سلطة الأمر الواقع في العاصمة صنعاء على مصادرة منزل الأستاذ نصر طه مصطفى النقيب السابق لنقابة الصحفيين اليمنيين وعرضه للبيع.
وفي الوقت الذي تستنكر فيه نقابة الصحفيين اليمنيين بعدن وتدين بشدة ذلك التصرف المشين من قبل سلطات الأمر الواقع في صنعاء فإنها تعتبره تصرفا يتنافى مع قيمنا الإسلامية والأخلاقية ويعكس سلوكا مرفوضا يتعارض مع القوانين النافذة ويمثل انتهاكا خطيرا لحقوق الإنسان وحقوق المواطنة، وفق البيان.