بالتزامن مع الغضب الإسرائيلي من الفشل الذي تتسبّب فيه حكومة الاحتلال في كل المجالات، فإن هناك انشغالا لا يقل أهمية بحالة رئيسها، بنيامين نتنياهو، الجسدية والعقلية، والتكهّنات الضّارة الخارجة من محيطه الشخصي، ما يستدعي منه، وفق أصحاب هذه التخمينات، أن يتخذ بعض الخطوات الضرورية لدحض ما يروج، والتي بدأت تغزو شبكات التواصل الاجتماعي، وإلا فقد يضطر بعض الخبراء لتقديم التماس للجهات القضائية للكشف عن حالته الصحية.
المحامي بنيامين بارتس، أكد أن "إثارة هذه الشائعات حول تدهور صحة نتنياهو سيقلّل من ثقة الإسرائيليين في الحكومة، وسوف ينتقص من حالة الحصانة الوطنية، لأنه في ظل الهيكلة الحالية للحكومة، وفي غياب رئيس وزراء بالنيابة، فإن ترك موجة الشائعات دون إجابة سيزيد من تقويض الوضع الإسرائيلي عموما، الذي يمر بالفعل بوقت عصيب، وإلا فإننا في طريقنا لمقارنة فشل اليوم في حرب
غزة 2024 بحرب 1973، ما يعني تجاهل الإشارات التي سبقت هذه الحرب".
وأضاف في
مقال نشره موقع "ويللا" العبري، وترجمته "عربي21"، أن "الحديث المتكرر عن تراجع الوضع الصحي لنتنياهو يترافق مع باقي الإشارات الواردة حول عملية السابع من أكتوبر الشهير، سواء على المستوى التكتيكي وتجاهل تحذير المراقبين، أو على المستوى الاستراتيجي وتجاهل تحذيرات وزير الحرب، أو على المستوى السياسي وتجاهل طلبات رئيس الأركان للاجتماع مع نتنياهو في الموعد المحدد.
وتابع: "لاسيما عشية الانقلاب القانوني المثير للجدل، ويمكن الافتراض أن معظم الأشخاص الذين ستنظر لجنة التحقيق الموعودة في تصرفاتهم، لن يعودوا للخدمة في مناصبهم من جديد، بمن فيهم رئيس الحكومة".
وأوضح أن "خروج لجنة التحقيق الرسمية باستنتاجاتها واستخلاصها يستدعي ابتداءً، وحتى لا نقع في مفاجأة مصيرية، القيام بتعديل القانون الأساسي، بحيث ينص على وجوب فحص اللياقة البدنية والعقلية لرئيس الوزراء؛ لأنه لا ينكر أحد أن الفترة التي تمر بها الدولة منذ السابع من أكتوبر صعبة للغاية، وتتطلب أن يكون جميع قادتها في كامل لياقتهم، حتى يتمكنوا من التفرغ لمواجهة التحديات؛ إذ إن كثيراً مما تناولته وسائل الإعلام، وبمختلف أشكالها، وبحق وحتم، مسألة الحالة الجسدية والعقلية لرئيس الوزراء".
وأشار إلى أن "الروايات المختلفة حول أسباب دخول نتنياهو إلى المستشفى لفترة قصيرة، والعلاجات التي خضع لها، أدّت لإثارة موجات من الشائعات حول حالته الصحية، كما تم التدقيق في تصريحاته لوسائل الإعلام، وحول هذا السؤال تمتلئ شبكة الإنترنت بالشائعات التي إذا صحّت سيتم تفنيدها، كما أن القيل والقال غير الضروري حول تأثير زوجته وابنه على طريقة سلوكه يتطلب النظر في مسألة حالته العقلية".
وأكد أنه "في بلدان العالم الصالحة، لا تكون الحالة الصحية للمسؤولين والقادة المنتخبين سراً، وفي بعض الأحيان يكشف زعيمها للجمهور بمبادرة منه عن الاختبارات الدورية التي خضع لها، لكن في إسرائيل لا يوجد مثل هذا الالتزام بموجب القانون".
وتابع: "لم يتم البت في مسألة خصوصية قادتها، وحالتهم الجسدية والعقلية بشكل عام، وبالتالي فإن انشغال وسائل الإعلام بحالة نتنياهو الجسدية والعقلية، والتكهنات الضارة المحيطة به، هي مؤشرات لا ينبغي تجاهلها، لأنها تؤثر على قدرة الدولة على مواجهة مصيرها، ودحضها هو أمر الساعة".
ودعا إلى "تشكيل لجنة فحص طبي دون تأخير تضم أفضل الخبراء في دولة الاحتلال، ومن أجل ضمان استقلاليتها، سيتم اختيار أعضائها من قبل مدراء أكبر خمس مستشفيات، وسيتم تقديم جميع المواد ذات الصلة إليهم، ونشر استنتاجاتها للجمهور، وإذا لزم الأمر، فسيكون بإمكان الكنيست التصرف وفقًا للقانون، وإحالة رئيس الوزراء إلى السجن، ومن الممكن أن تجتمع مثل هذه اللجنة لمناقشة ونشر نتائجها خلال أيام قليلة".
إلى ذلك، تشير هذه القراءة النادرة في الوسط
الإعلامي العبري إلى أن نتنياهو بات مطالباً، وبمبادرة منه، بالكشف عن كل المعلومات ذات الصلة بحالته الصحية، لأن عدم إقدامه على خطوة كهذه سيؤدي لتعزيز الشائعات، وزيادة قوتها، في حين أن الكشف عن حالته الجسدية والعقلية ضروري، وإلا سيكون من المهم نقله إلى مكان آخر، واختيار رئيس وزراء آخر يستطيع قيادة الاحتلال في هذه الأيام العاصفة التي يعيشها.