ما زال
الإسرائيليون يتابعون تداعيات قرار جزر
المالديف بحظر دخولهم إلى أراضيها بسبب
استمرار جرائم
الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني في قطاع
غزة.
فعلى الرغم من أن القرار
لا يزيد عن كونه "ضربة طفيفة في جناح الطائرة"، وفق التوصيف
الإسرائيلي، لكنه يكشف عن التغيرات المثيرة للقلق التي تحدث اليوم في ميزان القوى
في ذلك الجانب من آسيا ضد الاحتلال.
عنات هوشبيرغ
ماروم، خبيرة الجغرافيا السياسية، ذكرت أن "إعلان المالديف عن سياسة جديدة
تحظر دخول الإسرائيليين إلى الدولة الجزرية الصغيرة في المحيط الهندي، أثار ردود فعل من الغضب وخيبة الأمل، ورغم البعد الجغرافي عن دولة الاحتلال، وصغر حجم
الجمهورية الإسلامية التي تغطي 1192 جزيرة موزعة على نحو 90 ألف كم2، فإن هذه
الخطوة تأتي في أعقاب تفاقم الحرب في غزة بما يتجاوز انتقادات السياسة
الإسرائيلية، وإدانتها لعدوان جيش الاحتلال في رفح، لأنه يشكل انتهاكًا صارخًا
للقانون الإنساني الدولي".
وأضافت في
مقال نشرته صحيفة
معاريف، وترجمته "عربي21" أنه "بجانب التعبير عن
الدعم والتضامن تجاه الفلسطينيين في ضوء الوضع الإنساني المتدهور في غزة، فإن هذه
الخطوة من وجهة نظر الاحتلال، تعدّ ضربة خفيفة في جناح الطائرة، ما يعني أن هناك
الكثير من الأخبار السيئة تنتظر الإسرائيليين على خلفية توقيت هذه الخطوة في خضم
حملة عالمية مناهضة للاحتلال، وكذلك على خلفية الموقع الجغرافي لهذه الدولة
الجزرية المسلمة، واعتمادها على القوى الآسيوية في الهند وروسيا والصين، ما يستدعي
دراسة العواقب المختلفة المترتبة على هذه الخطوة من منظور جيو-سياسي واسع
النطاق".
وأشارت إلى أن
"خطوة المالديف تكتسب خطورتها على الإسرائيليين نظراً للتأثير الكبير الذي
تحوزه من النواحي السياحية والاقتصادية، وعلاقاتها الدولية، والفضاء الجيو-سياسي
التي تمتلكه بين الهند والصين، وفي ما يتعلق بالسيطرة والنفوذ في المنطقة الهندية
الآسيوية في قلب بحر العرب، على بعد 600 كيلومتر جنوب غربي الهند، مع العلم أنها تضم 26 جزيرة مرجانية، وتعتبر الأصغر في العالم من حيث مساحة اليابسة 298 كم2،
وتبلغ مساحة المنطقة الاقتصادية 859 ألف كم2".
وكشفت أن
"الرأي العام المحلي في المالديف معروف بمعارضته لإسرائيل، كما هو الحال في
العديد من دول العالم الإسلامي والعربي، خاصة في الآونة الأخيرة، ولذلك فليس
مستغربا ألا تقيم الدولتان علاقات دبلوماسية رسمية بينهما، على العكس من ذلك، فإنه في
خلال حرب غزة 2014، حصل تراجع في علاقاتهما التجارية".
وأكدت أن
"11 ألف إسرائيلي زاروا المالديف في 2023، بنسبة 0.6 بالمئة من إجمالي عدد
السياح الوافدين إليها، ومنذ كانون ثاني/ يناير 2024 شهد طلب الإسرائيليين على
الرحلات الجوية المتجهة هناك انخفاضا بنسبة 88 بالمئة، مقارنة بالفترة نفسها من
العام الماضي، وتُظهر المراقبة الشاملة أنه خلال العقد الماضي، خاصة منذ صعود
الرئيس محمد مويزو إلى السلطة في سبتمبر 2023، المعروف بنهجه الإسلامي المتشدد، فقد حصل تفاقم سلبي في موقف الحكومة المالديفية تجاه دولة الاحتلال".
وأوضحت أنه
"بصرف النظر عن الزيارة الدبلوماسية الأولى التي قام بها مويزو لتركيا ثم
الصين، فقد أعلنت المالديف عن انضمامها إلى الدعوى القضائية التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد
حكومة الاحتلال في محكمة العدل الدولية في لاهاي، وتبنّت سياسة خارجية استباقية
مع رسم كبير أقرب إلى بكين، يشكّل خطوة متحدية وهجومية ضد الهند، كما أنها وقعت على
اتفاقية أمنية مع تركيا لتوريد طائرات بدون طيار بقيمة 37 مليون دولار، والانخراط
في المشروع الاستثماري الصيني "الحزام والطريق"، وشملت توقيع 20
اتفاقية في مجالات مختلفة كالسياحة وصيد الأسماك والاستثمارات والاقتصاد الرقمي،
ما زاد اعتمادها الاقتصادي على الصين والاستثمارات الأجنبية".
وأشارت إلى
أنه "من منظور جيوسياسي نظامي واسع، فإن فرض مقاطعة جزر المالديف على
الإسرائيليين يتماشى مع التغييرات التي تحدث اليوم في ميزان القوى العالمي وخريطة
العلاقات والمصالح في الفضاء الآسيوي، بجانب المظاهرات المؤيدة للفلسطينيين
التي جرت خلال شهر أكتوبر في العاصمة "ماليه"، والدعوة الحالية لحملة
جمع التبرعات لهم بمساعدة الأونروا".
وتؤكد مخاوف
الاحتلال أن الحظر المفروض على دخول الإسرائيليين لجزر المالديف ينضم لسلسلة
تحركات مناهضة له حدثت مؤخرًا في جميع أنحاء العالم، بما فيها قطع العلاقات
الدبلوماسية من بوليفيا وكولومبيا، والمقاطعة الأكاديمية، والتهديد بفرض حظر
تجاري وعسكري من قبل دول أوروبية مختلفة، بما يعكس عدم الثقة به، وزيادة الجهود
الدولية المتزايدة لمعاقبته، للحدّ من انتهاكاته للقانون الدولي.
وفي الوقت
ذاته، هناك الاعتراف بالدولة الفلسطينية، والتوصل لوقف فوري لإطلاق النار في غزة، ما
يعني زيادة المواقف الصارخة والواضحة والمعادية للاحتلال في الوقت الحالي، بحيث
ستكون تداعياتها محسوسة جيدًا في جميع أنحاء آسيا والساحة الدولية.