سياسة عربية

مصدر يمني لـ"عربي21": صراع محتدم داخل "الرئاسي".. ما علاقة أبو ظبي؟

تسعى أبوظبي لقطف ثمار مشاركتها العسكرية في الحرب ضد الحوثيين بقيادة السعودية وفق مراقبين- عربي21
كشف مصدر يمني مطلع عن صراع محتدم داخل مجلس القيادة الرئاسي الحاكم في اليمن والحكومة التابعة له مع الأعضاء الموالين لدولة الإمارات في المجلس، بدت ملامحه في التكشف من جديد.

وقال المصدر لـ"عربي21"مشترطا عدم كشف هويته، إن تجليات هذا الصراع بدت من خلال التوجيه الذي أصدره، عيدروس الزبيدي، عضو المجلس الرئاسي ورئيس المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من أبوظبي إلى رئيس الحكومة، أحمد عوض بن مبارك بشأن اتفاقية مرتقبة مع مجموعة موانئ أبوظبي لإدارة ميناء عدن الاستراتيجي.

وكان الزبيدي، عضو مجلس الرئاسة اليمني والذي يتزعم الانفصاليين المدعومين إماراتيا، قد طالب رئيس الوزراء ابن مبارك بالإفصاح عن الوضع القانوني والإداري والمالي لشركة عدن لتطوير الموانئ.

وذكرت الوثيقة التي حملت الطلب والمؤرخة في 12 يونيو/ حزيران الحالي والموجهة لرئيس الحكومة اليمنية أن هناك لجنة وزارية مشكلة بقرار مجلس الوزراء للتفاوض مع مجموعة موانئ أبو ظبي ومؤسسة موانئ عدن للاستثمار المشترك، وهي "على وشك إنجاز الاتفاقية النهائية".

وجاء هذا التوجيه من عيدروس الزبيدي إلى ابن مبارك، بعد يومين من "منع فريق من الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة من دخول مقر شركة عدن لتطوير الموانئ لمراجعة أعمال وحسابات الشركة منذ يناير/ كانون الثاني من العام الجاري".

وكان رئيس الوزراء اليمني قد طالب المدير التنفيذي لشركة تطوير ميناء عدن في مذكرة صادرة في 10 يونيو الجاري بـ"تمكين فريق الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة من مراجعة كافة أعمال الشركة والحصول على جميع الوثائق والسجلات بصورة عاجلة"، محذرا إياه بـ"إجراءات قانونية صارمة حال ممانعته ذلك".

وبحسب المصدر اليمني المطلع فإن "توجيه رئيس الوزراء ربما أثار حفيظة الزبيدي ودفعه ومن خلفه دولة الإمارات إلى خطوة كهذه ربما لاستباق أي خطوات حكومية قد تقدم عليها لتفعيل نشاط ميناء عدن الملاحي في ظل العجز المالي والأزمة الاقتصادية التي تعاني منها".

ويدار ميناء الحاويات في عدن حاليا من قبل "شركة عدن لتطوير الموانئ" وهي شركة يمنية تابعة لمؤسسة موانئ خليج عدن تم إنشاؤها في العام 2013 كشركة تابعة لسلطات الميناء عقب خروج موانئ دبي العالمية من الميناء.

فيما تسعى الإمارات على ما يبدو عبر وكلائها في المجلس الرئاسي إلى الاستحواذ من جديد على إدارة ميناء عدن، وقطع الطريق أمام مشروع "الحزام والطريق الصيني"، مع تعاظم التنافس الأمريكي الصيني ـ  في حين يأتي هذا الميناء في قلب هذا المشروع لولا الحرب الدامية منذ 9 سنوات.

ووقع اليمن منتصف نوفمبر/ تشرين الثاني 2013 في العاصمة الصينية بكين على اتفاقية توسعة وتعميق محطة الحاويات بميناء عدن بين مؤسسة موانئ خليج عدن والشركة الصينية لهندسة الموانئ المحدودة، وذلك في إطار زيارة الرئيس اليمني السابق، عبدربه منصور هادي للصين وقتئذ.

وشمل الاتفاق إدارة ميناء شنغهاي للمنطقة الحرة بعدن وإنشاء شركة نقل بحري خفيف ومتوسط بين البلدين.

ويتضمن المشروع بناء رصيف إضافي بطول ألف متر وعمق 18 مترا وتعميق وتوسعة القناة الملاحية الخارجية بطول 7400 متر وعرض 250 مترا وعمق 18 مترا، إضافة إلى القناة الملاحية الداخلية بطول 3800 متر وعرض 230 مترا وعمق 18 مترا.

وبسبب الحرب جمدت بكين مشروع تطوير ميناء عدن، والذي كان متوقعا البدء بتنفيذه مطلع العام 2015.

وفي السياق، حذر عضو مجلس النواب اليمني، علي عشال، من محنة جديدة قد يمر بها ميناء عدن.

وقال عشال معلقا على الوثيقة الموجهة للحكومة عبر منصة (إكس) إنه "بسبب صفقات الفساد فقد مر ميناء عدن بمحنتين الأولى مع الشركة السنغافورية دفعت خزينة الدولة ما يقرب من 150 مليون دولار حتى ينتهي العقد الكارثي"..

و"الثانية مع شركة دبي، ودفع مبلغ 23 مليون دولار لإنهاء العقد "المصيبة"، وفق وصفه.


وفي العام 2013 أنهى اليمن اتفاقية تأجير ميناء عدن مع شركة موانئ دبي العالمية، مقابل تعويض 35 مليون دولار قدمتها اليمن لموانئ دبي عقب اتهامها بالفشل في إدارة الميناء.

وحاليا، يشهد ميناء عدن تراجعا مهولا في النشاط الملاحي بسبب التحديات الأمنية في العاصمة المؤقتة للبلاد، عدن، الخاضعة لسيطرة تشكيلات انفصالية تابعة للمجلس الانتقالي الانفصالي، في الوقت الذي لا يزال فيه ضباط إماراتيون يتمركزون في مقر قوات "الحزام الأمني" الممولة من أبوظبي داخل الميناء الاستراتيجي منذ استعادة عدن عام 2015 من جماعة الحوثي.


وتسعى أبوظبي إلى قطف ثمار مشاركتها العسكرية في الحرب ضد الحوثيين بقيادة السعودية، وفق مراقبين عبر اتفاقيات أمنية واقتصادية، ومنها على الصعيد الاقتصادي "العودة لإدارة ميناء عدن الاستراتيجي من خلال توقيع اتفاقية مع مؤسسة موانئ خليج عدن للاستثمار في الميناء وتطويره وإعداده ليصبح قاعدة انطلاق في المنطقة الحاكمة لطرق التجارة الممتدة بين خليج هرمز وبحر عمان وبحر العرب والمحيط الهندي والأطلنطي وخليج عدن وباب المندب والبحر الأحمر وصولا إلى قناة السويس والبحر المتوسط".

وتستغل الدولة الخليجية حضورها الأمني والعسكري الذي راكمته طيلة سنوات الحرب من تشكيلات أمنية وعسكرية مولتها في محافظات جنوب وشرق اليمن ومن بينها العاصمة عدن، للضغط على السلطات اليمنية لتمرير مثل هذه الاتفاقيات.

وكان الرئيس اليمني السابق هادي، قد طلب من الحكومة الصينية عام 2018 "تفعيل الاتفاقية المبرمة بين البلدين عام 2013، لتطوير ميناء عدن في مشروع تبلغ تكلفته 507 ملايين دولار بتمويل صيني".