سلطت صحيفة "
الغارديان" البريطانية، الضوء
على أسباب فشل
الرصيف الأمريكي العائم في توفير
المساعدات الإنسانية لأهالي قطاع
غزة، رغم تكلفته الكبيرة التي وصلت إلى 230 مليون دولار.
وأكدت الصحيفة في تقرير لمراسلها في واشنطن، جوليان
بورغر، أن "مستقبل الرصيف العائم كان صورة عن إساءة حسابات للمسؤولين
الأمريكيين، فالمشروع لم يكن قادرا على الصمود أمام الظروف البحرية الصعبة، ولا
توفير المواد الإنسانية للمحتاجين في القطاع بسبب الظروف الأمنية غير
المناسبة".
وأضاف التقرير الذي ترجمته "
عربي21" أن
"مستقبل الرصيف العائم بات محل تساؤل، فلم يتم استخدامه إلا مدة 12 يوما منذ
بدء تشغيله في 17 أيار/ مايو"، موضحا أنه "في فترة التشغيل هذه كانت
المساعدات ترمى على الشاطئ، نظرا لعدم وجود شاحنات لتوزيعها على المخازن في القطاع
بسبب غياب الأمن".
وأشار إلى أن المشروع لم يحقق التطلعات المتوقعة
منه، وعندما أعلن عنه الرئيس الأمريكي جو بايدن، قال إنه سيؤدي إلى "زيادة
عظيمة" في حجم المساعدات الإنسانية الواردة إلى غزة يوميا، واستغرق بناء
الرصيف شهرين، وعمل في إنشائه حوالي ألف جندي أمريكي، لكنه لم ينقل إلى غزة خلال
فترة عمله القصيرة سوى حمولة 250 شاحنة، وهي نصف ما يصل برا إلى غزة في يوم واحد.
تعليق العمليات
وذكر أن المساعدات التي وصلت بقيت عالقة عند نهاية
الممر في منطقة التنظيم المقامة على الشاطئ، منوها إلى أنه منذ عملية النصيرات
واستعادة
الاحتلال 4 أسرى، وقتله 274 فلسطينيا، قرر برنامج الغذاء العالمي تعليق
عملياته في القطاع، وقد كان من المفترض أن تقوم شاحناته بنقل الطعام من منطقة
التنظيم ونقلها بالشاحنات إلى مناطق غزة.
وبحسب "الغارديان"، فإن الظروف البحرية
ساهمت في عرقلة عمل الرصيف، والبنتاغون قام بتصميم الرصيف ليحمل "حالة البحر
بالدرجة الثالثة"، والتي تحدد مستوى الأمواج من 0.5 – 1.25 متر، وكان
المصممون يأملون في استمرار الهدوء في البحر بين الربيع والصيف حتى بداية أيلول/ سبتمبر،
لكنه تعرض لأضرار فادحة في 25 أيار/ مايو، بسبب تلاطم الأمواج بشكل غير عادي.
ولفتت الصحيفة إلى أنه بعد إصلاح الرصيف في ميناء
أسدود أعيد إلى مكانه، وبدأ العمل في 8 حزيران/ يونيو الجاري، لكنه عمل ليوم واحد قبل
تعليق العمليات ليومين آخرين، وفي الـ14 من الشهر ذاته فكك الرصيف وشحن إلى ميناء
أسدود كخطوة احترازية من الأمواج العاصفة، وأعيد مرة أخرى يوم الجمعة، واستخدم منذ
ذلك الوقت لتحميل 4,160 طنا، إلا أن تقارير أشارت إلى إمكانية تفكيكه الشهر
المقبل، نظرا لعدم قدرته على تحمل الظروف العاصفة في البحر.
وعلق ستيفن موريسون، النائب البارز لمدير مركز
الدراسات الاستراتيجية والدولية بالقول: "لقد أساءوا التقدير" و"لم يفهموا
بشكل كامل ما سيحدث من ناحية الطقس، وتخلت وزارة الدفاع عنه وأذلت بطريقة
واضحة".
واعترفت وزارة البنتاغون بالتحديات التي واجهت
الرصيف العائم، ولكنها تنكر اتخاذها قرار لتفكيكه قبل الموعد المحدد له، وقال
المتحدث باسم الوزارة الجنرال باتريك رايدر: "لم نقرر الموعد النهائي للمهمة
وخلافا لتقارير إعلامية حول الموضوع".
بهرجة إعلامية
وكان يهدف الرصيف إلى إنشاء ممر مستقل عن الاحتلال
الإسرائيلي، لإدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة المدمر والمحاصر، وذلك بعد شعور
إدارة بايدن بالإحباط نتيجة عدم توفر المعابر الكافية لدخول المساعدات الإنسانية
والإغاثية إلى غزة.
وقالت منظمات الإغاثة التي تشترك في توفير المساعدات
الطارئة إن "شيئا أفضل من لا شيء"، لكنها عبرت عن قلق من بناء رصيف مكلف
وسط بهرجة إعلامية حرفت الانتباه عن ممارسة الضغوط السياسية على "تل أبيب" كي تفتح
المعابر البرية أمام الشاحنات، وهي الوسيلة الأكثر فاعلية لتوفير الطعام.
وقال زياد عيسى، مدير البحث في الجمعية الإغاثية
البريطانية "أكشن إيد"، إن حجم الشاحنات التي تدخل غزة يوميا انخفض إلى
100 شاحنة في النصف الأول من شهر حزيران/ يونيو. ولم توزع المساعدات في القطاع
بسبب الظروف الأمنية.
وتوقف معبر رفح عن العمل منذ سيطرة الجيش الإسرائيلي
عليه في 7 أيار/ مايو، وتم تحويل مسار الشاحنات نحو كرم أبو سالم في جنوب قطاع غزة،
إلا أن الطرق منه ظلت غير آمنة.
وقال عيسى: "ليست آمنة لعمال الإغاثة والطرق
نظرا لاستمرار القصف على غزة"، و"لم نشاهد أي تغير منذ
الإعلان عن التوقف التكتيكي"، في إشارة إلى إعلان الجيش الإسرائيلي عن التوقف
التكتيكي في العمليات يوم الأحد الماضي.