وصلت
ديون الحكومات حول العالم، إلى
مستوى غير مسبوق، بما يقارب حجم
الاقتصاد العالمي بأكمله، ما بات يفرض تكلفة باهظة
على الشعوب.
وبحسب شبكة "
سي
إن إن" فإن ديون الحكومات حول العالم قد بلغت 91 تريليون دولار، خاصّة عقب تضخم أعباء
الديون بسبب تكلفة جائحة كورونا، لدرجة أنها تشكّل الآن تهديدًا مُتزايدًا لمستويات
المعيشة، حتى في اقتصادات الدول الغنية، بما في ذلك الولايات المتحدة، ومع مرور معظم
بلدان العالم بالانتخابات، وسط صراعات سياسية، يتجاهل السياسيون المشكلة الاقتصادية.
وفي السياق نفسه، كرّر صندوق النقد
الدولي، الأسبوع الماضي، تحذيره من أن "العجز المالي المزمن" في
الولايات المتحدة يجب "معالجته بشكل عاجل"، فيما يعرب المستثمرون أيضا، منذ فترة طويلة عن قلقهم بخصوص المسار طويل الأجل للحكومة الأمريكية في مواجهة
الأزمة.
وقال روجر
هالام، وهو رئيس إدارة أسعار الفائدة في شركة "فانغارد"، إحدى أكبر شركات
إدارة الأصول في العالم، إن "استمرار العجز وارتفاع عبء الديون قد جعل ذلك
الآن مصدر قلق متوسط الأجل وليس بعيدًا". بحسب الشبكة ذاتها.
وخفّض الصندوق من تقديراته
للنمو الأمريكي هذا العام إلى 2.6 في المئة، بانخفاض 0.1 نقطة مئوية عن توقعات نيسان/ أبريل، ويطالب المستثمرون حول العالم بعائدات أعلى لشراء ديون العديد من الحكومات
مع تضخم العجز بين الإنفاق والضرائب.
ويعني ارتفاع
تكاليف خدمة الدين توفر أموال أقل للخدمات العامة الحيوية أو للاستجابة لأزمات مثل
الانهيارات المالية أو الأوبئة أو الحروب، مع تزايد أعباء الديون في جميع أنحاء
العالم، يزداد قلق المستثمرين، وتزداد اضطرابات اقتصاد الدول حول العالم.
ونظرًا لاستخدام
عوائد السندات الحكومية لتسعير الديون الأخرى، مثل الرهن العقاري، فإن ارتفاع
العوائد يعني أيضًا ارتفاع تكاليف الاقتراض للأسر والشركات، مما يضرّ بالنمو
الاقتصادي، ومع ارتفاع أسعار الفائدة، ينخفض الاستثمار الخاص وتصبح الحكومات أقل
قدرة على الاقتراض لمواجهة الانكماش الاقتصادي.
وقالت كبيرة
الاقتصاديين السابقة بوزارة الخزانة الأمريكية والأستاذة في كلية كينيدي
بجامعة هارفارد، كارين دينان، إن "معالجة مشكلة ديون أمريكا سوف تتطلّب إما زيادات
ضريبية أو تراجع الإنفاق على الخدمات الأساسية، مثل برامج الضمان الاجتماعي والتأمين
الصحي".
وأضافت:
"العديد من السياسيين غير راغبين في الحديث عن الخيارات الصعبة التي تحتاج
الحكومات إلى اتخاذها. هذه قرارات خطيرة للغاية، ويمكن أن تكون عواقبها وخيمة على
حياة الناس".
وتمكْنت مشكلة تأجيل
جهود الحد من الديون، من ترك الحكومات عُرضة لعواقب أكثر خطورة من قبل الأسواق
المالية. حيث تقدّم المملكة المتحدة أحدث مثال في اقتصاد كبير، إذ تسببت رئيسة
الوزراء السابقة، ليز تراس، في انهيار الجنيه الاسترليني عام 2022، عندما حاولت تطبيق
تخفيضات ضريبية كبيرة تم تمويلها من خلال زيادة الاقتراض.