ناقشت صحيفة الغارديان البريطانية، النتائج الأولية للانتخابات في
بريطانيا، التي أظهرت تفوقا ساحقا للعمال على المحافظين، بعد 14 عاما من وجودهم في السلطة.
وقالت صحيفة "
الغارديان"؛ إن نتائج
الانتخابات البريطانية كشفت عن
انتصار مذهل لحزب العمال البريطاني، ونتائج لم يحلم بها منذ عقود، ولكن الانتصار
لم يكن دون أخطاء.
حزب المحافظين، أسخط الناخبين على 14 عاما من حكم، أدى إلى تدمير البنى التحتية
في بريطانيا، وزيادة التضخم، وارتفاع الأسعار، وشبه انهيار للنظام الصحي.
وتؤكد النتائج حصول العمال على غالبية
مطلقة في البرلمان، وسط انهيار للمحافظين وخسارة وزراء مقاعدهم البرلمانية. وتعد الانتخابات
هزيمة لريشي سوناك، الذي لم يمض على توليه الوزارة سوى عامين في 10 دواننينغ
ستريت.
ومع اكتمال النتائج النهائية، فسيكون حزب
المحافظين قد واجه أسوأ نتائج له منذ 200 عام، أما العمال، فهي الأفضل له منذ عام
1997.
ولعل أهم الدروس من هذه الجولة، هي أن
العمال سيصبحون الحزب المهيمن على البرلمان بعد هزيمة عام 2019، وكشفت الإشارات الأولية تحولا في
مواقف الناخبين بمنطقة ساوث سويندون، جنوب
إنجلترا 16.4% من المحافظين باتجاه
حزب العمال، وهي نسبة أعلى من 12.7% يحتاج
العمال إليها لكي يكونوا الحزب بغالبية مطلقة، وهو أكبر تحول نحو حزب بريطاني
منذ الحرب العالمية الثانية. ويقول الخبراء؛ إن النتائج هي متساوقة مع استطلاعات
الرأي التي توقعت فوز العمال بـ 410 مقعدا من 650 مقعدا في البرلمان.
وقبل خمسة أعوام، كان قلة من الخبراء تتوقع تعافي الحزب من هزيمة 2019، إلا أن النتائج متناسبة مع تفوق الحزب بـ 20
نقطة على المحافظين طوال الحملة الانتخابية.
وترى الصحيفة أن فوز العمال المذهل لم
يكن بسبب حب الناخبين له، ولكن لكراهيتهم المحافظين. وبدا أن الناخب البريطاني
كان يريد معاقبة الحزب الحاكم وبشدة؛ فقد تراجعت حصة المحافظين بنسبة 32.7%، في
وقت زادت فيه حصة العمال بنسبة متواضعة 5.2%، ولم يرد الناخبون على ما يبدو
المغفرة لحزب المحافظين؛ لأنه كان مسؤولا عن عدد من الكوارث، وبخاصة الميزانية
المصغرة التي قدمتها ليز تراس عام 2022، وأدت إلى زيادة رسوم الرهن العقاري وزيادة سعر الفائدة.
ورغم محاولة سوناك الذي تولى الحكم
بعد أشهر السيطرة على الوضع، إلا أن جهوده الفاترة ركزت على تخفيض مستويات التضخم، وفشل في تخفيض
مستويات الانتظار في الصحة الوطنية.
أما البعد الجديد في انتخابات الخميس، فهو صعود اليمين المتطرف وفوز حزب
الإصلاح البريطاني بزعامة نايجل فاراج بمقاعد، بل وفاز فاراج نفسه ولأول مرة بعد
ثماني محاولات بمقعد في البرلمان عن دائرة كلاكتون الساحلية، في شرق إنجلترا.
وأشارت النتائج الأولية إلى فوز حزب
فاراج بحوالي 13 مقعدا، لكن هناك مبالغة في التقدير عندما احتفظ العمال بدائرة
بارنزلي يوركشاير، متقدما بحوالي 8,000 صوت. وربما أصبح حزب الإصلاح الثاني في
عدد من الدوائر التي دعمت البريكسيت.
أما النتيجة الأخرى للانتخابات، فهي
فشل الحزب الوطني الأسكتلندي، الذي أدار حملته بوعد السيطرة على 57 مقعدا في
البرلمان، والتفاوض من جديد على الاستقلال.
وفشله يعني أن قضية الاستقلال ستكون
في آخر القضايا. وأخيرا، فإن انتصار حزب العمال الساحق، يعطي صورة أن السياسة في
بريطانيا باتت متقلبة، فلم تعد الولاءات القديمة للناخبين والموزعة بين العمال
والمحافظين معيارا للسياسة، وبخاصة أن
انتخابات 4 تموز/ يوليو أثبتت أن الناخبين مستعدين لمعاقبة الساسة وبقسوة، حال فشلوا في مهمتهم.