ملفات وتقارير

تفاصيل حصرية لـ"عربي21" حول محاكمة الـ84 معتقلا في الإمارات

تعتقل الإمارات العشرات من الدعاة والأكاديميين بتهم تتعلق بالإرهاب- وام
حصلت "عربي21" على تفاصيل حصرية حول إصدار محكمة أبو ظبي الاتحادية الاستئنافية (أمن الدولة)، أحكاما بالسجن المؤبد ضد 43 متهما من أصل 84، في القضية المعروفة إعلاميا باسم "تنظيم العدالة والكرامة الإرهابي".

وقال مصدر لـ"عربي21" إن المحكمة قضت بانقضاء الدعوى الجزائية لأربعة وعشرين متهما، وهو ما يعني براءتهم من هذه القضية.

وذكر المصدر نقلا عن أهالي المعتقلين، أن هناك تخوفا من انتظار انتهاء فترة الاستئناف (شهر) قبل البدء بالإفراج عن المعتقلين.

في حين قال المستشار القضائي محمد بن صقر الزعابي، وهو معارض إماراتي بارز، إن "الأصل أن يُفرج عنهم، لكن كل هؤلاء أصلاً انتهت أحكامهم قبل سنتين، وبعضهم منذ خمس سنوات ولم يفرج عنهم على أساس أنهم في المناصحة".

ويتيح القانون الإماراتي للادعاء العام، وللمتهمين، حق الطعن في الحكم لدى المحكمة الاتحادية العليا في مدة أقصاها شهر.

وحول المتهم الوحيد الذي قضت المحكمة ببراءته، قال المصدر إن المقصود هو رجل الأعمال خلف الرميثي الذي قامت السلطات الأردنية بتسليمه إلى الأردن في آذار/ مارس من العام الماضي.

وأشار المصدر إلى أن الرميثي كان متهما أيضا في قضية "التنظيم السري"، وحُكم عليه بالسجن الغيابي 15 سنة، ولا يُعرف ما إن كان القضاء الإماراتي سيعيد محاكمته في تلك القضية أم لا.

تسجيلات 
كشف المصدر لـ"عربي21" أن تفاوت الأحكام التي صدرت ضد المتهمين (براءة، وسجن 5- 10 سنوات، والسجن المؤبد)، يعود لأسباب بينها قبول بعض المعتقلين الضغوطات المفروضة عليهم بقبول تسجيل فيديوهات يدينون أنفسهم فيها بالتورط في تنظيم سري، كشرط لإسقاط التهم عنهم.

وفي السنوات الماضية، خرج عدد من المعتقلين في قضية "التنظيم السري" بعد تسجيل فيديوهات متشابهة، يدينون فيها جماعة "الإخوان المسلمين"، ويعترفون بأنهم كانوا يخططون لإحداث فوضى في الإمارات.

وقالت منظمات حقوقية إن تلك الفيديوهات انتزعت من المعتقلين تحت التهديد، أو جرى استخدامها كوسيلة ابتزاز للإفراج عنهم.

منصور وابن غيث

لم يسرد القاضي في محكمة أبو ظبي الاتحادية كافة الأسماء خلال جلسة النطق التي لم تتجاوز الـ9 دقائق فقط.

وعُرف من خلال بعض الأسماء التي تلاها القاضي، أن الشيخ سلطان بن كايد القاسمي،  ابن عم حاكم رأس الخيمة، والداعية محمد الصديق والد الناشطة الراحلة آلاء الصديق، والأكاديمي عبد السلام درويش، هم من بين 43 اسما تم الحكم عليهم بالسجن المؤبد.

وقال مصدر لـ"عربي21" إن الحقوقي البارز أحمد منصور، والأكاديمي ناصر بن غيث، من المرجح أن يكون تم الحكم عليهم بالسجن دون المؤبد.

وأشار إلى أن هذا الترجيح يأتي نظرا لكون منصور وابن غيث لم يتم اتهامها بتأسيس التنظيم المزعوم، وفقا للائحة الاتهام.

أحكام قاسية
والأربعاء، قضت محكمة أبو ظبي بإدانة 53 متهما زعمت أنهم "من قيادات وأعضاء تنظيم الإخوان المسلمين الإرهابي"، وست شركات، وبمعاقبتهم بعقوبات تراوحت بين السجن المؤبد والغرامة البالغ قدرها عشرين مليون درهم (2.7 مليون دولار).

وقالت وكالة الأنباء الإماراتية "وام" إن أحكام السجن المؤبد صدرت ضد 43 متهما أدينوا بـ"جريمة إنشاء وتأسيس وإدارة تنظيم لجنة العدالة والكرامة الإرهابي بغرض ارتكاب أعمال إرهابية على أرض الدولة".

فيما قضت المحكمة بمعاقبة خمسة متهمين بالسجن لمدة خمس عشرة سنة عن "جريمة تعاونهم مع تنظيم دعوة الإصلاح الإرهابي، ومناصرته في مقالات وتغريدات نشروها على مواقع التواصل الاجتماعي، مع علمهم بأغراضه المناهضة للدولة".

وقضت بـ"معاقبة خمسة متهمين آخرين بالسجن لمدة عشر سنوات وتغريم كل منهم عشرة ملايين درهم عن جرائم غسل الأموال المتحصلة من جرائم انشاء وتأسيس تنظيم إرهابي وتمويله".

وشملت الأحكام معاقبة ست شركات والمسؤولين عنها بتغريم كل منها مبلغ عشرين مليون درهم وبحل وإغلاق مقار تلك الشركات ومصادرة أصولها وحقوقها المادية والمعنوية والأموال والعقارات والواجهات المملوكة لها، ومصادرة المواد والأدوات وكافة المتعلقات المضبوطة المتحصلة والمستخدمة في الجرائم المسندة إليها، وهي جرائم غسل الأموال الواقعة من جماعة إجرامية منظمة واستخدام متحصلات غسلها في تمويل تنظيم إرهابي.

"سياسة ممنهجة"
وتتهم منظمة هيومن رايتس ووتش، ومنظمات حقوقية عديدة، الحكومة الإماراتية بانتهاج سياسة تهدف إلى إبقاء المعتقلين السياسيين في السجن.

وبعد انتهاء جل أحكام السجن في قضية "التنظيم السري" التي اعتقلت على إثرها السلطات العشرات في 2012، فإنه جرى قبل أشهر  توجيه تهم جديدة لهم، علما بأنهم قيد الاعتقال منذ 12 سنة.

وقال خبير قانوني إماراتي لـ"عربي21" في تصريحات سابقة، إن القضاء الإماراتي أطلق اسم "تنظيم لجنة العدالة والكرامة" على المتهمين في القضية، وأكد أنها قضية جديدة، كمخرج قانوني له لمخالفته الأنظمة المعمول بها في القانون الإماراتي.

وانتهكت الإمارات، بحسب الخبير، المادة 19 من الميثاق العربي لحقوق الإنسان، التي تنص على أنه "لا يمكن محاكمة شخص مرتين بنفس التهمة. يحق لأي شخص يُقام ضده مثل هذا الإجراء أن يطالب بشرعيته بالإفراج عنه"، وهو ما أكد عليه بيان مشترك لـ43 منظمة حقوقية في كانون الأول/ ديسمبر الماضي.

وقالت آية مجذوب، نائبة مديرة المكتب الإقليمي في منظمة العفو الدولية "أمنستي": "المحاكمة الجماعية الجارية لـ84 متهما تنتهك بشكل صارخ حقوقهم في محاكمة عادلة".

وأضافت مجذوب أن "الإمارات تريد أن ترهب المجتمع، وتتخلص من المعارضين".