اعتبرت قيادات بحركة "
النهضة" أن إيقاف
أمينها العام،
العجمي الوريمي، دون توجيه أي تهمة، يعد ضمن سياسة الإمعان في
التشفي ومحاصرة الحزب.
ورأت "النهضة" أن مواصلة السلطة لحملة
الاعتقالات لأبرز قياداتها السياسية استهداف واضح للمعارضة وللديمقراطية، خاصة أنه
اعتقال يأتي بعد إعلان موقف الحزب من الانتخابات الرئاسية، التي ستجرى في السادس من تشرين الأول/ أكتوبر القادم .
ومساء السبت، تم إيقاف الأمين العام للحركة العجمي
الوريمي رفقة عضو مجلس الشورى محمد الغنودي والشاب مصعب الغربي، دون توجيه أي تهمة، وفق ما أكده المحامي فوزي جاب الله لـ"عربي21 ".
ووفق المحامي، فإنه تقرر الاحتفاظ بالوريمي لمدة 48 ساعة، دون مقابلة المحامين، كما تم إحالة عضو الشورى الغنودي على فرقة بالعوينة
باعتباره مطلوبا من قبل فرقة أمنية .
ولاحقا، أفاد المحامي جاب الله بأنه تمت إحالة العجمي الوريمي على قطب مكافحة الإرهاب.
"ليست مفاجئة"
وقال رياض الشعيبي القيادي بحركة "النهضة"
ومستشار رئيس الحزب، إن إيقاف العجمي الوريمي "لم يكن مفاجئا بالنظر لسياسات السلطة منذ ثلاث سنوات".
وأكد الشعيبي أن الإيقاف يأتي في إطار "استهداف قوى
المعارضة الديمقراطية، وعلى رأسها جبهة الخلاص الوطني وحركة النهضة".
واعتبر الشعيبي في تصريح لـ"عربي21" أنه و"بعد غلق مقرات الحركة واعتقال العشرات
من قياداتها ورموزها، ما زالت السلطة مصرة على سياسة التنكيل والتشفي، واعتقال
العجمي الوريمي اليوم لا يخرج عن هذه السياسة، بل إمعان فيها".
ويذكر أن رئيس الحركة راشد الغنوشي معتقل منذ السابع عشر
من نيسان/ أبريل من العام الماضي، على خلفية تصريحات اعتبرتها النيابة العامة
تحريضية، ليتم إثر ذلك إصدار بطاقة بسجنه، كما صدرت بحقه بطاقات إيداع أخرى في ملفات مختلفة وأحكام سجنية وصلت 3
سنوات مع تحجير سفر ومراقبة إدارية.
ومنذ شباط/ فبراير العام الماضي، قامت السلطات باعتقال
العديد من القيادات بالنهضة من الصف الأول، وأغلبهم تقلدوا مناصب عليا في الدولة
بعد ثورة 2011.
ومنذ ليلة اعتقال الغنوشي، صدر قرار من السلطات بغلق جميع
مكاتب النهضة، وأولها المكتب المركزي، مع إخضاعه للتفتيش، ومنع جميع نشاطات الحزب.
"السلطة ترد"
وقال القيادي
بالحركة محسن السوداني، إنه "من الناحية القانونية، ليست لدينا إلى حدّ هذه
اللحظة معطيات دقيقة عن سبب اعتقال الوريمي، أما من الناحية السياسية، فإننا نعتبر
الاعتقال يأتي في إطار استهداف سياسي للحركة، خاصة أننا عبّرنا عن أننا معنيون
بالانتخابات الرئاسية كمحطّة لاستعادة المسار الديمقراطي، وما لذلك من علاقة
بالتزكيات والدعم".
ورأى السوداني في حديث لـ"عربي21"، أنه وبالنظر إلى المعطيات الأولية التي تفيد بغياب أي تهمة في حق الأمين العام، فإننا نرجّح أن يتمّ إطلاق سراحه".
وفسر
السوداني: "الجميع يعلم أن مواقف الأستاذ
الوريمي وتصريحاته ظلّت على قدر كبير من الاعتدال والتوازن، وهي بعيدة عن التشنّج
والتصعيد الكلامي الذي عادة ما يطغى في الأزمات السياسية ".
وشدد
القيادي بـ"النهضة" أنه وبرغم الملاحقات الأمنية والقضائية التي تستهدف
الحركة، ظلّ الأداء السياسي والإعلامي للعجمي الوريمي هادئا ورصينا ومسؤولا.
وكان العجمي الوريمي قد أكد في تصريح سابق لـ"عربي21"، أن "الانتخابات استحقاق وطني ودستوري وجب احترامه"، مؤكدا أن موقف حزبه النهائي عدم تقدم أي مرشح للمنافسة.
"بعد تفاوضي"
وفي قراءة تحليلية لإيقاف الوريمي، اعتبر الباحث الجامعي
زهير إسماعيل أن "اعتقال
الأمين العام لحركة النهضة خبر من الوزن الثقيل، وإذا لم يعرف بعد سبب الاعتقال
المباشر، فإنّه لا يمكن فصله عن أجواء الانتخابات، التي انطلقت بعد دعوة الناخبين
رسميا إلى الاقتراع العام يوم 6 أكتوبر القادم".
وفسر
إسماعيل لـ"عربي21" أنه و"على المستوى الشخصي، يمثل اعتقال الوريمي
حرجا للسلطة، لما يحظى به الرجل من إجماع وطني على شخصيته الفكرية ونهجه في النضال
السياسي المتمسك بالديمقراطية والحوار وبناء المشتركات الوطنية ومرجعية دولة
القانون".
وأضاف:
"على مستوى حركة النهضة، فهي تعيش وضعا استثنائيا منذ غلق مقراتها واعتقال
قيادتها التاريخية، ومثل تحمّل العجمي الوريمي لأمانتها العامة حيوية داخل الحركة، مكّنت من إيجاد معادلة ناجعة بين التمسك باستعادة الديمقراطية والحوار المفتوح في
كل الاتجاهات من أجل تخطي الأزمة المركبة التي تعرفها البلاد".
ولفت الباحث
زهير إسماعيل إلى أن النهضة تمثل خزانا انتخابيا معتبرا يسترعي اهتمام من يتولون
ترتيب المشهد الحالي، ولا غنى عنه للمتنافسين بدرجة أو أخرى، وتساءل: "فهل يكون لإيقاف أمين عام الحركة بعد تفاوضي؟ هذا ما ستكشف عنه
مستجدات المشهد وتفاصيله".
والذي لا
خلاف حوله أنّ حركة النهضة كانت من أهمّ شروط بناء الديمقراطية في عشرية الانتقال،
رغم الاختلاف الكبير حول دورها ومدى نجاحها فيه ومسؤوليتها فيما آل إليه الوضع".
وانتهى
الباحث إلى تأكيد أن النهضة "مكون أساسي في حركة استعادة الديمقراطية، وتمثل مع
انطلاق الأجواء الانتخابية، وظهور مرشحين كثر معطى سياسيا لا يمكن تخطيه فيما
سيكون من ترتيبات لـ"ليوم التالي"، ونعني الانتخابات ونتائجها، فالنهضة
حاضرة حتى مع قرار استبعادها".