كتبت النائبة في البرلمان البريطاني،
زارا سلطانة، في صحيفة
"الغارديان":
"كلما رأيت العواقب المؤلمة التي تخلفها غارة جوية إسرائيلية على غزة، أم
فلسطينية تحتضن جثة طفلها الهامد، أو مخيم للاجئين تبتلعه النيران، أسأل نفسي نفس
السؤال. هل تم استخدام أسلحة بريطانية الصنع لإحداث هذا الرعب؟".
وتجيب قائلة إن من المؤكد أن الإجابة في بعض الأحيان هي "نعم". ينهمر على غزة
أسطول
الاحتلال الإسرائيلي من الطائرات المقاتلة من طراز إف-35، التي وصفتها
الشركة المصنعة لها بأنها "الطائرة المقاتلة الأكثر فتكا في العالم".
ويتم تصنيع كل طائرة، جزئيا، في
بريطانيا، في صفقة تقدر الحملة ضد تجارة الأسلحة
قيمتها بـ 368 مليون جنيه إسترليني.
وتؤكد سلطانة أن هذا مجرد مثال واحد على استخدام الاحتلال الإسرائيلي للأسلحة
البريطانية الصنع في هجومه على غزة. ولكن بعد ما يقرب من 10 أشهر واستشهاد 38 ألف
فلسطيني، ترك المحافظون الحكومة رافضين تعليق مبيعات الأسلحة، وهو العار الذي
سيلطخ حزبهم إلى الأبد. وتقع هذه المسؤولية الآن على عاتق حزب العمال.
وتقول في مقالها: "يجب على حكومتنا الجديدة أن تفعل الشيء الصحيح وتتوقف
عن تمكين جرائم الحرب الإسرائيلية. ولهذا السبب، أطرح اليوم، بوصفي عضوا في
البرلمان عن حزب العمال، تعديلا على خطاب الملك يدعو زملائي إلى احترام القانون
الدولي وتعليق مبيعات الأسلحة للاحتلال الإسرائيلي".
وتؤكد أنه ليس هناك مجال لتضييع الوقت. فقد كان الأسبوع الماضي "أحد أكثر
الأسابيع دموية" منذ بدء الهجوم الإسرائيلي، وفقا للأونروا، وكالة الأمم
المتحدة لإغاثة الفلسطينيين. وأنه يجب على الحكومة أن تستخدم كل الأدوات المتاحة
للضغط على الحكومة الإسرائيلية لحملها على الالتزام بالقانون الدولي وإنهاء هذا
الاعتداء. وهذا ليس مجرد واجب أخلاقي، بل هو واجب قانوني أيضا.
وتقول: "لنفكر مرة أخرى في طائرة F-35. وقد قام جيش الاحتلال الإسرائيلي بتسليح هذه
الطائرات بقنابل تزن 2000 رطل، ومتفجرات يصل نصف قطرها القاتل إلى 365 مترا - وهي
مساحة تعادل 58 ملعبا لكرة القدم. وقد حدد تقرير حديث للأمم المتحدة أن هذه
القنابل قد استخدمت في حالات 'رمزية' من الهجمات العشوائية وغير المتناسبة على غزة
والتي 'أدت إلى أعداد كبيرة من القتلى المدنيين وتدمير واسع النطاق للأشياء
المدنية'. وفي تهوين من الناحية القانونية، قالت الأمم المتحدة إن هذا يثير 'مخاوف
جدية بموجب قوانين الحرب'".
وتشير إلى أن دور قوانين تصدير الأسلحة البريطانية يأتي هناك. وكما قال وزير
الخارجية البريطاني الجديد، ديفيد لامي، قبل بضعة أشهر: "القانون واضح. لا
يمكن منح تراخيص الأسلحة البريطانية إذا كان هناك خطر واضح من احتمال استخدام هذه
العناصر لارتكاب أو تسهيل انتهاك خطير للقانون الإنساني الدولي"، وشددت
النائبة هنا أنه ومما لا شك فيه أنه تم استيفاء هذه العتبة، ولهذا السبب دعا خبراء
الأمم المتحدة إلى وقف صادرات الأسلحة إلى إسرائيل على الفور.
وتُنبه النائبة إلى أن خطر انتهاك للقانون الدولي لا يقتصر على استخدام طائرات
إف-35 فحسب. فمنذ عام 2015، رخصت حكومات المحافظين ما يزيد عن 490 مليون جنيه
استرليني في "تراخيص قياسية" لجيش الاحتلال الإسرائيلي، مع كمية غير
معروفة من المعدات العسكرية - بما في ذلك قطع غيار الطائرات المقاتلة الإسرائيلية
من طراز F-35 - التي تم نقلها
بموجب "تراخيص مفتوحة" سرية. ولا يقتصر الأمر على سلامة قوانين المملكة
المتحدة فحسب، بل النظام القانوني الدولي برمته أيضا.
وتقول إن محكمة العدل الدولية "قضت في كانون الثاني/ يناير، بوجود خطر
معقول بوقوع إبادة جماعية في غزة. وباعتبارها دولة موقعة، فإن حكومة المملكة
المتحدة ملزمة قانونا بمنع الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، وهو التزام تجاهلته
حكومتنا السابقة بشكل صارخ، عندما سلحت الاحتلال الإسرائيلي، وعارضت وقف إطلاق
النار الفوري، وعلقت التمويل للأونروا، حتى مع اندلاع المجاعة في الجيب المحاصر".
كما تشير في مقالها إلى تقدّم المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، في شهر
أيار/ مايو، بطلب لإصدار أوامر اعتقال بحق قيادات الاحتلال الإسرائيلي وحماس بتهمة
ارتكاب جرائم حرب، إلا أن حكومة المحافظين قامت مرة أخرى بتقويض القانون الدولي
وتحدي اختصاص المحكمة الجنائية الدولية.
وتُذكّر أنه في ذلك الوقت، عارض حزب العمال ذلك، حيث قال لامي: "لقد
تراجع المحافظون عن التزامهم بسيادة القانون. بينما يؤيد حزب العمال استقلال
المحاكم الدولية. إن طلب المدعي العام للحصول على أوامر الاعتقال، فضلا عن اختصاص
المحكمة الجنائية الدولية، هو أمر يخص المحكمة الجنائية الدولية". وتضيف أنه
يجب الحفاظ على هذا الالتزام بالقانون الدولي، حتى لو اعترض الرئيس بايدن. ولهذا
السبب فإن التعديل الذي قدمته يدعو الحكومة أيضا إلى إسقاط الطعن الذي قدمته
المملكة المتحدة لإصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرات الاعتقال.
وتقول في مقالها إن هذه ليست مطالب متطرفة، مبينة أنه ردا على الاعتداءات
الإسرائيلية السابقة، علقت حكومات المملكة المتحدة مبيعات الأسلحة إلى الاحتلال الإسرائيلي:
مارغريت تاتشر في عام 1982، وتوني بلير في عام 2002، وغوردون براون في عام 2009،
وديفيد كاميرون في عام 2014.
وتُنبّه إلى أن هذا الهجوم الإسرائيلي تسبب في تقتيل ودمار للشعب الفلسطيني
بشكل يفوق بكثير أي شيء شهدناه من قبل، ومع ذلك رفضت حكومة المحافظين التحرك. ولا
ينبغي للحكومة الجديدة أن تحتاج تذكيرها بذلك مرتين.
وتشدد على أن الفوز الساحق الذي حققه حزب العمال في وقت سابق من هذا الشهر كان
سببا في إخفاء السخط الواسع النطاق إزاء استجابة الحزب للحرب الإسرائيلية على غزة،
وخاصة بين المجتمعات المسلمة البريطانية. وإذا كانت الحكومة الجديدة تعتزم فتح
صفحة جديدة، فإن الخطوة الأولى التي يتعين عليها اتخاذها هي حظر مبيعات الأسلحة إلى
إسرائيل - وهي الخطوة التي يؤيدها 56% من الجمهور.
وأنهت مقالها بالقول: "حتى الآن، كنت أتحدى حكومة المحافظين بسبب تورطها
في جرائم ضد الشعب الفلسطيني. ويجب أن ينتهي هذا التواطؤ الآن بعد أن أصبح لدينا
حكومة حزب العمال. لذا فإنني أحث زملائي على: احترام القانون الدولي، وتعليق
مبيعات الأسلحة لإسرائيل، ودعم التعديل الذي قدمته".