نجح حزب جبهة القوى الاشتراكية
الجزائري في الحصول على الاستمارات اللازمة لقبول ملف مرشحه وسكرتيره الوطني الأول يوسف أوشيش لدخول
الانتخابات الرئاسية المرتقبة في 7 أيلول / سبتمبر المقبل.
قرار حزب جبهة القوى الاشتراكية الجزائري بإنهاء خيار المقاطعة للعملية السياسية في الجزائر، يمثل تحولا استراتيجيا ليس في علاقة جبهة القوى الاشتراكية بالدولة فحسب، وإنما في قدرة النظام السياسي القائم في الجزائر على الوصول إلى هذه النتيجة وإقناع أحد أعمدة الحياة السياسية لقوى المعارضة في اقتحام العمل السياسي من خلال المنافسة على الكرسي الأول في الدولة.
وجاء في تقرير لصحيفة "الخبر" الجزائرية اليوم تعليقا على توجه حزب جبهة القوى الاشتراكية للمشاركة في الانتخابات الرئاسية: "يعد خيار المشاركة في الرئاسيات بمرشح عن الحزب تحولا تاريخيا في مسار الأفافاس، حيث ترى قيادة الأفافاس التي تراهن على سكرتيرها الوطني الأول لخوض غمار الانتخابات المقبلة، أن هذا الخيار قرار استراتيجي يستجيب إلى متطلبات أساسية تتعلق بالحفاظ على الدولة الوطنية وإعادة الاعتبار للسياسة من خلال النقاش العام والمواجهة السليمة للأفكار والمشاريع، مع منح الجزائريين والجزائريات بديلا سياسيا يعمل على إبراز قطب سياسي وطني تقدمي ديمقراطي حول مشروع إعادة بناء القواعد المؤسساتية والاقتصادية والاجتماعية للبلاد".
وأعادت الصحيفة تحول موقف قيادة جبهة القوى الاشتراكية، المعروف اختصارا، بـ "الأفافاس" إلى التغير الذي جرى عقب المؤتمر الوطني السادس في نهاية 2022، والذي "دفع الحزب نحو مراجعة ذاتية في علاقته بالدولة ومؤسساتها وإجراء مراجعة أيضا في خطابه ومواقفه السياسية بعدما وجد أن
سياسة المقاطعة والكرسي الشاغر لم تكن في صالحه، حيث شارك في آخر انتخابات محلية إلى جانب اقتراع مجلس الأمة، لكن الإجماع حول هذا التحول لم يتحقق، حيث انسحبت رموز وشخصيات وقواعد نضالية من الحزب، في ظل ما وصفته بتفرد النخبة الجديدة بمؤسساته وهيئاته وقطع الطريق على الجيل القديم".
واللافت للانتباه أنه وعلى الرغم من التحول الذي شهده الحزب، فإن قيادته الجديدة لم تتخل عن مسائل تراها جوهرية على غرار ضمان الحريات السياسية والإعلامية وإطلاق سراح المعتقلين.
وتعود آخر مشاركة للحزب الذي تأسس عام 1963، في انتخابات الرئاسة إلى دورة 1999، حيث خاض حينها المعترك برئيسه ومؤسسه رجل الثورة الراحل حسين آيت أحمد، الذي انسحب من المنافسة عشية فتح صناديق الاقتراع، رفقة خمسة مرشحين آخرين، بذريعة أن الجيش يملك مرشحا هو عبد العزيز بوتفليقة.
ولا تبدو خطوة حزب جبهة القوى الاشتراكية ذات أهمية كبرى من الناحية السياسية، بالنظر إلى تشتت القوى السياسية المعارضة وعدم قدرتها على التوحد في مواجهة مرشح الدولة، الرئيس الحالي عبد المجيد تبون، وإنما أيضا لقدرة السلطات على استمالة عدد من المعارضين بما أدى إلى إضعاف جبهة المعارضة.
فقد أعلنت 4 أحزاب كبرى في الجزائر هي حزب جبهة التحرير الوطني (الحاكم سابقا)، والتجمع الوطني الديمقراطي (موالاة)، وجبهة المستقبل (موالاة) وحركة البناء الوطني (إسلامي)، عن تشكيل ائتلاف مشترك، بهدف دعم مرشح وطني مجمع عليه استعدادا للانتخابات الرئاسية المقبلة المقرر إجراؤها في سبتمبر/ أيلول المقبل.
ثم بعد ذلك بأيام انسحبت حركة البناء الوطني من الائتلاف وعقدت ندوة وطنية بمشاركة 13 حزبا، خلاصتها أيضا دعم ترشيح الرئيس عبد المجيد تبون لولاية رئاسية ثانية.
وعلى الرغم من أن حركة مجتمع السلم أكبر حزب إسلامي في الجزائر، قررت ترشيح رئيسها عبد العالي حساني شريف للانتخابات الرئاسية المرتقبة فإن ذلك لم يغير كثيرا من طبيعة المشهد السياسي العام الراجح لصالح الرئيس الحالي عبد المجيد تبون.
على مستوى الأفراد كشف الخبير الأمني المنشق عن النظام كريم مولاي النقاب في تصريحات خاصة لـ
"عربي21"، أن السلطات الجزائرية عملت على استعمال كل أدوات الضغط الأمني والسياسي على القوى السياسية والمجتمع في الداخل مارستها بحق معارضين ونشطاء في الخارج.
وأشار مولاي إلى أنه وضمن هذا الإطار يمكن النظر إلى
مواقف عدد من نشطاء المعارضة الذين لم يغادروا مواقعهم في المعارضة فحسب، وإنما انخرطوا في عملية نقد لاذع للمعارضة ولتجاربهم، بما فهم منه أنه دعم لموقف النظام الحاكم في البلاد.
وأضاف: "ليس شرطا أن تكون الضغوط معلنة بوضوح، إذ يمكن استنتاجها من خلال المواقف النهائية لعدد من الشخصيات الإعلامية والسياسية التي أعلنت اعتزالها العمل العام، وبعضها عاد إلى الداخل وانخرط في عملية ترذيل للعمل المعارض.. وهذه سياسة قديمة يلجأ إليها النظام في الضغط على معارضيه".
إقرأ أيضا: تكتل سياسي جديد في الجزائر لخوض انتخابات الرئاسة.. هذا مرشحه
إلا أن هذا التمشي في دعم الوضع القائم حاليا في الجزائر لم يستطع إلغاء المعارضة في الداخل والخارج.. فإلى جانب حركة "رشاد" التي تتمسك بمقاطعة الانتخابات الرئاسية، وتدعو إلى إنهاء سيطرة الجيش على الحياة السياسية في البلاد، أصدرت 11 شخصية سياسية جزائرية بيانا أكدت فيه أن الجزائر تمر اليوم بوضع أسوأ من ذي قبل كما أن مؤشرات المستقبل على المديين القصير والمتوسط تبدو أعقد و أخطر .
وأشار البيان إلى أن "منظومة الحكم أضاعت على البلاد فرصة التغيير السلس التاريخية التي منحتها ثورة الشعب السلمية منذ 22 فبراير 2019 واستمرت سياسة الكل أمني في الدوس على إرادة الشعب فارضا الانسداد، مرة أخرى، بالقمع والتسلط وصانعا "رئيسا آخر" على المقاس عبر ما يسمى بانتخابات 12 ديسمبر 2019، انتخابات كرست اللاشرعية وأدخلت البلاد في أنفاق أخرى من اللاحكمة والوهم والارتجال والعبثية".
وأكد البيان أن "القيادة العليا للقوات المسلحة بوصفها السلطة الفعلية وواجهتها المدنية، تسعى لإنقاذ نفسها على حساب الجزائر والشعب مكررة "خطاياه الكبرى" ومستنسخة أسوأ ما فيه".
وشدد الموقعون على البيان أن "مسؤوليتهم التاريخية اليوم لا تنحصر في رفض مهزلة "انتخابات" النظام الرئاسية القادمة شكلا ومضمونا بل تتعداه إلى بناء ميزان قوة شعبي سلمي بديل لحماية كياننا الجمعي شعبا ووطنا وفق الحقوق والحريات المكفولة دستوريا وفي المواثيق والعهود الدولية التي أقرتها الجزائر منذ عقود".
ووقع على البيان الأسماء علي لعسكري، ومحمد هناد، وفطة سادات، وعبد الله هبول، وكريم طابو، والسعيد بودور، ووسيلة بن لطرش، ومحسن بلعباس، وتوفيق بلعلى، والسعيد الزاهي، وفضيل بوماله .
وفي لندن اعتبر القيادي في حركة "رشاد" المعارضة الديبلوماسي السابق محمد العربي زيتوت في تصريحات خاصة لـ
"عربي21"، أن ذهاب النظام إلى انتخابات رئاسية بهذه الطريقة يمثل إضاعة لمزيد من الفرص والمال والجهد والوقت على الشعب الجزائري، وأن قدرته على فرض أجندته على الشعب الجزائري المطحون بنتائج السياسات الفاسدة، لن يغير من طبيعة نظام الحكم شيئا ولا حتى من مطالب التغيير التي ينادي بها غالبية الشعب الجزائري.
وأكد زيتوت، أن من أسماها بـ "عصابة الحكم" في الجزائر ما زالت تعتمد على سياسة رشوة الدول وشراء تأييدها لبقائهم في الحكم، كما جرى مع إسبانيا أثناء جلب معارضين، وكما هو الحال اليوم مع الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا والصين وإيطاليا.
ورأى زيتوت، الذي يعتبر واحدا من أهم الأصوات المعارضة للنظام الجزائري في الخارج، أن قدرة عصابة الحكم على تنظيم انتخابات على خلاف ما طالب به الشعب الجزائري لا تعني شيئا، ولا تعطيه الشرعية لا في الداخل ولا في الخارج الذي يعرف ذلك جيدا".
وأضاف: "في أيام بوتفليقة كان الوضع مثل الآن تقريبا وفي النهاية ثار الشعب وأطاح ببوتفليقة.. اليوم هناك 44 جنرالا في السجن متهمون بالتآمر والفساد وعشرات آخرون مثلهم.. كما أن العصابة ستصرف 350 مليون دولار من مال الدولة على هذه المهزلة لو صرف على الماء أو على الكهرباء لكان أولى"، وفق تعبيره.
والأسبوع الماضي أعلن التلفزيون الجزائري، أن السلطة المستقلة للانتخابات استقبلت ملفات 16 مرشحا للانتخابات الرئاسية المقبلة، بينهم ملف الرئيس الحالي عبد المجيد تبون.
وذكر التلفزيون الرسمي أن عدد الراغبين في الترشح والذين استطاعوا تشكيل الملفات القانونية مرفقة باستمارات الاكتتاب الفردي "بلغ 16 مترشحا من أصل 35 كانوا أعلنوا نيتهم دخول المنافسة على الاستحقاق الرئاسي الذي سينظم في 7 سبتمبر/أيلول المقبل".
بدورها، أشارت سلطة الانتخابات إلى أن تقديم ملفات الترشح "انتهى أمس الخميس عند منتصف الليل" لتباشر عملية المعالجة وإصدار القرار في الملفات المقدمة في غضون 7 أيام.
وسبق وقال تبون في تصريحات سابقة إنه قرر الترشح لولاية رئاسية ثانية "نزولا عند رغبة أحزاب سياسية ومنظمات وطنية"، على حد تعبيره.
ويلزم قانون الانتخابات في الجزائر كل راغب في الترشح بجمع حد أدنى من استمارات الاكتتاب الفردي يقدر بـ 600 استمارة من توقيع منتخبين في مجالس بلدية أو ولائية أو البرلمان، و50 ألف استمارة موقعة من قبل المواطنين في 29 محافظة.
وتستمر عملية معالجة الاستمارات ودراسة الملفات حتى 27 يوليو/تموز الجاري، بحسب تصريح رئيس سلطة الانتخابات محمد شرفي، للتلفزيون الرسمي.
وأوضح أن السلطة "ستصدر قراراتها بقبول أو رفض ملف كل راغب في الترشح، بناء على مدى مطابقة الشروط القانونية".
وأشار إلى أنه بعد عملية مطابقة الشروط تتم إحالة قائمة المرشحين الذين قبلت ملفاتهم إلى المحكمة الدستورية، لتقوم بدورها بمعالجتها قبل إصدار قرارها بالقائمة النهائية في الجريدة الرسمية، على أن يتم ذلك بحلول 3 أغسطس/ آب المقبل.
وفي مارس/آذار الماضي، قرر الرئيس الجزائري، تبكير موعد الانتخابات الرئاسية إلى 7 سبتمبر، معللا الأمر بالأسباب "التقنية".
إقرأ أيضا: 16 مرشحا أكملوا ملفاتهم.. من هم أبرز المرشحين للانتخابات الرئاسية بالجزائر؟