كشفت وكالة "
بلومبيرغ" عن
جهود سعودية لتلافي تفاقم أزمة بين
الحوثيين والحكومة
اليمنية الشرعية المعترف بها
وتدعمها الرياض.
وقالت الوكالة في تقرير لها إن الرياض تشعر
بقلق متزايد بشأن الوضع في اليمن، حيث صعد المسلحون الحوثيون هجماتهم ضد
الاحتلال الإسرائيلي وهددوا بمهاجمة المملكة الغنية بالنفط بسبب مزاعم
بأنها تشن حربًا اقتصادية ضدهم.
ونقلت الوكالة عن عدة أشخاص مطلعين على
استراتيجية الحكومة
السعودية، طلبوا عدم الكشف عن هويتهم بسبب حساسية الأمر، قولهم
إن الرياض تخشى الانجرار إلى صراع مباشر جديد مع الحوثيين.
وسبق أن حاربت المملكة العربية السعودية
الجماعة لمدة سبع سنوات بدءا من عام 2015 في صراع دمر اليمن، وأسفر عن مقتل ما يقدر
بنحو 370 ألف شخص بسبب القتال والمجاعة.
وارتفعت التوترات في الأيام الأخيرة بعد
قصف الاحتلال الإسرائيلي لأهداف حيوية مدنية في ميناء الحديدة التي يسيطر عليها
الحوثيون، بعد يوم من نجاح مسيرة للحوثي في اختراق الدفاعات الإسرائيلية ووصولها
إلى "تل أبيب"، حيث أدى انفجارها إلى مقتل شخص وإصابة العديدين.
تصاعد التوتر مع الاحتلال الإسرائيلي،
رافقه تصعيد في اللهجة الحوثية ضد السعودية، وزعم زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي أن
السعودية تتواطأ مع "إسرائيل" والولايات المتحدة للحد من هجمات الجماعة على
الشحن في البحر الأحمر، والتي بدأت في أواخر العام الماضي تضامناً مع المدنيين الفلسطينيين
المتضررين من الحرب في
غزة. وهدد بإلحاق "خسائر مروعة" بالمملكة وإفشال رؤية
2030.
ونفت وزارة الدفاع السعودية أي علاقة لها
بالضربات الإسرائيلية على الحديدة، فيما دعت وزارة الخارجية "جميع الأطراف إلى
ممارسة أقصى درجات ضبط النفس".
وقال خمسة أشخاص على دراية مباشرة بهذه
المناقشات إن المسؤولين السعوديين حاولوا تهدئة الموقف من خلال حث الحكومة اليمنية
المعترف بها دوليا ومحافظ البنك المركزي على إعادة النظر في الإجراءات المالية المصممة
لإضعاف الحوثيين. وقال الأشخاص إن الرياض قالت إنها قد تقلل من الدعم الاقتصادي والعسكري
للإدارة اليمنية إذا تم تنفيذ التحركات ضد الحوثيين وأنها ستواجه بمفردها صراعا جديدا
محتملا.
وأكد السعوديون في المقابل للحوثيين أنهم
يفعلون كل ما في وسعهم لوقف تنفيذ الإجراءات، بحسب شخصين مطلعين على الأمر.
واتهم الحوثيون، في أيار/ مايو الماضي،
الولايات المتحدة والسعودية بـ"ممارسة ضغوط مالية على النظام المصرفي في مناطقهم"،
بعد حظر المصرف المركزي في عدن، الذي تسيطر عليه الحكومة اليمنية، المعاملات مع ستة مصارف
في صنعاء التي يسيطر عليها الحوثيون، لعدم التزامها بأمر الانتقال إلى عدن.
يذكر أن الحوثيين يديرون مصرفهم المركزي،
ويستخدمون أوراق عملات مختلفة بأسعار صرف مختلفة، في مناطق سيطرتهم.
وخرج زعيم الجماعة اليمنية، في وقت سابق من
هذا الشهر، في خطاب يهدد فيه السعودية، قائلا: "سننطلق لمقابلة كل خطوة بمثلها..
مطار الرياض بمطار صنعاء .. البنوك بالبنوك .. وهكذا الموانئ بالميناء".
وقالت الأمم المتحدة هذا الأسبوع إن الأطراف
اليمنية توصلت إلى اتفاق من شأنه أن يؤدي إلى إلغاء القيود المالية المفروضة على المناطق
التي يسيطر عليها الحوثيون، والتي يقطنها نحو 20 مليون شخص يعتمدون على المساعدات الإنسانية
الدولية والتحويلات المالية من الخارج. وقالت الأمم المتحدة في بيان إنها "أقرت بالدور
المهم للمملكة العربية السعودية في التوصل إلى هذا الاتفاق".
وكانت السعودية والولايات المتحدة قد دعمتا
في السابق إجراءات البنك المركزي للضغط على الحوثيين، معتقدتين أنها ستساعد في إنهاء
الأعمال العدائية البحرية وبدء محادثات السلام التي تقودها الأمم المتحدة لحل الصراع
في اليمن بعد فشل الغارات الجوية التي شنتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة ضد
أهداف الحوثيين منذ كانون الثاني/ يناير في إنهاء الهجمات في البحر الأحمر.
ولم يتضح بعد الدور الذي لعبته الولايات
المتحدة في إبطال هذه الخطط. فقد رفضت وزارة الخارجية التعليق، في حين لم تستجب وزارة
الخزانة لطلب التعليق.
وقالت فاطمة أبو الأسرار، الباحثة في معهد
الشرق الأوسط، إن المملكة العربية السعودية تواجه خيارات صعبة في ضوء "القفزة
الكبيرة" في قدرات الحوثيين منذ عام 2015 - كما يتضح من إرسال طائرة بدون طيار
على بعد حوالي 2000 كيلومتر (1242 ميلاً) من اليمن إلى قلب "تل أبيب". وأضافت أن الاستمرار
في تقديم التنازلات من شأنه أن يشجعهم.
وقال برنارد هيكل، أستاذ دراسات الشرق الأدنى
بجامعة برينستون، إن السعوديين حذرون من احتمال اندلاع مواجهة جديدة مع الحوثيين وإيران.
وأضاف أن "السعوديين استوعبوا درسا
وأدركوا أن الأمريكيين قد يكونون هنا اليوم ويرحلون غدا، لكن إيران والحوثيين موجودون
هنا اليوم ولن يرحلوا غدا".