من أردوغان إلى نتنياهو، هل تحدث المعجزة؟!
ففي يوم واحد كان التهديد بتوسيع نطاق
الحرب؛ فالرئيس التركي هدد بخوض الحرب ضد الكيان
الإسرائيلي، وفي الوقت نفسه كان
الإعلان عن تسليم جيش الكيان لما سمي بسيناريوهات لشن هجوم على حزب الله، وعلى
لبنان، رداً على سقوط قتلى وجرحى في بلدة مجدل شمس الدرزية شمال هضبة الجولان
المحتلة، ومن قام بذلك هو حزب الله اللبناني!
من جانبه فإن عبد الملك الحوثي هدد بأنه لن
يقف مكتوف الأيدي إذا بدأت الحرب على حزب الله، على النحو الذي جاء على لسان هذا
أو المصدر أو ذاك، مع ما تم الإعلان عنه من أن نتنياهو حصل في زيارته لواشنطن على
الموافقة على توسيع نطاق الحرب لتشمل حزب الله، وربما تمتد إلى إيران، وإن كان
أنتوني بلينكن وزير الخارجية الأمريكي حذر من ذلك، لكن تحذيره لا يعني شيئاً، وقد
يكون لإبراء الذمة، وإذا تم رصد
التصريحات الأمريكية منذ بداية الحرب، فسوف يقف
المرء على الشيء ونقيضه.
ولو كان ما أذيع عن موافقة أمريكية على
توسيع نطاق الحرب، هو من باب حرب الأعصاب، ليس إلا، وكان بلينكن جاداً هذه المرة
في تحذيراته، فإن هذا لن يمنع نتنياهو من القيام بأمر ولو على غير الرغبة
الأمريكية، فلم يمنعه بايدين عندما كان يستعد لولاية جديدة، فهل يقدر الآن وهو رجل
أمريكا المتوفي؟!
تخفيف الضغط على المقاومة:
توسيع نطاق الحرب سيضمن تخفيف الضغط على
قطاع غزة، بما يمكن الأهالي هناك والمقاومة من التقاط الأنفاس، وبما قد يوقع خسائر
كبيرة بالقوات الإسرائيلية المرابطة في القطاع، وقد كان ضمن حسابات المقاومة أن
يكون تخفيف الضغط من الأرض المحتلة وهو ما لم يحدث، مما وضع القطاع تحت القصف
المجرم والمتواصل، إلا من عمليات من الجنوب اللبناني، وقد دخل الحوثيون على الخط،
وهو أمر على أهميته فإنه يدخل في باب الشغب المحدود!
لو كان ما أذيع عن موافقة أمريكية على توسيع نطاق الحرب، هو من باب حرب الأعصاب، ليس إلا، وكان بلينكن جاداً هذه المرة في تحذيراته، فإن هذا لن يمنع نتنياهو من القيام بأمر ولو على غير الرغبة الأمريكية، فلم يمنعه بايدين عندما كان يستعد لولاية جديدة، فهل يقدر الآن وهو رجل أمريكا المتوفي؟!
يبدو حزب الله في موقف حرج من شركائه
اللبنانيين، بأن يكون سبباً في دخول البلاد في مواجهة لا تتحملها، ولا تصيبن الذين
حاربوا خاصة، ويبدو الجانب الإسرائيلي وكأنه يعرف أين يوجع الحزب؟!، فيقدم ويدبر
ويهدد باستهداف العاصمة اللبنانية، ثم سرعان ما يتراجع عن تصريحاته بأنه لن يوسع
نطاق الحرب، الأمر نفسه حدث مع التهديدات الأخيرة، فقد صرح مصدر بالجيش الإسرائيلي
بأنه سيقوم بضربة محدودة رداً على عملية مجدل شمس الدرزية، وهو هنا يخاطب في حزب
الله الجانب الحذر، الذي يستلهمه من الراعي الإيراني، وهي الثقافة التي تشبع بها الحليف
السوري (فمن جاور القوم صار منهم)، فمع كل عدوان، يكون الجانب الإيراني حذراً من
أن يستدرج لحرب حقيقية، أما بشار الأسد فهو كما والده؛ لن يسمح لأحد أن يحدد له
موعد الحرب. فمتى يحددها الفتى؟!
بيد أن إسرائيل إن تورطت بقصف لبنان، فستكون
قد رفعت الحرج عن حزب الله، ومن المتوقع أن يكون رده عنيفاً، وبالقطع فإن الحليف
اليمني لن يقف مكتوف الأيدي، وقد وصلت يده لتل أبيب، فسوف تكون نار جهنم التي فتحت
على الكيان، لاسيما إذا انخرط العراقيون في المواجهة، لكن الذي يقلل من إمكانية
حدوث هذا الخيار، هو الخوف من أن يستهدف رد الفعل الأمريكي إيران، وهي مستعدة
للحرب عبر الحلفاء في المنطقة، لكن لا يبدو انها مستعدة الآن لرد فعل أمريكي غاضب،
لن يسمح بهزيمة كبيرة لإسرائيل، ولن يكون الحزب الديمقراطي مستعداً لتقديم دعاية مجانية
لمنافسه الجمهوري، إذا تقاعس عن نصرة الكيان.
بيد أن القدرات الأمريكية محدودة هنا مع حرب
الجيوش غير النظامية في اليمن والعراق والجنوب اللبناني، وقد فشلت هذه القدرات في
تحقيق النصر على المقاومة الفلسطينية وتمكين نتنياهو من تحقيق أي من أهدافه للحرب،
لعل نفسه تستريح ويعلن القبول بوقف إطلاق النار!
الحرب العربية على إيران:
الأمريكان سيعملون بكل جهدهم على حث الأطراف
العربية على الدخول في معركة ضد إيران، وهذه الأطراف تبدو غير مستعدة لذلك،
فالأجيال الجديدة من الحكام منتبهة للعبة الأمريكية في تخويف المنطقة من العدو
الإيراني، ليكون الباب المفتوح لاستنزاف خيراتها، ثمن حمايتها من هذا العدو
المحتمل، وشاهدنا الأداء السافر للرئيس ترامب وهو يقول للملك سلمان ادفع لكي
أحميك. والجميع يعرف هنا من يقصد على وجه التحديد والذي يمثل مصدر خطر يستوجب عليه
أن يدفع مقابل حمايته منه!
لقد قطع ولي العهد السعودي خطوات مهمة في
تحييد هذا الخطر، ولا أعتقد أن السعودية يمكنها أن تنزلق لحرب لا ناقة فيها ولا
جمل مع إيران، وهي تعلم أنها ستكون في مرمى نيران الحوثي، ولماذا تستمر في سياسة
العداء مع طهران وهي قادرة على فتح صفحة
جديدة معها؟!
أما مصر باعتبارها القوة المهمة في المنطقة،
فإن ما جرى في حرب اليمن للجيش المصري في عهد عبد الناصر جعل الجنرال يخشى من أي
خطوة لفتح جبهات خارجية للحرب، وهو يدرك إنه عند أول تابوت يأتي من الخارج، قد
تكون نهايته في الحكم، لأجل هذا تكلم في البراح مع الرعاة الخليجيين عن دور الجيش
المصري في حماية الأشقاء، وكلامه عن "مسافة السكة"، فلما نشبت الحرب في
اليمن، ولى كأنه لم يعد بشيء!
وفي ظل هذه التهديدات خرج الرئيس التركي رجب
طيب أردوغان، بتصريح هو الأقوى منذ طوفان الأقصى، حيث هدد بأنه لا يوجد ما يمنعه
من التدخل المباشر للدفاع عن أهل غزة، كما فعل الجيش التركي في كاراباخ، في التوتر
بين أرمينا وأذربيجان، وكما فعل في ليبيا!
وتم استدعاء الماضي، فذكر أردوغان رئيس
وزراء الكيان بنهاية هتلر، بينما جاء الرد من تل أبيب مهدداً له بمصير صدام حسين،
وهو اعتراف بأن غزو العراق لم يكن لظن أمريكي بامتلاكه أسلحة الدمار الشامل ولكن
أدباً للرئيس العراقي لقيامه بقصف تل أبيب بالصواريخ!
في ظل هذه التهديدات خرج الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بتصريح هو الأقوى منذ طوفان الأقصى، حيث هدد بأنه لا يوجد ما يمنعه من التدخل المباشر للدفاع عن أهل غزة، كما فعل الجيش التركي في كاراباخ، في التوتر بين أرمينا وأذربيجان، وكما فعل في ليبيا!
وإذا حدثت هذه المواجهة، فالمعنى أن قراراً
قد اتخذ في طهران وأنقرة، بطي صفحة إسرائيل، والاستعمار العالمي لن يسمح بهذه
الخطوة بسهولة، وإن كانت الجيوش غير النظامية في الدول الثلاث بجانب المقاومة
الفلسطينية قادرة على خوض حرب استنزاف ترهق إسرائيل ولو تعلقت في أستار البيت
الأبيض، لكن إيران كدولة، تملك جيشاً نظامياً، وهي نقطة الضعف هنا!
لا أساير أردوغان في تصريحاته، فهي محاولة
منه لاستعادة لياقته، التي خسرها في سنوات حكمه الأخيرة، وقد أخذ بسياسة غريمه
أحمد داود أوغلو التي سبق له أن رفضها وهي "صفر مشاكل"، وأردوغان الذي
تدخل في كاراباخ وفي ليبيا ليس أردوغان الذي نشاهده الآن، لكن موقفه المهادن وغير
المتوقع من بداية الحرب على غزة، أضره كثيراً وظهر ضرر ذلك في نتائج الانتخابات
البلدية، ومن يومها وهو يطلق تصريحاته عنيفة تحدث دوياً ولا تصيب هدفاً، لكنها
مجرد تصريحات تفتقد الإرادة للانتقال بها إلى موضع التنفيذ، وتصريحات التدخل في
الحرب ضد إسرائيل، هي للاستهلاك المحلي، وإسرائيل تدرك ذلك!
وتبدوالجبهة اللبنانية متوقفة على قرار يتسم
بالرعونة يصدره نتنياهو وهو مؤهل لذلك، وسيكون رد حزب الله ومن معه، إنها حرب فرضت
علينا، الأمر الذي سيحقق أمنية عظيمة للمستضعفين في الأرض بتوسيع نطاق الحرب،
لتخفيف الضغط على غزة وأهلها.
فأرحنا بها يا نتن!