يعكس
عصفور الشمس الفلسطيني رغم صغر حجمه
هوية الشعب الفلسطيني وكفاحه لإثبات هويته الوطنية والذي أصبح رمزًا وطنيًا
فلسطينًا، حيث باتت فلسطين تتميز بطائرها الوطني الجميل.
تحوّل هذا الطائر إلى رمز فلسطيني اخترق كل
الحدود وطار عاليا بعدما أصبح طابعا بريديا فلسطينيا، حيث وظف قدرته على خلق الرمز
لخدمة القضية الفلسطينية، ليؤكد حضور فلسطين ومصداقية الرواية الفلسطينية أمام حجم
التزييف الذي تواجهه من الآلة الإعلامية الإسرائيلية ومناصريها في المجتمع
الأوروبي ليبقى هذا الطائر مغردا في أجواء أوروبا.
وفي خطوة لتحدي الممارسات الإسرائيلية تجاه
هذا الطائر الفلسطيني، أصدر مجلس الوزراء الفلسطيني قرارا في سنة 2015 باعتماد يوم
الخامس من آذار/ مارس من كل عام يوما وطنيا للبيئة الفلسطينية، واعتبار عصفور
الشمس الفلسطيني طائرا وطنيا لفلسطين.
وقال الكاتب والباحث ناهـض زقـوت لـ
"عربي21": "تعتبر الطيور وكل الأشكال المرتبطة بالبيئة المحلية لدى
أي مجتمع ما، جزءا من ثقافة الإنسان الشعبية والوطنية، وتعبر عن سلوكه الاجتماعي
المرتبط بالعادات والتقاليد والممارسات والأشكال التعبيرية كالفن والغناء مثلا".
ناهض زقوت.. كاتب وباحث فلسطيني
وأضاف: "منذ آلاف السنين استخدم
المجتمع الإنساني الطيور كدلالات رمزية مرتبطة بالأساطير والديانات في العديد من
الثقافات الشعبية القديمة، فمثلا في مصر القديمة كان طائر الدويري يحمل دلالة الجنس
والشهوة. كما تعطي الطيور مؤشرات بيولوجية على صحة البيئة وتغير المناخ وقدوم فصل
الربيع".
وتابع: "لم تكن فلسطين بعيدة عن كل هذه
الدلالات الرمزية المرتبطة بالبيئة من زهور وأشجار ونباتات وطيور، لما تحمله من
أبعاد ذات صلة بالهوية الوطنية، وترسيخ وجود الشعب الفلسطيني على هذه الأرض، لما
عبر عنه من اهتمام كبير بزراعة الاشجار والنباتات والزهور، كذلك الاهتمام بالطيور
والحيوانات".
وأوضح أن البيئة الفلسطينية تحتضن ما يزيد
على الـ 500 نوع من الطيور التي تعيش في فلسطين سواء بشكل دائم أو مهاجرة.
وقال زقوت: "يعد طائر الشمس من الطيور
التي أثارت الاهتمام والعناية الفلسطينية، لما يحمله من مميزات ودلالات ذات أبعاد
وطنية، فهو طائر مقيم وذو أهمية كبيرة في تلقيح الأشجار والزهور، ما يعني قدرته
على التخصيب وتجدد الحياة وتطورها".
وأضاف: "لقد بدأ الاهتمام بهذا الطائر
كطائر فلسطيني بألوانه الزاهية منذ سنة 1865 حيث تم تسجيله باسم (تمير فلسطين) أو
(طائر الشمس الفلسطيني) من قبل المجلس العالمي لحماية الطيور".
وشدد على أن الفلسطيني بات لا يستطيع أن
يستغني عن رمزية هذا الطائر لما يمثله من حرية ومقاومة وتحدّ للعنصرية الاسرائيلية.
وقال: "ولكل هذه الصفات والمميزات
والدلالات المعبرة عن ارتباط طائر الشمس بالأرض، التي يتشكل منها ويعبر عن هويتها
ومكوناتها الحضارية والثقافية، وارتباط اسمه بفلسطين، فقد بدأت الدوائر والمؤسسات
الإسرائيلية بالعمل على تهويده وطمس رمزيته المرتبطة بفلسطين، وذلك من خلال تغيير
اسمه أكثر من مرة فاقترحت اسم (الطائر الوردي) أو (بير إسرائيل)، ولكن كل
محاولاتها باءت بالفشل".
وأضاف: "في خطوة لتحدي الممارسات
الاسرائيلية تجاه هذا الطائر الفلسطيني، أصدر مجلس الوزراء الفلسطيني قرارا في سنة
2015 باعتماد يوم الخامس من آذار من كل سنة يوما وطنيا للبيئة الفلسطينية، واعتبار
عصفور الشمس الفلسطيني طيرا وطنيا لفلسطين".
وتابع: "تأكيدا لأهمية هذا الطائر
ورمزيته المرتبطة بالأرض والهوية، قام الفنان الفلسطيني خالد جرار انطلاقا من رؤية
وطنية قائمة على ترسيخ الرواية الفلسطينية والحق الفلسطيني في الأرض، بالدفاع عن
الانتماء الفلسطيني لطائر الشمس، وجعله رمزا فلسطينيا يطوف العالم من خلال الطوابع
البريدية والأختام الرسمية".
واعتبر زقوت أن طوابع البريد والأختام
الرسمية على جوازات السفر تعد رموزا سيادية للدول، وتحمل ثقافة الدولة ومكونات
هويتها وعناصر ذاكرتها، كما أنها تمثل تراثها المادي والمعنوي الذي تعرف به خارج حدودها.
وقال: "انطلاقا من هذه الرؤية، فقد بدأ
الفنان الفلسطيني خالد جرار في رسم طائر الشمس على طوابع بريدية، وتنقل بين عدة
دول أوروبية ينقب في قوانينها بهدف البحث عن اعتراف دولي بهذا الطابع البريدي، حتى
وصل إلى ألمانيا وبلجيكا وهناك روج لنحو ثلاثين ألف طابع بريدي باسم دولة فلسطين،
وتم اعتمادها في دولتي ألمانيا وبلجيكا، لأن قانونهما يسمح للأفراد بابتكار طوابعهم
البريدية واعتمادها في المراسلات الرسمية".
ومن جهته أكد د. غسان الشامي، أستاذ الإعلام
في الجامعات الفلسطينية أن عصفور الشمس يتميز بحجمه الصغير جدا، بل هو أصغر طائر
فلسطيني، وهو جزء من عائلة كبيرة تنتشر في أجزاء من الوطن العربي وأفريقيا، وينتمي
إلى فصيلة التمريات.
وقال الشامي لـ
"عربي21":
"يتغذى عصفور الشمس على الحشرات ورحيق الأزهار، ويساعده منقاره الملتوي للأسفل
(المعقوف) في استخراج طعامه. ويبني عشه على شكل محفظة نسائية من أعشاب وبقايا
نباتات يربطها بخيوط من بيت العنكبوت".
وأضاف: "أشد ما يتميز به هذا الطائر
ألوان ريشه الزاهية المبهجة الجميلة، فنجد لون الذكر منه يختلف عن لون الأنثى.
يميل لون الذكر إلى الأزرق أو الأخضر اللامع، أما أنثاه فلونها البني الرمادي".
ويصدح عصفور الشمس بأغان ذات نغمات مرتفعة
بحسب الشامي فهو ينتمي إلى فئة الطيور الطنانة، وقد وجد الباحثون أن لعصفور الشمس
لهجات متعددة، مرتبطة بالبيئة الجغرافية المقيم فيها، فأغانيه في المدينة تختلف عن
القرية، حتى بين الأحياء المختلفة في المدينة نفسها.
وأشار إلى تعدد الأماكن التي يتواجد فيها
طائر الشمس، بحيث يمكن العثور عليه في المدن والقرى. وتعد منطقة وادي عربة من أكثر
الأماكن التي يتواجد فيها حيث تكثر أشجار الأكاسيا ذات الزهور الحمراء الكبيرة
المليئة بالرحيق التي ينجذب إليها هذا الطائر، ويستمتع برحيق الأزهار، ويساهم في
تلقيح الزهرات.
وقال الشامي: "هذا الاسم (عصفور الشمس)
لم يأت اعتباطا بل ثمة دلالات تحملها الشمس تعبر عن وجود هذا الطائر ودلالته. تحمل
الشمس مكانة وأهمية كبيرة منذ فجر التاريخ وتكوين الأرض، فالشمس هي مصدر الطاقة
الأساسي حيث توفر الحرارة والضوء للأرض".
وأضاف: "كانت الشمس في الأساطير
القديمة مصدر عبادة، وشكلا من أشكال التنجيم، والارتباط بالميلاد والحياة. وللشمس
فوائد صحية جمة، وهذه حقيقة علمية ثابتة، لكن ما هو غير معروف للكثيرين أن ضوء
الشمس يجلب السعادة النفسية، وعلى العكس من ذلك يتسبب احتجاب الشمس بالكآبة
والإحباط والخمول. كما تتميز أشعة الشمس بالتمازج بين الألوان من الأحمر إلى
البنفسجي وصولا إلى تشكل قوس قزح، كما يعكسها النظر الى هذا الطائر الجميل".
ومن جهته أكد محمد الشعيبي المصور المختص في تصوير البيئة الفلسطينية على أن عصفور الشمس الفلسطيني هو رمز الجمال والحرية وطائر
وطني فلسطيني فريد من نوعه.
محمد الشعيبي.. مصور فلسطيني
وقال الشعيبي لـ
"عربي21":
"عصفور الشمس الفلسطيني، المعروف أيضًا باسم التمير الفلسطيني، واسمه العلمي Nectarinia osea، هذا الطائر
الجميل يتميز بريشه الملون، وسرعته الفائقة، وحجمه الصغير".
وأضاف: "يتواجد عصفور الشمس الفلسطيني
في مختلف مناطق فلسطين، من الجبال الشمالية إلى صحراء النقب، ويشكل جزءًا هامًا من
التنوع البيولوجي الغني لفلسطين".
وعن رمزية عصفور الشمس الفلسطيني أكد
الشعيبي أنه تم اختيار عصفور الشمس الفلسطيني ليكون رمزًا وطنيًا لفلسطين لعدة
أسباب: جماله؛ إذ يتميز بريشه بألوانه الزاهية، ما يجعله رمزًا للجمال والحيوية.
انتشاره؛ إذ يتواجد عصفور الشمس الفلسطيني في جميع أنحاء فلسطين، ما يجعله رمزًا
للوحدة الوطنية. صموده؛ فعلى الرغم من التحديات التي تواجهها البيئة الفلسطينية، فإن عصفور الشمس الفلسطيني لا يزال موجودًا، ما يجعله رمزًا للصمود والأمل.
وأوضح أنه لجهة حجم عصفور الشمس الفلسطيني، فإن طوله يتراوح ما بين 8 و12 سنتيمترا، ووزنه ما بين 6 و8 غرامات.
ويتغذى عصفور الشمس الفلسطيني بحسب المصور
البيئي، على رحيق الأزهار والحشرات الصغيرة، مشيرا إلى أن هذا الطائر يتميز بقدرته
على الطيران السريع والتحليق في الهواء.
وحذر من أن عصفور الشمس الفلسطيني يواجه
العديد من التحديات، مثل فقدان الموائل الطبيعية واستخدام المبيدات الحشرية،
مطالبا باتخاذ خطوات لحماية هذا الطائر الجميل، مثل: زراعة المزيد من الأشجار
والنباتات، إذ توفر هذه الموائل الطبيعية مأوى وغذاءً لعصفور الشمس الفلسطيني؛ وتقليل
استخدام المبيدات الحشرية التي يمكن أن تضر بعصفور الشمس الفلسطيني وبغيره من
الحيوانات؛ ونشر الوعي حول أهمية حماية عصفور الشمس الفلسطيني؛ ونشر الوعي حول
أهمية هذا الطائر.