عندما انفجرت 2750 طنا من نترات الأمونيوم في ميناء
بيروت، قذف الانفجار بجورج أبو خليل البالغ من العمر 75 عاما من سريره، وقُتل ما لا يقل عن 220 شخصا وجُرح أكثر من 7000 في الانفجار الذي وقع في 4 آب/ أغسطس 2020.
وبحسب تقرير صحيفة "
الغارديان"، فلقد حطم الانفجار أبواب ونوافذ شقة أبو خليل المكونة من غرفة نوم واحدة، وتسبب في أضرار بقيمة 4 مليارات دولار في جميع أنحاء المدينة.
وبعد أربع سنوات، يجلس أبو خليل وزوجته عفاف البالغة من العمر 69 عاما في نفس الشقة، ويتذكران كيف ساعدت كنيستهما والجمعيات الخيرية المحلية في أعقاب الكارثة. يقول أبو خليل: "لن تصدق عدد الأشخاص الذين انبروا لمساعدتنا".
كما هو الحال مع العديد من الآخرين في بيروت، فقد تم القضاء عليهم ماليا في العام السابق، كضحايا الأزمة الاقتصادية لعام 2019 التي محت مدخرات حياتهم.
ومع دخول الأزمة عامها الخامس، لا يزال الزوجان بحاجة إلى الدعم، لكن أي مساعدة حكومية وخيرية متاحة آنذاك جفت تقريبا.
وقاطع أبو خليل صوت انفجارين قويين: انفجارات صوتية ناجمة عن طائرات جيش
الاحتلال التي تحلق فوق المدينة على ارتفاع منخفض، وكانت تحليقات الجيش في تزايد على مدى الأسبوع الماضي بعد تهديد
حزب الله بالغضب والانتقام ردا على اغتيالين إسرائيليين.
وجاء في تقرير الصحيفة أن "عفاف تلهث مخطئة لفترة وجيزة في اعتبار الضوضاء ضربات الافتتاح لحرب شاملة تقول الحكومة
اللبنانية إنها قد تؤدي إلى نزوح ربع السكان، وتقول: نحن متعبون للغاية. لا يمكننا التعامل مع
حرب".
وفقا لتقرير صادر عن البنك الدولي، يعيش 44 بالمئة من اللبنانيين في فقر، وهو ثلاثة أضعاف ما كان عليه الحال قبل 10 سنوات. ولا يتلقى جورج وعفاف معاشا تقاعديا ولا رعاية اجتماعية.
وتدفع مؤسسة خيرية محلية "لبنانيون" ثمن أدويتهم وتحضر لهم وجبة ساخنة واحدة يوميا، ومع ذلك، لا تستطيع المؤسسة الخيرية الآن سوى دعم 50 أسرة ضعيفة في لبنان، حيث انخفض تمويلها بنسبة 50% في العام الماضي بسبب إرهاق المانحين.
في آذار/ مارس 2023، حذر صندوق النقد الدولي من غرق لبنان في "أزمة لا تنتهي أبدا"، فقد خسرت الليرة اللبنانية 98 بالمئة من قيمتها منذ عام 2019، وخفضت رواتب القطاع العام، ويعاني الاقتصاد الدولاري من تضخم بنسبة 40 بالمئة.
في مواجهة الحرب المحتملة، يقول ناصر ياسين، وزير البيئة، إن السلطات "مرهقة للغاية، ومدفوعة الأجر بشكل أقل من اللازم، ولديها الكثير من التحديات".
وعندما بدأ حزب الله و"إسرائيل" تبادل الهجمات الصاروخية اليومية على الحدود في تشرين الأول/ أكتوبر، كلف ياسين بتنسيق خطة طوارئ حكومية في حالة تصعيد الصراع. ويقول إن الخطة توقعت نزوح ما بين 1.2 مليون و1.5 مليون شخص وحاجتهم إلى "مساعدات غذائية، وإدارة المأوى، ومساعدة في مجال المياه والصرف الصحي".
وتستند التوقعات إلى نتائج حرب إسرائيل وحزب الله في عام 2006، لكن ياسين يقول إن الحرب الآن قد يكون لها تأثير أعظم. ويقول: "كان لدى الناس أموال في البنوك في عام 2006. وكان بوسعهم سحب بضعة آلاف من الدولارات واستئجار مكان لبضعة أشهر". وإذا اندلعت الحرب الآن، فإنه يتوقع أن يحتاج أكثر من مليون شخص إلى سكن مؤقت في مباني مدرسية.
ويقول سامي زغيب، الخبير الاقتصادي في مبادرة السياسة، وهي مؤسسة بحثية محلية، إنه بالمقارنة بعام 2006، فإن "الاستعداد للحرب منخفض للغاية". إن الحكومة غارقة في الديون وغير قادرة على اقتراض المزيد من المال، وقد تم خفض الميزانية السنوية بنحو 80 بالمئة مقارنة بمستويات ما قبل الأزمة.
يعتقد زغيب أن الحرب ستؤثر بشدة على الروابط التجارية لاقتصاد يعتمد بشكل يائس على الواردات. ومن المحتمل أن يؤدي النقص الناتج عن ذلك إلى ارتفاع حاد في أسعار حتى السلع الأساسية، بما في ذلك المياه والأدوية، مما يجعل الحياة لا تطاق بشكل أكبر بالنسبة لأفقر سكان البلاد.
يقول زغيب، في إشارة إلى حوالي 100 ألف شخص أجبروا على مغادرة منازلهم في الجنوب بسبب القتال: "نحن نرى هذا يحدث بالفعل. بدأ العديد من أصحاب المنازل الذين يؤجرون المنازل للنازحين يطلبون إيجارات مرتفعة بشكل لا يصدق".
يقول المسؤولون اللبنانيون إن إمدادات الغذاء الحالية تكفي لمدة أربعة أشهر. من ناحية أخرى، يتم قياس الوقود بالأسابيع، كما يقول ياسين. يعاني لبنان بالفعل من انقطاع التيار الكهربائي يوميا.
يقول جورج وعفاف إنهما لم يحصلا على الكهرباء البلدية خلال الأيام الخمسة الماضية، واعتمدا بدلا من ذلك على مولدات الحي الباهظة الثمن. وتعطي خطة الطوارئ الأولوية لإمدادات الوقود للصناعات الاستراتيجية، مثل المخابز ومحطات ضخ المياه، مما يزيد من انقطاع التيار الكهربائي للمواطنين العاديين.
في الأسبوع الماضي، أرسلت منظمة الصحة العالمية 32 طنا من المعدات الطبية، بما في ذلك 1000 طقم لعلاج إصابات الحرب. يرفض وزير الصحة العامة فراس أبيض الاقتراحات التي تفيد بأن البلاد تعاني من نقص شديد في الإمدادات للحرب، لكنه يعترف بأن الوزارة تعمل في "بيئة منخفضة الموارد".
غادرت أعداد كبيرة من العاملين الطبيين المدربين لبنان منذ الأزمة. واضطر أولئك الذين بقوا إلى قبول تخفيضات كبيرة في الرواتب.
يقول أبيض إن الوزارة تستفيد من المعرفة المؤسسية التي اكتسبتها من خلال عقود من إدارة الأزمات، لكنه يضيف أن "قلقي الرئيسي هو الصحة العقلية للسكان" بعد الأزمات المتعددة في السنوات الخمس الماضية.
ويقول: "لسوء الحظ، هذا يؤثر كثيرا على الصحة العقلية لمجتمعنا ومجتمع اللاجئين. أعتقد أن المرور بأزمة أخرى قد يؤدي إلى جروح وندوب أكثر خطورة من أي ندوب جسدية يمكنك تخيلها".