نشر موقع "
بلومبيرغ" الأمريكي تقريرا حول أسباب القلق المتجدد بشأن مضيق
هرمز، خاصة أن هذا الممر المائي الضيق عند مدخل الخليج العربي نادراً ما يبتعد عن بؤرة التوترات العالمية.
وقال الموقع، في هذا التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن مضيق هرمز يُعتبر ممرا حيوياً تمر عبره حوالي 30% من تجارة النفط العالمية، ما يجعله محل مراقبة دائمة تحسباً لأي اضطراب. وقد أعادت التهديدات الصادرة عن إيران لمعاقبة إسرائيل على اغتيال قائد رفيع في حركة حماس بطهران المخاوف بشأن سلامة الشحن عبر هذا الممر المائي الحيوي.
وذكر الموقع أن إيران استهدفت مراراً السفن التجارية التي تعبر هذا الممر الاستراتيجي على مر السنين، وهددت في الماضي بعرقلة حركة العبور فيه. ومن جهتها، لم تهدد طهران بشكل مباشر حركة المرور عبر مضيق هرمز هذه المرة، لكنها تدعم بنشاط المتمردين الحوثيين في
اليمن الذين هاجموا السفن بالقرب من المدخل الجنوبي للبحر الأحمر، ما يشير إلى أن إيران مستعدة لعرقلة الشحن العالمي لتحقيق أهدافها.
يربط مضيق هرمز الخليج العربي بالمحيط الهندي، ويحدهّ من الشمال إيران، ومن الجنوب الإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان. ويبلغ طول المضيق حوالي 100 ميل (161 كيلومتراً)، ويصل عرضه إلى 21 ميلاً في أضيق نقطة، مع ممرات الشحن في كل اتجاه بعرض لا يتجاوز ميلين فقط. وضحالة عمق المضيق تجعل السفن عرضة للألغام، كما أن قربه من اليابسة، وخاصة من إيران، يعرّض السفن لهجمات محتملة بالصواريخ الموجهة من الشاطئ أو لاعتراضها بواسطة زوارق دورية وطائرات هليكوبتر.
وذكر الموقع أن مضيق هرمز يلعب دوراً حيوياً في التجارة العالمية للنفط. ووفقاً للبيانات التي جمعتها "بلومبيرغ"، نقلت ناقلات النفط حوالي 15.5 مليون برميل يومياً من النفط الخام والمكثفات من
السعودية والعراق والكويت والإمارات وإيران عبر المضيق خلال الربع الأول من سنة 2024. ويعد هذا المضيق أيضاً محورياً لتجارة الغاز الطبيعي المسال، حيث يمر عبره أكثر من خمس الإمدادات العالمية، معظمها من قطر.
وأضاف الموقع أن إيران استخدمت مضايقة السفن في الخليج على مدى عقود كوسيلة للتعبير عن استيائها من العقوبات المفروضة عليها، أو كوسيلة ضغط في النزاعات. في 13 نيسان/ أبريل، قبل ساعات من شن هجوم بطائرات بدون طيار وصواريخ على إسرائيل، قامت قوات الحرس الثوري الإيراني باحتجاز سفينة حاويات مرتبطة بإسرائيل بالقرب من مضيق هرمز بين الخليج العربي وخليج عمان. وقد أفرجت إيران عن طاقم السفينة في أوائل أيار/ مايو، وذلك وفقًا لما ذكرته مجلة "لويدز ليست" المتخصصة في التجارة. وادعت طهران أن سفينة إم إس سي آريس انتهكت القوانين البحرية، لكن المحللين أشاروا إلى أن الدافع كان مرتبطًا بملكية السفينة الإسرائيلية.
وأوضح الموقع أن إيران عندما احتجزت ناقلة متجهة إلى الولايات المتحدة في نيسان/ أبريل 2023، زعمت أن السفينة اصطدمت بسفينة أخرى. لكن هذا الإجراء بدا وكأنه انتقام لاحتجاز السلطات الأمريكية سفينةً محمّلة بالنفط الإيراني قبالة سواحل ماليزيا بزعم انتهاك العقوبات. وفي أيار/ مايو 2022، احتجزت إيران ناقلتين يونانيتين واحتفظت بهما لمدة ستة أشهر، في رد محتمل على مصادرة السلطات اليونانية والأمريكية للنفط الإيراني على متن سفينة أخرى. وفي النهاية، تم الإفراج عن الشحنة وناقلتي النفط اليونانيتين. كما أفرجت إيران عن النفط على متن ناقلة قالت إنها احتجزتها في كانون الثاني/ يناير "رداً على سرقة النفط من قبل الولايات المتحدة".
وذكر الموقع أن إيران لم تقم حتى الآن بإغلاق مضيق هرمز. خلال الحرب بين العراق وإيران (1980 إلى 1988) هاجمت القوات العراقية محطة تصدير النفط في جزيرة خارك، شمال غرب المضيق، جزئياً لاستفزاز إيران للرد بعمل يجبر الولايات المتحدة على التدخل في النزاع. وبعد ذلك، في ما يُعرف بـ "حرب الناقلات"، هاجم الطرفان 451 سفينة، ما رفع بشكل كبير تكلفة تأمين الناقلات وساهم في ارتفاع أسعار النفط. في سنة 2011، عندما فُرضت عقوبات على إيران، هددت بإغلاق المضيق، لكنها تراجعت في النهاية عن هذا التهديد.
وأضاف الموقع أن تجار النفط يشكّون في أن إيران قد تغلق المضيق بالكامل، لأن ذلك سيمنعها من تصدير نفطها أيضاً. بالإضافة إلى ذلك، فإن البحرية الإيرانية لا تقارن بأسطول البحرية الأمريكية الخامس والقوات الأخرى في المنطقة. وقد صّرح العميد علي رضا تنغسيري، قائد القوات البحرية للحرس الثوري الإيراني، قبل احتجاز السفينة إم إس سي آريس بقليل، أن إيران لديها خيار تعطيل حركة المرور عبر مضيق هرمز، لكنها تختار عدم القيام بذلك.
وأكد الموقع أن حماية مضيق هرمز كانت دائماً محل اهتمام كبير. خلال حرب الناقلات، لجأت البحرية الأمريكية إلى مرافقة السفن عبر الخليج. وفي سنة 2019، أرسلت الولايات المتحدة حاملة طائرات وقاذفات بي 52 إلى المنطقة. وفي نفس السنة، أطلقت الولايات المتحدة عملية "سينتينيل" ردًا على تعطيل إيران لحركة الشحن. وانضمت عشر دول أخرى، بما في ذلك المملكة المتحدة والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين، إلى هذه العملية التي تُعرف الآن باسم "التشكيل الدولي لأمن الملاحة".
ومنذ أواخر سنة 2023، تحوّل الكثير من التركيز على حماية الشحن بعيدًا عن مضيق هرمز نحو البحر الأحمر الجنوبي ومضيق باب المندب الذي يربط البحر الأحمر بخليج عدن والمحيط الهندي. وقد أصبحت الهجمات التي يشنها المتمردون الحوثيون في اليمن على السفن التي تدخل أو تخرج من البحر الأحمر مصدر قلق أكبر من مضيق هرمز. وتعمل قوة بقيادة الولايات المتحدة في البحر الأحمر على حماية حركة الشحن في تلك المنطقة.
وأشار الموقع إلى أن السعودية هي أكبر مصدر للنفط عبر مضيق هرمز، إلا أنها بدأت مؤخراً تحويل بعض الشحنات إلى أوروبا باستخدام خط أنابيب بطول 746 ميلاً عبر المملكة إلى محطة في البحر الأحمر، مما يسمح لها بتجنب المرور عبر مضيق هرمز والبحر الأحمر الجنوبي. كما يمكن للإمارات العربية المتحدة تصدير جزء من نفطها دون الاعتماد على المضيق، وذلك عبر إرسال 1.5 مليون برميل يومياً عبر خط أنابيب من حقولها النفطية إلى ميناء الفجيرة على خليج عمان. أما بالنسبة للعراق، ومع إغلاق خط أنابيب النفط إلى البحر الأبيض المتوسط لأكثر من سنة، فإن جميع صادراته النفطية تُشحن حالياً بحراً من ميناء البصرة عبر المضيق، ما يجعله معتمداً بشكل كبير على حرية المرور عبر المضيق. ولا تملك الكويت وقطر والبحرين أي خيار سوى شحن نفطها عبر هذا الممر المائي. ومعظم النفط الذي يمر عبر مضيق هرمز يتجه إلى آسيا، لذا فإن إغلاقه سيكون أقل أهمية بالنسبة لداعمي إسرائيل في الغرب.
للاطلاع على النص الأصلي (هنا)