نشر موقع "
نيوز ري" الروسي تقريرًا، تحدث فيه عن انطلاق زيارة الرئيس فلاديمير
بوتين إلى باكو، حيث سيلتقي نظيره الأذربيجاني
إلهام علييف؛ من أجل الإدلاء ببيان مشترك وتوقيع على الوثائق الحكومية الدولية.
وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته "
عربي21"، إنه في الأسبوع الماضي، زار أمين مجلس الأمن الروسي سيرغي شويغو باكو، مشيرًا إلى تهديد الغرب أمن جنوب
القوقاز من خلال التدخل في شؤون المنطقة.
ما هو معروف عن زيارة بوتين إلى باكو؟
ويضيف الموقع أن الكرملين أعلن عن زيارة الدولة التي سيقوم بها بوتين إلى أذربيجان يومي 18 و19 آب/ أغسطس الحالي. ويتضمن جدول أعمال المفاوضات تطوير "علاقات الشراكة والتحالف الاستراتيجي، فضلًا عن التطرق إلى المشاكل الدولية والإقليمية الراهنة".
وكانت آخر مرة زار فيها بوتين باكو في أيلول/ سبتمبر 2018. وفي وقت لاحق، دعا الرئيس الأذربيجاني نظيره الروسي لزيارة البلاد مرة أخرى في الوقت المناسب. وفي الأسبوع الماضي، وصف علييف العلاقات مع
روسيا بأنها مثال للدول المجاورة.
ويقول رئيس لجنة الشؤون الدولية بمجلس الدوما، ليونيد سلوتسكي، إن الزيارة المعلنة تؤكد المستوى العالي للشراكة الإستراتيجية بين موسكو وباكو.
وتتوسع آفاق التعاون بشكل مطرد بين البلدين في المجالات الاقتصادية والسياسية والإنسانية؛ حيث تظل روسيا وأذربيجان من أشد المؤيدين لمبادئ بناء عالم متعدد الأقطاب، وتتطابق مواقفهما في العديد من القضايا المدرجة على جدول الأعمال الدولي الحالي.
كيف قربت ذكريات الماضي السوفييتي بين موسكو وباكو؟
وذكر الموقع أن زيارة بوتين ستكون استمرارًا لسلسلة من مؤتمرات القمة بين روسيا وأذربيجان. ففي نهاية نيسان/ أبريل الماضي، زار علييف موسكو لإحياء الذكرى الخمسين لبناء خط بايكال آمور الرئيسي. وكما هو معروف، لعب والد الزعيم الأذربيجاني الحالي، حيدر علييف، دورًا مهمًا في إنشاء هذا الخط في السبعينيات.
وفي تموز/ يوليو الماضي، التقى الزعيمان مرة أخرى في قمة منظمة شنغهاي للتعاون في أستانا، حيث أشار بوتين وعلييف إلى تطور العلاقات التجارية والاقتصادية بين البلدين، كما ناقشا توسيع البنية التحتية لممر النقل "شمال جنوب"، ومن المفترض أن يربط هذا الطريق روسيا بإيران والهند، ويمر عبر أراضي أذربيجان.
ما هو الدور الذي تلعبه أذربيجان في التجارة الخارجية الروسية؟
يعتقد الخبير الاقتصادي ألكسندر رازوفاييف أن ممر "شمال جنوب" عامل بالغ الأهمية لتجارة روسيا مع الدول في جميع أنحاء حوض المحيط الهندي وهو الطريق الأفضل والأرخص والأكثر ملاءمة الذي سيربط سانت بطرسبرغ بالهند وإيران بالسكك الحديدية.
وأوضح رازوفاييف: "سنكون قادرين على إقامة تجارة مع هذا الجزء من أوراسيا"، معلقًا آمالًا على بناء قسم السكك الحديدية في إيران اللازم لإطلاق المشروع بحلول نهاية هذه السنة.
ويرى رازوفاييف أنه من أجل التنمية الاقتصادية الناجحة لروسيا يتعين على أذربيجان والدول الأوراسية الأخرى إنشاء منطقة اقتصادية واحدة في المستقبل قائلًا: "في حال سارت الأمور على ما يرام، سيظهر اقتصاد سيادي يضم 300 مليون شخص. من الضروري أيضًا إنشاء اقتصاد واحد، منطقة مشروطة لـ “اليورو الأوراسي” مع بيلاروسيا وكازاخستان وأذربيجان وتركيا وأوزبكستان وإيران".
تعتبر روسيا أحد شركاء أذربيجان المهمين. ففي السنة الماضية؛ ارتفع حجم التجارة بين البلدين بنسبة 17.5 بالمئة ليصل إلى 4.4 مليارات دولار، وكما ذكرت لجنة الجمارك الحكومية في أذربيجان، في نهاية سنة 2023، احتلت روسيا المركز الثالث في قائمة البلدان التي تجري باكو معها مبادلات تجارية.
وبحسب الموقع؛ تقليديا، تزود أذربيجان روسيا بالمنتجات الزراعية. وعليه، تعد روسيا المستهلك الرئيسي للفواكه والخضروات الأذربيجانية. ومع ذلك، في ظل العقوبات، بدأت أذربيجان في تنويع صادراتها لروسيا لتشمل السلع الصناعية مثل السيارات والإلكترونيات والأجهزة المنزلية.
علاوة على ذلك؛ يلعب التعاون بين البلدين في قطاع الوقود والطاقة دورًا خاصًّا، بحيث تعمل أكبر شركات النفط والغاز الروسية في أذربيجان على غرار غازبروم وروسنفت.
كيف تتعاون موسكو وباكو في المجال الأمني؟
وينقل الموقع عن النائب الأول لرئيس لجنة مجلس الدوما للدفاع، أليكسي جورافليف أن الشراكة بين روسيا وأذربيجان لا تقتصر على المجال الاقتصادي فقط؛ حيث تتعاون الدولتان بحكم القانون في جميع القطاعات، بما في ذلك الدفاع باعتبار موسكو أحد الموردين الرئيسيين للأسلحة لباكو. وشدد جورافليف على أن حجم التجارة في هذه الصناعة يقدر بمليارات الدولارات.
وأضاف جورافليف: "يمكن اعتبار محطة رادار غابالا أحد الأمثلة على التفاعل في المجال الأمني، التي صممت في منتصف العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، عندما كان الناتو يعتزم تركيب أنظمته في بولندا والتشيك، لإقناع الجميع بأنها غير موجهة ضد روسيا. حينها اقترحت موسكو وباكو بشكل مشترك استخدام محطة غابالا بدلاً من ذلك".
وفقا لجورافليف فإن الدول الغربية غير قادرة على تنفيذ مثل هذا السيناريو في أذربيجان. وبحسبه، يلتزم علييف بالاتفاقيات التي تم التوصل إليها مع بوتين، وهذا أهم شيء في الشؤون الدولية.
ماذا يقولون عن زيارة ماكرون المحتملة للقوقاز؟
وأفاد الموقع أنه في نفس اليوم الذي أعلن فيه الكرملين رسميًا عن زيارة بوتين إلى باكو، وردت معلومات غير رسمية من أرمينيا حول اعتزام الرئيس الفرنسي زيارتها في 21 أيلول/سبتمبر. وبحسب المعلومات فإن الغرض من الرحلة هو إظهار الدعم لسيادة أرمينيا.
كيف يمكن لموسكو المساعدة في المصالحة بين باكو ويريفان؟
ونسب الموقع إلى نائب مجلس الدوما ألكسندر تولماشيف قوله إن "القوقاز ليس مجرد مجال لمصالحنا، كما هو الحال بالنسبة للفرنسيين أو الأنجلوسكسونيين. لقد عشنا وشعوب هذه المنطقة جنبًا إلى جنب لعدة قرون؛ وكان لدينا دولة واحدة مشتركة".
ووفقًا له، تعمل روسيا تقليديا كحكم وصانع سلام في دول القوقاز، مضيفًا: "في الوقت نفسه، لا جدوى من الحديث عن نوع من المنافسة السياسية الغائبة مع باريس بعد طرد دول أفريقية والفضائح التي لحقت بها في أولمبياد 2024".
ويحذر تولماشيف قادة وسكان دول القوقاز من نشاط الرئيس الفرنسي ماكرون، قائلا "إن الماضي والعادات الاستعمارية لن تختفي. وعلى عكس روسيا، فإن الغرب لا ينظر إلى أذربيجان وأرمينيا كصديقين و حليفين، بل كإقليم يمكنه من خلاله حل قضاياه الاقتصادية والسياسية الأنانية".
وبحسب ما أفادت به ممثلة وزارة الخارجية ماريا زاخاروفا في تموز/ يوليو الماضي، فإن روسيا يمكن أن تصبح المكان الذي ستجري فيه المفاوضات بين أرمينيا وأذربيجان لحل النزاع بين الجمهوريتين. ووفقا لها، فإن موسكو تضمن تهيئة الظروف ملائمة للحوار. وأشارت أيضًا إلى أن مستقبل جنوب القوقاز ينبغي أن تحدده فقط دول المنطقة والدول الشريكة المجاورة.
ما هو التأثير الجيوسياسي للتقارب بين روسيا وأذربيجان؟
ونقل الموقع عن الأستاذ المساعد في قسم الأمن الدولي في جامعة موسكو الحكومية، أليكسي فينينكو، قوله إن التقارب بين روسيا وأذربيجان يأخذ بعين الاعتبار المصلحة العملية المتبادلة. بالإضافة إلى ذلك، يمكن لأذربيجان مساعدة روسيا في مكافحة انتشار النفوذ الغربي في منطقة القوقاز، كونه لا يخدم مصالح موسكو وباكو.
وبحسب فينينكو، يخلق التقارب بين موسكو وباكو ثقلًا موازنًا ليريفان، التي تقع تحت حماية الولايات المتحدة وأوروبا.
وفي ختام التقرير، يقول فينيكو: "يدرك الكرملين أن أرمينيا تتجه أكثر فأكثر نحو الناتو. لم تعد مجرد دولة لديها عدد من البرامج العسكرية مع التحالف، بل أصبحت شريكًا رئيسيًا لحلف شمال الأطلسي في منطقة القوقاز.
ويراهن الغرب على يريفان، في محاولة لإبعادها عن الهياكل الأوراسية، بما في ذلك منظمة معاهدة الأمن الجماعي. في ظل هذه الخلفية، من الطبيعي تطوير روسيا علاقاتها مع أذربيجان على أعلى مستوى".