قالت أخصائية التغذية أليس كالاهان، إن العلماء يكتشفون باستمرار روابط بين استهلاك
اللحوم الحمراء والمصنعة وأمراض القلب وبعض أنواع السرطان والوفاة المبكرة وهذه أخبار سيئة لمحبي النقانق والسلامي وشرائح اللحم.
وأضافت في تقرير نشرته صحيفة "
نيويورك تايمز" الأمريكية وترجمته "عربي21"، أن هناك دراستين حديثتين أضيفتا إلى مجموعة الأدلة المتزايدة على أن اتباع نظام غذائي غني باللحوم قد يزيد من خطر الإصابة بمرض السكري من النوع 2.
في إحدى الدراسات، التي نُشرت في مجلة "The Lancet Diabetes and Endocrinology"، حلل الباحثون بيانات مما يقرب من مليوني شخص بالغ شاركوا في 31 دراسة عبر 20 دولة، بما في ذلك الولايات المتحدة وأجزاء من أوروبا وآسيا.
راجع الباحثون بيانات المسح حول الأنظمة الغذائية للمشاركين ثم نظروا في صحتهم بعد 10 سنوات في المتوسط. وبعد تعديل عوامل الخطر الأخرى مثل التدخين، وارتفاع مؤشر كتلة الجسم، والخمول البدني، والتاريخ العائلي لمرض السكري، وجدوا أنه مقابل كل 1.8 أونصة من اللحوم المصنعة التي تناولها المشاركون كل يوم، زاد خطر إصابتهم بمرض السكري من النوع 2 بنسبة 15%. (وهذا يعادل قطعة نقانق متوسطة الحجم أو شريحتين إلى ثلاث شرائح من لحم الخنزير المقدد).
وفي مقابل كل 3.5 أونصة من اللحوم الحمراء غير المصنعة التي تناولوها يوميا، زاد خطر إصابتهم بنسبة 10% (وهذا بحجم شريحة لحم صغيرة تقريبا)، وفقا للتقرير.
وأشارت البيانات أيضا، إلى أن حصة واحدة من الدواجن يوميا كانت مرتبطة بزيادة بنسبة 8% في خطر الإصابة بمرض السكري من النوع 2، لكن هذه النتيجة كانت أقل اتساقا ومهمة فقط في الدراسات الأوروبية، لذلك هناك حاجة إلى مزيد من البحث، كما قالت الدكتورة نيتا فوروهي، أستاذة
صحة السكان والتغذية في جامعة كامبريدج التي قادت الدراسة.
وقالت إن النتيجة هي أنه كلما قل تناول اللحوم الحمراء والمصنعة، كان ذلك أفضل.
وتتوافق هذه النتائج مع أبحاث سابقة، بما في ذلك دراسة أمريكية كبيرة نُشرت في تشرين الأول/ أكتوبر.
وقالت الدكتورة فوروهي، إن هناك عدة تفسيرات محتملة لسبب زيادة تناول اللحوم بشكل منتظم من خطر الإصابة بالسكري من النوع الثاني.
أحد هذه التفسيرات هو أن اللحوم الحمراء والمصنعة تميل إلى أن تكون أعلى في الدهون المشبعة من الدهون غير المشبعة، وهي تركيبة مرتبطة بمقاومة الأنسولين الأكبر، والتي يمكن أن تؤدي إلى الإصابة بالسكري من النوع الثاني.
وأضافت الدكتورة فوروهي، أن الأشخاص الذين يتناولون المزيد من اللحوم قد يتناولون أيضا عددا أقل من الأطعمة الصحية، مثل الفواكه والخضروات.
كما أن طهي اللحوم في درجات حرارة عالية، مثل القلي في المقلاة أو الشواء على نار مفتوحة، يمكن أن يؤدي أيضا إلى تكوين مركبات معينة قد تسبب تلف الخلايا والالتهاب ومقاومة الأنسولين - وكلها يمكن أن تساهم في الإصابة بالسكري من النوع الثاني، وفقا للتقرير.
في السياق، أضافت دراسة نشرت الأسبوع الماضي في مجلة "Nature Metabolism"، أدلة على فرضية أخرى قديمة: وهي أن الحديد الهيمي - وهو نوع من الحديد يوجد بمستويات عالية في اللحوم الحمراء (وبدرجة أقل في الأسماك والدواجن) - قد يساهم في الإصابة بمرض السكري من النوع 2.
تابع الباحثون ما يقرب من 205000 بالغ من البيض في الولايات المتحدة لمدة تصل إلى 36 عاما، وخلال هذه الفترة أصيب حوالي 21000 منهم بمرض السكري من النوع 2.
كان أولئك الذين لديهم أعلى استهلاك للحديد الهيمي - والذي يأتي بشكل أساسي من ثماني إلى 10 حصص من اللحوم الحمراء غير المصنعة أسبوعيا - أكثر عرضة بنسبة 26% للإصابة بمرض السكري من النوع 2 من أولئك الذين هم أقل استهلاكا. وكشفت الدراسة أيضا أن لديهم مستويات أعلى من الدهون وعلامات مقاومة الأنسولين والالتهابات ومركبات أخرى مرتبطة بمرض السكري من النوع 2 في دمائهم.
أضاف هذا إلى الأدلة الموجودة التي تشير إلى أن الحديد الهيمي من المحتمل أن يكون لاعبا مهما في الارتباط بين اللحوم الحمراء ومرض السكري من النوع 2، كما قال الدكتور فرانك هو، أستاذ التغذية وعلم الأوبئة في كلية تشان للصحة العامة في جامعة هارفارد، والذي قاد الدراسة.
من ناحية أخرى، لم يفسر الحديد الهيمي العلاقة بين اللحوم الحمراء المصنعة ومرض السكري من النوع 2، كما قال الدكتور هو. وأضاف أن المكونات الأخرى، مثل مستويات المواد الحافظة والصوديوم، ربما تكون أكثر أهمية لخطر اللحوم المصنعة، وفقا للتقرير.
قال الدكتور داريوش مظفريان، أخصائي أمراض القلب وأستاذ الطب في جامعة تافتس، والذي لم يشارك في الدراسة، إن الحديد عنصر غذائي أساسي، ولكن الإفراط في تناوله قد يسبب الالتهاب ويضر بالبنكرياس، مما يزيد من خطر الإصابة بمرض السكري.
وأضاف الدكتور مظفريان أنه في حين ارتبط الاستهلاك المنتظم للحوم الحمراء والمصنعة بتدهور الصحة، فإن اللحوم المصنعة لها أقوى ارتباط وأكثرها ثباتا بمرض السكري من النوع 2 وغيره من الحالات. وأضاف أن هذه بوضوح "فئة يجب تجنبها".
لا تشمل اللحوم المصنعة فقط المنتجات غير الصحية النمطية مثل النقانق ولحم الخنزير المقدد، ولكن أيضا المنتجات التي تبدو صحية مثل نقانق الديك الرومي ولحوم الديلي [المورتيديلا].
لا يعني هذا أنه لا يجب عليك تناول هذه الأطعمة أبدا، كما قال الدكتور مظفريان. وأضاف أنه بدلا من ذلك، يجب تناولها في أحيان قليلة.
أما بالنسبة للحوم الحمراء، فلا توجد بيانات كافية لتحديد الكمية التي تعتبر أكثر من اللازم على وجه التحديد، كما قال الدكتور هو، ولكن بناء على الأدلة الحالية، فإن تناول وجبة أو وجبتين في الأسبوع - مثل شريحة لحم خنزير صغيرة أو بضع كرات لحم فوق السباغيتي - ربما يكون مقبولا.
أوصى الدكتور هو، بالتحول من نظام غذائي "يركز على اللحوم" إلى نظام غذائي يشتمل على الكثير من الأطعمة النباتية مثل الحبوب الكاملة والفواكه والخضروات والبقوليات - والتي ارتبطت جميعها بانخفاض خطر الإصابة بمرض السكري من النوع 2.