وصل المئات من عناصر حزب الله
اللبناني، ومدنيين لبنانيين، إلى المستشفيات، بإصابات مختلفة بسبب انفجار أجهزة النداء التي بحوزتهم "بيجر" وقالت مصادر مقربة من المقاومة اللبنانية، ووكالة الأنباء الرسمية، إن الانفجارات ناتجة عن اختراق إسرائيلي.
ما هو البيجر؟
أجهزة البيجر، المعروفة بقدرتها على توفير التواصل الفوري والمباشر، تعد من أقدم وسائل الاتصالات المحمولة التي ساهمت في تعزيز التواصل السريع في مختلف القطاعات.
وعلى الرغم من التطور الهائل في تقنيات الهواتف المحمولة، إلا أن البيجر لا يزال يُستخدم بشكل واسع في العديد من المجالات الحيوية مثل الرعاية الصحية والطوارئ، بفضل موثوقيته وبساطته في نقل الرسائل النصية القصيرة والتنبيهات.
كيف يعمل البيجر؟
يعتمد عمل البيجر على تقنية الاتصالات اللاسلكية الراديوية (Radio Frequency Communication).
هذه التقنية تقوم بنقل الرسائل والإشارات عبر ترددات راديوية من خلال شبكة من الأبراج أو محطات الإرسال إلى جهاز البيجر الخاص بالمستخدم.
الإرسال عبر موجات الراديو: يعتمد البيجر على استقبال رسائل نصية قصيرة أو إشعارات تُرسل عبر موجات الراديو. عندما يرغب شخص ما في إرسال رسالة إلى مستخدم البيجر، يتم إرسالها من خلال مزود الخدمة إلى برج الإرسال القريب من المستخدم بشكل مشفر، وعندما يستقبلها الجهاز على الطرف الآخر يقوم بفك تشفيرها وعرضها.
ترددات مخصصة: كل بيجر لديه تردد محدد ورقم تعريف فريد (Capcode) يسمح له بتلقي الرسائل الخاصة به فقط.
ولا يحتاج التواصل عبر البيجر إلى شريحة اتصال لكون الأجهزة تعتمد على رقم تعريف خاص بها ومزودة وبهوائيات راديوية لاستقبال الإشارة دون الحاجة إلى الاتصال عبر أبراج الاتصالات الخلوية.
ما هو النوع الذي انفجر؟
عبر بحث في حطام بعض الأجهزة التي انفجرت، ونشرها بعض مستخدمي مواقع التواصل، استطاعت "عربي21" الوصول إلى النوع الذي كان بحوزة بعض عناصر الحزب وهو Rugged Pager AR924 ، من "Apollo Gold" التايوانية، لكن لا يمكن تأكيد أن جميع الأجهزة التي انفجرت هي من الطراز نفسه.
يتميز Rugged Pager AR924 بكونه جهازًا متينًا وموثوقًا صُمم خصيصًا للعمل في البيئات الصعبة.
يأتي بتصميم مضاد للصدمات والغبار والماء، مما يجعله مثاليًا للاستخدام في قطاعات الطوارئ والصناعات الثقيلة.
كما يتمتع الجهاز بشاشة واضحة لعرض الرسائل، وزرّين مخصصين للتنقل السريع، بالإضافة إلى إنذار صوتي قوي واهتزاز للتنبيه في البيئات الصاخبة.
إلى جانب ذلك، يتمتع Rugged Pager AR924 ببطارية تدوم طويلاً، حيث يعتمد على بطارية ليثيوم-أيون قابلة لإعادة الشحن توفر 85 يوما من التشغيل المتواصل ويمكن شحن البطارية كاملة في ساعتين ونصف فقط.
هل يمكن اختراقه؟
ليس من السهل اختراق أجهزة البيجر لكونها بسيطة وغير متصلة بالإنترنت، وتعمد على الإشارات الراديوية، لكن يمكن الولوج إلى نظام الرسائل والعبث به، غير أن مختصين إلى جانب وكالة الأنباء اللبنانية قالوا إن الانفجار ناتج عن اختراق من جانب إسرائيل.
أما إحداث تلف في البطارية فإنه يتطلب الوصول إلى النظام الكهربائي الداخلي للجهاز، وهذا أمر غير ممكن عبر تقنية الاتصالات الراديوية المستخدمة في البيجر. كما أن الأجهزة الحديثة مزودة بأنظمة حماية تمنع التلف الناتج عن الشحن الزائد أو السخونة.
وهذا يعني أن الاختراق يحتاج إلى نظام متطور جدا.
ماجن مارغاليت، نائب الرئيس الرقمي في شركة تطوير البرمجيات الإسرائيلية CodeValue قال إن الجيل القديم من أجهزة البيجر يعمل بالنظام التناظري، ويصعب اختراقه، لكن الأنواع الحديثة والرقمية أصبحت الآن أكثر قابلية للاختراق والتحكم بها عن بعد.
وتابع مارغاليت للقناة 12 العبرية، بأنه بمجرد تحقيق اختراق أجهزة الاتصال اللاسلكي والتحكم فيها، يمكن التحكم في الترددات وإرسال رسائل خاطئة واستغلال نقاط الضعف المادية في المكونات الإلكترونية لإتلاف الجهاز، وحتى التسبب في انفجاره، عن طريق تشغيل تعليمات برمجية تجعل الجهاز يعمل بمعدل مرتفع يصل إلى انفجار البطارية.
من جانب آخر، نشر توباز لوك، مستشار رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، منشورا ألمح فيه إلى مسؤولية إسرائيل عن تفجير أجهزة الاتصال في لبنان قبل أن يحذفه.
لاحقا تنصل مكتب نتنياهو من منشور المستشار.
وقالت إذاعة جيش الاحتلال الإسرائيلي أنه إن كانت تل أبيب هي من تقف وراء عملية تفجير أجهزة الاتصال فإنها ترد على مخطط حزب الله لاستهداف شخصية أمنية سابقة أعلن "الشاباك" إحباطه.
ما هي الفرضية الأخرى؟
قال مصدر مقرب من حزب الله لوكالة فرانس برس إن "أجهزة الإشعار (بايجر) التي انفجرت وصلت عبر شحنة استوردها حزب الله مؤخراً تحتوي على ألف جهاز"، يبدو أنه "تم اختراقها من المصدر".
وعلى منصة إكس، كتب تشارلز ليستر الخبير لدى معهد الشرق الأوسط (MEI) إنه "وفقا لتسجيلات الفيديو ... من المؤكد أنه تم إخفاء عبوة بلاستيكية متفجرة صغيرة بجانب بطارية يتم تشغيلها من بعد عن طريق إرسال رسالة".
وهذا يعني في رأيه أن "جهاز الموساد اخترق سلسلة التوريد".
من جانبه تحدث المحلل العسكري إيليا مانييه، ومقره في بروكسل، عن "خلل أمني كبير في الإجراءات التي يتبعها حزب الله"، موضحا أن عملاء إسرائيليين "تسللوا بلا شك إلى عملية الإنتاج وأضافوا عنصرا متفجرا وجهاز تفجير من بعد إلى أجهزة الإشعار من دون إثارة الشبهات".
وقال مايك ديمينو، الخبير الأمني والمحلل السابق لدى وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية إن العملاء "تمكنوا من توصيل أجهزة الإنذار في صفوف الحزب ... إما من خلال التظاهر بأنهم موردون أو عن طريق حقن الأجهزة مباشرة عند محطة ما ضمن سلسلة التوريد الخاصة بحزب الله عبر استغلال نقاط الضعف (شاحنات النقل والسفن التجارية)".
وفي فرضية أخرى، قال رياض قهوجي، المحلل الأمني المقيم في دبي، إن "إسرائيل تسيطر على جزء كبير من الصناعات الإلكترونية في العالم، ولا شك أن أحد المصانع التي تمتلكها صنع هذه العبوات الناسفة التي انفجرت اليوم وشحنها".