قالت صحيفة "
إندبندنت" البريطانية، عبر افتتاحيتها، إن "العزلة الدبلوماسية الذاتية لإسرائيل أصبحت خطيرة جدا وهو ما يساعد حماس. وإن تصميم رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، على التحدي يعني أنه لن يتراجع في أي وقت، ولو فاز دونالد ترامب في انتخابات تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل، فإنه قد يحصد ثمار عناده".
وأضافت الصحيفة، خلال الافتتاحية، التي ترجمتها "عربي21" أن "أحدا لا يعرف ماذا دار في ذهن قادة حماس عندما خطّطوا لعملية 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، فلم يعودوا موجودين حتى يفسّروا قرارهم، وبالتأكيد كانوا يريدون الحصول على منافع جيوسياسية".
وتابعت: "ربما كانوا يأملون حدوث صدع بين إسرائيل والولايات المتحدة، ولو كان هذا ما خططوا له، فإنهم محظوظون لأن شيئا مثل هذا سوف يحدث قريبا"، مردفة: "رغم أن الأمر بدا مستحيلا قبل ما يزيد عن العام الماضي، إلاّ أن الولايات المتحدة أصدرت رسالة تحذير للإسرائيليين تمّ تسريبها إلى وسائل الإعلام، عمدا كما يفترض".
وأشارت
الصحيفة، إلى أن الرسالة، تُعتبر صورة عن الإحباطات التي تشعر بها إدارة بايدن، بخصوص سير الحرب على
غزة، وامتدادها إلى جنوب لبنان والتصعيد الخطير للتوترات في المنطقة، خاصة فيما يتعلق بالحرب مع إيران.
وأبرزت الصحيفة نفسها، أن الرسالة قد أرسلها بشكل مشترك، وزيرا الخارجية، أنطوني بلينكن، والدفاع، لويد أوستن، وتحتوي على طلب من نتنياهو وحكومته. مؤكدة: "كانا يتحدثان وبلا شك نيابة بسلطة الرئيس، جو بايدن، وطلبا السماح بدخول 350 شاحنة على الأقل إلى غزة يوميا، ووقف القتال للسماح بإيصال المساعدات، وأن يتم إلغاء أوامر الإخلاء الصادرة للمدنيين الفلسطينيين عندما لا تكون هناك حاجة لها".
وأوضحت الصحيفة: لا تحتوي الرسالة على وقف دائم لإطلاق النار، ناهيك عن الانسحاب من الأراضي الفلسطينية المحتلة أو من لبنان. فيما كان بلينكن وأوستن حذرين في الطلب، حيث وضعا 30 يوما كي تمتثل دولة الاحتلال الإسرائيلي للمطالب.
وكانا يريدان الظهور بمظهر المتعقّلين، غير أن الموعد المحدّد يضمن أنه لن ينفذ إلا بعد حسم نتيجة الانتخابات الأمريكية، حيث سيكون لدى الرئيس الجديد، الفرصة لموازنة خياراته.
واسترسلت الافتتاحية: "الأمريكيون واضحون في أن سلوك الحكومة الإسرائيلية لم تعد مسألة تخص البيت الأبيض وحده. فالقانون الأمريكي يحظر تقديم المساعدة العسكرية لأي قوة تعيق إيصال المساعدات الإنسانية الأمريكية".
وتابعت: "الأهم من ذلك، أن السياسة الأمريكية الحالية هي ضد إشعال إسرائيل لحريق إقليمي وأزمة عالمية بهجومها على المنشآت النووية الإيرانية أو منشآتها النفطية".
وتقول الصحيفة، إن "بلينكن وأوستن يتحدثان نيابة عن الغرب وعن جميع أصدقاء إسرائيل وحلفائها. وهذه الخطوة متوازية مع الخطوة البريطانية، حيث تستعد الحكومة البريطانية لفرض عقوبات شخصية على اثنين من أكثر الأعضاء تطرفا في إدارة نتنياهو، وهما وزير المالية، بتسلئيل سموتريتش، ووزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير. وقد أدلى كلاهما بتصريحات استفزازية غير مقبولة ضد قوافل المساعدات والمستوطنات غير القانونية في الضفة الغربية".
وأبرزت أن فرنسا قد أبدت عداء علنيا ضد دولة الاحتلال الإسرائيلي، حيث دعا رئيسها، إيمانويل ماكرون، إلى فرض حظر السلاح ضدها، مذكّرا أن "إسرائيل، على نحو ينذر بالسوء، أنشئت بفضل قرار الأمم المتحدة في عام 1947". وهو ما أثار رد فعل غاضب من نتنياهو الذي وصف الرئيس الفرنسي بـ"العار".
إلى ذلك، دعت بريطانيا وفرنسا والجزائر إلى عقد جلسة فورية لمجلس الأمن الدولي، في ظل تدهور الوضع الإنساني الذي يواجهه الشعب الفلسطيني. وتقول الصحيفة إن: "عزلة إسرائيل الدبلوماسية تزداد حدّة".
وأردفت: "لا بد من القول إن هذا لا يؤدي إلى تحقيق الأمن لها. ومن المؤسف أنه سيوفر العزاء والتشجيع لأعدائها، وأبرزهم حماس". مستفسرة: "هل سيتأثر نتنياهو بهذه المناورات الدبلوماسية؟ مجيبة أن كل الدلائل تشير إلى أنه لن يفعل ذلك، ليس فقط لأن فكرته السياسية المهيمنة هي التحدي الغاضب".
وبحسب
الصحيفة، فإنه: "أولا، في العبارة المفضلة لجو بايدن: -أمريكا ستدعم إسرائيل دائما-. وفي النهاية فإن الغرب لا يريد أن "تخسر" إسرائيل، أو أن يراها مدمرة، أو حتى تواجه تهديدا من أعدائها". فيما تعلّق الصحيفة أن: "حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها حقيقي. ومع ذلك، فإن نتنياهو يستغل حسن النية لأنه يعلم أنه يستطيع الإفلات من العقاب".
"ثانيا، لا تزال هناك فرصة لعودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، وهناك توقع حقيقي، استنادا إلى الفترة الأولى التي قضاها في منصبه، بأنه سيمنح إسرائيل حرية التصرف، وموارد غير محدودة، للقيام بكل ما تريده وربما يصل الأمر إلى السماح لها بشن هجوم حاسم ضد إيران" بحسب الصحيفة ذاتها.
وتعلق الصحيفة، بأن: "ما مرّت به المنطقة من معاناة واضطرابات وتشنجات في العام الماضي، قد لا تكون شيئا لو شكل نتنياهو وترامب تحالفا، في غضون أسابيع قادمة. ومن هنا فمصير شعوب الشرق الأوسط يقع على عاتق الناخبين في المقاطعات الأكثر توازنا في الولايات المتأرجحة مثل ولاية نورث كارولينا".
وختمت الصحيفة بالقول: "إذا فاز ترامب، فإنه بلا شك سيشجع نتنياهو على إطلاق العنان لمزيد من النار والغضب، بما في ذلك على طهران، وستنهار كل الرهانات".