سياسة دولية

استطلاع يؤكد زيادة العنصرية "المثيرة للقلق" ضد مسلمي أوروبا

أكدت الدراسة أن وضع المسلمين "زاد سوءا وبات من الصعب أن تعيش كمسلم في أوروبا"- جيتي
يعاني مسلمو أوروبا من "تدفق مثير للقلق" من العنصرية، بحسب دراسة مسحية أكد فيها نصف المشاركين تقريبا أنهم تعرضوا للتمييز العنصري، مرجعين ذلك إلى "الخطاب المعادي للمسلمين والذي يجردهم من إنسانيتهم". 

وقالت صحيفة "الغارديان" في تقرير لها إن وكالة الاتحاد الأوروبي للحقوق الأساسية "أف آر إي"، نشرت نتائج الدراسة المسحية التي شارك فيها 9,600 مسلم في 13 دولة عضوا بالاتحاد الأوروبي، ووجدت أن العنصرية والتمييز يتخللان معظم ملامح حياتهم. 

ونشرت الدراسة الخميس، حيث قال المشاركون إن أطفالهم تعرضوا للتنمر في المدارس وتحدثوا عن معاناتهم بالحصول على فرص متساوية بالعمل وتحيز عندما يتعلق الأمر باستئجار البيوت أو شرائها. 
ومع أن الدراسة المسحية تمت قبل أحداث 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، إلا أن الوكالة التي تتخذ من فيينا مقرا لها، تحدثت عن زيادة في الهجمات المعادية للمسلمين منذ بداية الحرب. 

وقالت مديرة الوكالة سيربا راويتو: "نشهد تدفقا مثيرا للقلق من العنصرية والتمييز ضد مسلمي أوروبا"، مضيفة أن هذا "يتغذى من النزاعات في الشرق الأوسط وزاد سوءا من الخطاب المعادي للمسلمين الذي يجردهم من إنسانيتهم". 

وبعد أحداث 7 تشرين الأول/ أكتوبر حاول المسؤولون البحث عن طرق من أجل احتواء الكراهية ضد المسلمين واليهود، والتي تراوحت من هجمات تخريبية على كنيس في برلين إلى رسائل عدة تحتوي على تهديدات وإهانات ضد مجالس المسلمين ومساجدهم في فرنسا.  

ووجدت الوكالة التي تحدثت مع مسلمين من النمسا وبلجيكا والدنمارك وفنلندا وفرنسا وألمانيا واليونان وإيطاليا ولوكسمبرغ وهولندا وإسبانيا والسويد، أن 47 بالمئة تحدثوا عن تجارب عنصرية في السنوات الخمس التي سبقت 2022 وحتى عام 2016. 

وقالت المؤلفة المشاركة للدراسة المسحية فيدا بيرنسفيتوتش: "ما نراه هو أن وضع المسلمين زاد سوءا" و "بات من الصعب أن تعيش كمسلم في أوروبا". 

وأشارت الدراسة إلى أن معدلات التمييز العنصري مرتبطة على ما يبدو بصعود اليمين المتطرف في  أوروبا. ففي النمسا، حيث برز حزب الحرية المناهض للهجرة الذي أسسه النازيون الجدد باعتباره الحزب الأكثر شعبية، قالت نسبة 71 بالمئة من المسلمين إنهم مروا بتجارب عنصرية في الفترة الأخيرة. 

وفي ألمانيا المجاورة، حيث يكتسب حزب البديل من أجل ألمانيا المناهض للهجرة قوة مطردة، أفاد من نسبتهم 68 بالمئة من المسلمين بتعرضهم للتمييز.

 وفي الدول الـ 13 التي شملتها الدراسة المسحية، قالت نسبة 39 بالمئة من المسلمين إنهم عانوا تمييزا في  سوق العمل، وقالت نسبة 41 بالمئة إنهم تعرضوا للعنصرية في الأعمال بحجة أنهم ليسوا مؤهلين لها. 

وقال ثلث المشاركين (أي 35 بالمئة) إنهم منعوا من شراء أو استئجار منزل بسبب التمييز العنصري، مقارنة مع نسبة 22 بالمئة عام 2016. 

وقالت بيرنسفيتوتش: "الظاهرة منتشرة ومستمرة ونطاقها واسع جدا"، وتعلق الصحيفة بأن نتائج العنصرية والتمييز واسعة جدا وبعيدة المدى، فعلى الأرجح أن يعيش المسلمون في الفقر وفي مجمعات سكنية مزدحمة ويعملوا بعقود مؤقتة بمعدل 2.5 مرة. 

وقال المشاركون إنهم معرضون ثلاث مرات لمغادرة المدرسة مبكرا وأكثر من بقية السكان في دول الاتحاد الأوروبي. وتثير الدراسة مظاهر قلق تتعلق بالشباب المسلم، بحسب ما قالت بيرنسفيتوتش. وقد ولد أكثر من نصف المسلمين في أوروبا، 55 بالمئة، وقالوا إنهم عانوا من العنصرية أثناء بحثهم عن عمل، ولم يعاملوا بنفس المستوى، رغم تحدثهم نفس اللغة ولديهم المؤهلات والقدرات المشابهة.

وقالت بيرنسفيتوتش إن "هذا بشع"، مشيرة إلى أن الكثير من المسلمين تحدثوا عن عنصرية "عارمة" وشعروا بأنهم مستهدفون بسبب دينهم ولون بشرتهم وأصولهم الإثنية وكونهم أبناء لمهاجرين.

 وعانت النساء المتحجبات من مستويات عالية من التمييز العنصري في سوق العمل. وعندما يتعلق الأمر بالنساء المحجبات وفي سن ما بين 16 و24 عاما، فقد وصلت نسبة التمييز العنصري إلى 58 بالمئة. 

ولم تجد إلا قلة من المشاركين فائدة بالإبلاغ عن الحوادث العنصرية، حيث قالت نسبة 6 بالمئة إنهم قاموا بتقديم بلاغات وتقارير عن هذه الحوادث. 

ودعت وكالة الاتحاد الأوروبي للحقوق الأساسية إلى تنفيذ العقوبات القاسية ضد التمييز وجرائم الكراهية وكذا جمع بيانات عن المساواة، بما في ذلك الأصل العرقي والإثني. ما قد يسمح لصناع السياسة بوضع أهداف ومتابعة التقدم. وعلى خلاف بريطانيا، لا تجمع معظم دول الاتحاد الأوروبي، معلومات عن التنوع الإثني والعرقي. وجاءت دراسة الخميس بعد تقرير في العام الماضي وجد أن نصف السود في أوروبا تعرضوا لتمييز عنصري. وكذا دراسة مسحية في تموز/ يوليو قال فيها كل اليهود بأنهم عانوا من معاداة السامية. 

وتقول بيرنسفيتوتش إنه لو نظرنا إلى التقارير معا  فإنها تقترح أن "العنصرية والتمييز العنصري ظاهرة مستمرة في كل أنحاء أوروبا وهناك حاجة لمعالجتها" وأنها "بدون جهود محددة فلن تختفي".