كانت أسابيع حافلة بالمفاجآت تلك التي
تلت فوز دونالد
ترامب الساحق بالسباق الانتخابي للبيت الأبيض في 5 تشرين الثاني/
نوفمبر، خصوصا في ما يتعلق بملف التعيينات.
فبعض تلك التعيينات تم استقبالها بشكل إيجابي،
حتى من قبل الديمقراطيين، ولكن بعض الاختيارات الأخرى مثيرة للجدل لدرجة أن بعض الجمهوريين
قد لا يدعمونها.
وسلطت وسائل إعلام على المعايير التي
اعتمدها ترامب في اختياراته. ومنها برنامج "
داخل واشنطن" الذي يقدمه مدير معهد واشنطن للدراسات روبرت ساتلوف على قناة "الحرة" الأمريكية.
ووفق تود غيلمان، الأستاذ في كلية الصحافة
في جامعة أريزونا وعضو مجلس إدارة رابطة مراسلي البيت الأبيض، فإن "ترامب تعلم
الكثير من الدروس حول وجود الحواجز الوقائية خلال فترته الأولى، حيث إنه جعل مهمة العديد من
الأشخاص، مثل وزير الخارجية ووزير الدفاع وكبير موظفي البيت الأبيض، هي كبح أسوأ
غرائزه ومحاولاته المبالغ فيها لاستخدام سلطته الرئاسية".
ويرى أن ترامب "مصمم بلا شك خلال فترته
الثانية على إحاطة نفسه بالأشخاص الموالين له سياسيا فقط، والذين لن يقفوا في طريقه،
ولن يسعوا إلى إعاقته أو منعه من القيام بأي شيء يريد القيام به".
من جهته يعتقد مدير التحرير التنفيذي لمجلة
"واشنطن إكزامينر" دبليو جيمس أنتل، أن "ترامب تعلم شيئا من فترته الرئاسية
الأولى، أن القول المأثور في واشنطن ’الموظفون هم السياسة’ صحيح".
وأضاف: "أعتقد أنه كان معتادا في مجال
الأعمال على تعيين أشخاص لديهم آراء تختلف عن آرائه يمكنهم تقديم المشورة له، لكن ما
يقوله المدير التنفيذي هو ما يحدث في النهاية. عمل
الحكومة شبيه بهذا المفهوم لكن ليس
كثيرا، فإذا وضعت أشخاصا في السلطة لا يتفقون معك ومع أجنداتك في مجال السياسات، ولديهم
وجهات نظر مختلفة عنك حول الأمور الملائمة قانونيا ودستوريا، فلن تسير الأمور لصالحك
ولن تتمكن من تطبيق الأشياء التي ترغب في تطبيقها، لذا أعتقد أنه سيبحث في فترته الثانية
عن أشخاص يعتقد أنهم سيوافقونه على ما يريد فعله".
وتابع بأن "الاختلاف الأكبر برأيي سيتمثل
في سوزي وايلز كبيرة موظفي البيت الأبيض، وأظن أنها الجمهورية الأكثر تقليدية التي
رأيناها تتقلد منصبا رفيعا في الفترة الثانية، وقد حققت نجاحا كبيرا بمشاركتها في إدارة
حملة ترامب للعام 2024، وبفضلها كانت حملته منضبطة ولم تشهد مستوى التسريبات الذي رأيناه
في حملات ترامب السابقة".
ويرى أن "هناك أملا في استمرار هذا الانضباط
والتماسك وعدم تسريب المعلومات في البيت الأبيض تحت إدارة ترامب، وهناك العديد من الأشخاص
الآخرين في مناصب عليا في البيت الأبيض من الموالين القدماء لترامب ممن عملوا في حملاته
السابقة وخلال فترته الرئاسية الأولى في البيت الأبيض، لدينا ستيفن ميلر الذي سيعود
كنائب كبير موظفي البيت الأبيض للشؤون السياسية".
ويؤكد أنتل أنه "إن كان هناك من يبحث
عن شخص ربما سيكون بمثابة الحاجز الواقي، فستكون بالتأكيد سوزي وايلز".
لكن غيلمان ليس "على يقين من أنها
ستشكل حاجزا واقيا كما فعل وزير الخارجية، ريكس تيلرسون أو الجنرال (جيمس) ماتيس أو
حتى راينس بريباس (كبير موظفي ترامب في إدارته الأولى)".
ولفت غيلمان إلى أن ستيفن ميلر الذي اختاره
ترامب لمنصب نائب كبير موظفي البيت الأبيض معتبرا أنه "مثالا ممتازا.. إذ إن مهمة
ميلر ليست العمل كحاجز واق، ولا إعاقة عمل الرئيس ترامب، بل إن مهمته هي تسهيل تنفيذ أجندة
الرئيس ترامب العدائية تجاه المهاجرين والمساعدة بالتعاون مع توم هومان في تنفيذ أكبر
حملة من الترحيلات للمهاجرين غير الحاملين للوثائق في البلاد".
وعلق الصحفي والأكاديمي غيلمان على تعيين
كارولين ليفيت متحدثة باسم البيت الأبيض، وقال: "هي تبلغ من العمر 27 عاما، وليست
شخصا يمكنه الوقوف في وجه الرئيس ترامب. عملت سكرتيرة صحفية ومتحدثة ذات كفاءة عالية
باسم حملته قبل خمس سنوات عندما كان في البيت الأبيض، وكانت حينها مساعدة صحفية في
مستوى متدن، تعمل على إرشاد الرئيس والصحفيين للدخول والخروج إلى المكتب البيضاوي..
أي إنها لم تكن تتمتع بمكانة كبيرة مثل جون بولتون، الذي كان يتمتع بسمعة ومعارف في
واشنطن، والذي كان يمكنه أن ينبه الرئيس ترامب علنا إذا تجاوز الحدود".
من جهتها ترى آنا جياريتيلي، مراسلة شؤون
الهجرة والأمن القومي في موقع "واشنطن إكزامينر" أن الرئيس ترامب "يعدّ
وينظم صفوفه حرصا على بدء عمليات الترحيل منذ اليوم الأول"، مشيرة إلى أن هذا
الأمر "سيكون كابوسا لوجستيا لمنفذيه، فهناك 1.3 مليون شخص صدرت أحكام قضائية
بترحيلهم لا يزالون في البلاد".
ويعتقد أنتل أن إليس ستيفانيك المرشحة لمنصب
السفيرة لدى الأمم المتحدة "لا تختلف بشكل جوهري في آرائها تجاه بعض القضايا عن
نيكي هيلي، لكنها موالية لترامب بشكل أكبر مما كانت عليه هيلي".
ولا يستبعد أنتل أن نشهد "شيئا من
التوتر" بين الذين ينوون الوفاء بوعد الحملة الانتخابية بتجنب الحروب وإنهاء الصراعات
المستمرة وتقديم التزامات أقل للخارج، وبين الأشخاص الموالين في الواقع لترامب والمؤيدين
له، لكنهم ليسوا بالضرورة من الواقعيين أو مؤيدين لسياسة عدم التدخل، وربما كان لديهم
بعض التوافق مع مدرسة بوش الجمهورية القديمة.
والسبت اكتملت حكومة الرئيس ترامب
بتعيينه رئيسة مركز "أميركا فيرست بوليسي إنستيتيوت" بروك رولينز وزيرةً
للزراعة، وهو كان المنصب الأخير المتبقي لاستكمال تشكيلة حكومته.
وبهذا التعيين الجديد، ومع سلسلة التعيينات
المعلنة مساء الجمعة، يكون ترامب قد أكمل اختيار الشخصيات في حكومته وسيكون قادرا الآن
على التركيز على المناصب الرئيسية في الإدارة الفيدرالية.