ببلوغرافيا

الشاعر فوزي علي رضا النحوي.. ناشط سياسي وثقافي مؤمن بالهوية الفلسطينية

ولد شاعرنا في مدينة إربد (شمال الأردن) عام 1923، حين كان والده متصرفاً هناك. وانتقل معه إلى فلسطين (صفد ثم عكا)
من عائلة ثقافية مرموقة، كان الوالد "متصرفاً" في إربد، ثم رئيساً لبلدية صفد، ثم أحد كبار رجالات عكا التي أقام فيها قبل النكبة.

وكانت الأم شقيقة الشاعر محيي الدين عيسى، فترعرع غلاماً، ونما فتى، واكتمل شاباً، في كنف خاله ودار أبيه، حيث المكتبة التي يؤمها كبار العلماء للاستفادة مما فيها من كتب نفيسة، تحدّث عنها الكاتب محمد كرد علي في كتابه "خطط الشام".

لم يضيّع الفتى فوزي بن علي رضا بن عبد الغني النحوي فرصة وجوده في بيئة ثقافية مكوّنة من عالم دين وسياسي (الوالد)، وشاعر (الخال)، ومنبع ثقافة مقصود من كل ناحية (المكتبة). فنهَل منها ما استطاع من العلوم. واهتم به والده لتدريسه وغرس فضيلة الانتماء والحفاظ على الهوية في نفسه.

ولد شاعرنا في مدينة إربد (شمالي الأردن) عام 1923، حين كان والده متصرفاً هناك. وانتقل معه إلى فلسطين (صفد ثم عكا).

تلقى تعليمه الابتدائي في مدارس مدينة صفد (شمالي فلسطين)، وأتم المرحلة الثانوية في مدينة عكا. ولم يتابع دراسته الجامعية، بل التحق قبل النكبة بالعمل في "بنك الأمة" في مدينة عكا، حيث امتهن المحاسبة، دون أن يدير ظهره للشعر والأدب والثقافة. ولما لم يلتحق بالدراسة الجامعية، استثمر بيئته، وعمل على نفسه في تنمية ثقافته وموهبته الشعرية. ولم يكن وحده في هذه التجربة، بل رافقه فيها شقيقه الذي يصغره بخمس سنوات الشاعر المعروف لاحقاً الدكتور عدنان علي رضا النحوي (راجع مقالتنا عنه في الموقع).

بعد النكبة

في الخامسة والعشرين من عمره اندلعت أحداث النكبة، واضطر مع عائلته للهجرة إلى سورية، حيث عمل محاسباً ثم مراقباً مالياً في مؤسسة الحبوب والمطاحن (الميرة) بدمشق حتى تقاعده عام 1975 بسبب المرض وكان في عمر 52 سنة.

كانت السياسة والثقافة أهم توجّهاته، ففي السياسة كان عضواً في لجان جمع التبرعات لمجاهدي الثورة الجزائرية عام 1954، وتسليح الجيش العربي السوري عام 1955، ودعم مصر إثر العدوان الثلاثي عليها عام 1956. وكان يشارك بمعظم الفعاليات الفلسطينية في دمشق.

وفي الثقافة، كان ينشر مقالات ثقافية تاريخية عن الأشخاص أو البلاد، أو مقالات سياسية في صحف دمشق اليومية، وكان يحب الرسم، وخصوصاً رسوماته عن مدينة صفد في لوحات زاهية وتناسق جميل. كما يقول شقيقه د. عدنان النحوي.

كتب الشعر ونشر قصائده في الدوريات الثقافية العربية، وكان لديه مئات القصائد "ورغم كثرة شعره فإنه لم يُجمع، ولو جُمع لكان عدة دواوين" حسب شقيقه الدكتور عدنان. وشاعرنا فوزي النحوي يُعدّ أحد شعراء المقاومة الفلسطينية، تنتمي قصيدته لشعر المقاومة، وتنهج منهجها، مُضَمّناً قصائده ملاحم العرب وأمجادها وأيام المجد العربي في القادسية، واليرموك، وحطين، وعين جالوت، ومستلهماً صور النضال العربي، محافظاً على الإطار التقليدي بوصفه شكلاً من أشكال مقاومة التغيير، ومستخدماً المحسنات البديعية وبخاصة التصريع والتجنيس والطباق. وتمثل مدن فلسطين ركائز أساسية في عدد من قصائده، بخاصة عكا وحيفا والقدس.

نماذج من شعره

أنا الشعب

أنا الشعبُ، ثرتُ وفي ثورتي
حُمَيّا بأبنائيَ الشُرَّدِ

أنا الشعبُ صحتُ وفي صيحتي
عزيمة عضبٍ ولم يُغمدِ

سأسكبُ في موطني من دمي
وفي السهل والغاب والأنجدِ

فما أنثني من عَوادي الزمان
ومن شدةِ الكرب لم أهمدِ

أطال الزمان وإن لم يطل
فدربي إلى الله في موعدِ

وإني رعدٌ يُدوّي على
إباء يثورُ على المعتدي

فهذا سبيلي سأمضي عليه
أجاهد، أسعى إلى مقصدي

إلى صخرة المسجد المُفتدى
يطيبُ اللقاء مع المسجدِ

كفرتُ بأوثان هذا الزمان
لغيرك يا رب لم أسجدِ

قصيدة رحل الزعيم (المفتي الحسيني)

رحل الزعيم وما أجلَّ رحيلاً
ومضى "الأمين" وما أضلَّ سبيلا

ودوى النَّعِيُّ مكبِّراً ومؤذّناً
الله أكبرُ بكرةً وأصيلاً

شرب الشهادةَ من أكفِّ مَلائكٍ
والروحُ فاضت ريَّةً وعُسولا

مات الأمين وشيخ أمة يعربٍ
وهو الأمين قضيةً وقبيلاً

ما مات من لقي الشهادة راضياً
حضن الشهادة في الأصيل خليلاً

ما غاب نجمٌ في العروبة ثاقبٌ
أبدًا يشعشع هادياً وفضيلاً

ما انفكّ يحيا في الممات مجاهداً
والروحُ تخلدُ أمةً ورعيلاً

روحٌ ترفرفُ في الجنان وإنها
في الأرض سيفٌ لا يزال صليلا

رجلُ القضية مبدأً وعقيدةً
والجيلُ يعرف في الغداة عقولا

إن "الأمين" رسالةٌ وأمانةٌ
وهو استقام نزاهةً وفضيلا

يحيا إلى الأجيال تأريخاً لها
ما زال يبقى حجّةً ورسولا