حقوق وحريات

مجلس النواب المصري يمنح "النيابة" مراقبة وسائل الاتصال مدى الحياة (شاهد)

يواصل النظام المصري تضييق الخناق على المواطنين في جميع جوانب الحياة - جيتي
وافق مجلس النواب المصري على منح النيابة العامة سلطة إصدار أوامر بضبط أو مراقبة أو الاطلاع على وسائل الاتصال، بما في ذلك الحسابات على منصات التواصل الاجتماعي، والبريد الإلكتروني، والهواتف المحمولة.

جاء ذلك في جلسة وافق فيها المجلس على 40 مادة من مشروع قانون الإجراءات الجنائية، من المادة 62 حتى المادة 102، وهي المواد التي تشكل الفصول الأربعة الأولى من الباب الثالث، الخاص بالتحقيق بمعرفة النيابة العامة.

كما جاءت الموافقة خلال جلسة شهدت رفض مطالب من بعض النواب بإلغاء سرية التحقيقات، وكذلك رفض مطالب أخرى بالنص على تصوير التحقيقات بالصوت والصورة.

وتم منح مجلس النواب هذه السلطة للنيابة العامة٬ بعد الحصول على إذن مسبب من القاضي الجزئي. كما يشترط أن تكون مدة الإذن 30 يومًا كحد أقصى، مع إمكانية تجديدها لفترة أو فترات مماثلة.

ونصت المادة (79) من مشروع قانون الإجراءات الجنائية، كما أقرها مجلس النواب، على أنه يجوز لعضو النيابة العامة، بعد الحصول على إذن من القاضي الجزئي، أن يصدر أمرًا بضبط جميع الخطابات والرسائل والبرقيات، والجرائد، والمطبوعات، والطرود.

كما يجوز له أن يأمر بمراقبة الاتصالات السلكية واللاسلكية، وحسابات مواقع وتطبيقات التواصل الاجتماعي ومحتوياتها غير المتاحة للعامة، والبريد الإلكتروني، والرسائل النصية أو المسموعة أو المصورة على الهواتف أو الأجهزة أو أي وسيلة تقنية أخرى، وضبط الوسائط الحاوية لها أو إجراء تسجيلات لأحاديث جرت في مكان خاص، وذلك إذا كان لذلك فائدة في كشف الحقيقة في جناية أو جنحة يعاقب عليها بالحبس لمدة تزيد على ثلاثة أشهر.

وأوجبت المادة في فقرتها الثانية أن يكون الأمر بالضبط، أو الاطلاع، أو المراقبة، أو التسجيل لمدة لا تزيد على ثلاثين يومًا. ويصدر القاضي الإذن المشار إليه مسببًا بعد اطلاعه على الأوراق والتحقيقات، مع إمكانية تجديده لمدة أو لمدد أخرى مماثلة.

نواب يرفضون
ورفض مجلس النواب التعديل المقترح من النائبين فريدي البياضي ومحمد عبد العليم داود على المادة 79.

من جانبه، اعترض البياضي على مد فترة المراقبة والمصادرة أكثر من مرة لمتهم واحد في القضية، بينما قال داود: "هناك ناس اختفت في مستشفى الأمراض العقلية والسجون لمدد طويلة، ثم خرجوا بعدها عواجيز"، مضيفًا أن الشعب المصري عانى من كلمة "مدد"، مطالبًا بالنص على مدة محددة أو مدتين كحد أقصى.



وعلّق وزير الشؤون النيابية على المقترح قائلاً: "فرضًا أننا نتابع قضية كبيرة وخيوطها ممتدة، فهل نضع نصًا يعيق الوصول للحقيقة والعدالة طالما الأمر منوط بإذن القاضي؟"، مشيرًا إلى أن السلطة القضائية تخضع للقانون ولرقابة المحاكم العليا.

بدوره، أكد إبراهيم الهنيدي، رئيس اللجنة التشريعية، أن الضمانة الأساسية لحماية الحريات تكمن في أن يصدر الإذن من النيابة بعد عرضه على القاضي.

وفي سياق الجلسة٬ أكد رئيس مجلس النواب، حنفي جبالي، أن ما نُشر في بعض المواقع الإلكترونية حول أن المراقبة أصبحت متاحة على نطاق واسع هو أمر غير صحيح على الإطلاق.

وأوضح أن المراقبة، وفقًا للقانون، لا تتم إلا بناءً على أمر قضائي يصدر من قاضٍ، ووفق ضوابط قانونية مشددة، وفي حالات التحقيق في جرائم الجنايات أو الجنح التي يعاقب عليها القانون بعقوبة تزيد مدتها على الحبس ثلاثة أشهر.

جاء ذلك في كلمة المستشار جبالي خلال افتتاح الجلسة العامة لمجلس النواب، والتي تناول فيها ما نُشر في بعض الوسائل الإعلامية الإلكترونية.

تجسس على المواطنين
انتقد الكاتب الصحفي المصري جمال سلطان٬ موافقة مجلس النواب الذي وصفه بـ"برلمان المخابرات".

وقال سلطان عبر حسابه على منصة "إكس": "يوافق المجلس على منح المخابرات والأمن الوطني حزمة إجراءات خطيرة لمحاصرة المواطنين وترهيبهم وتقنين التجسس الدائم والشامل عليهم".

أما الكاتب الصحفي عمار علي حسن فعلق على القانون قائلا: "وكأنهم في حاجة إلى إذن هيئة رهن إشارتهم".

وقال المدير التنفيذي لمؤسسة حرية الفكر والتعبير، محمد عبد السلام٬ إن نصوص مشروع قانون الإجراءات الجنائية تنتهك الحق في المحاكمة العادلة وما يرتبط به من حقوق للدفاع القانوني والمتهمين.

وأوضح أن المشروع يتيح منع المتهم ودفاعه من الحصول على صور من أوراق القضية، وعدم تمكينهم من الاطلاع على التحقيقات.

كما أشار إلى أن صلاحيات مأموري الضبط القضائي تزداد بموجب المشروع، حيث يُسمح لهم بالقيام ببعض أعمال التحقيق، بينما يحق للنيابة مراقبة الاتصالات دون تحديد سقف زمني ودون الحصول على إذن من القاضي الجزئي.

ويذكر أنه في 17 تموز/ يوليو 2018، أقر مجلس النواب المصري قانونًا يسمح للدولة بالإشراف على مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي.

ونص القانون على اعتبار أي حساب شخصي على مواقع التواصل الاجتماعي، أو أي مدونة، أو أي موقع على الإنترنت، يتابعه أكثر من 5 آلاف شخص، منفذًا إعلاميًا يخضع لقانون الإعلام.