أراد قادة
الانقلاب أن يكون يوم
محاكمة الرئيس المنتخب محمد
مرسي يوماً صعباً على رافضي الانقلاب، يزيد الضغط عليهم ويصيبهم بالإحباط، لكن ما حدث هو العكس تماماً، فثبات مرسي القوي وصموده قلب الموازين وجاء بنتيجة عكسية ضد الانقلاب، بل جعل رافضي الانقلاب يشعرون بالسعادة والتفاؤل لأول مرة منذ 30 حزيران/ يونيو الماضي.
مرسي يسجل هدفاً
وتقول وكالة أنباء أسوشيتد برس في تقرير لها إن سلطة الانقلاب أرادت أن تظهر للعالم مرسي في صورة المجرم الذي تحاكمه ثورة شعبية، لكن الرئيس وفي أول ظهور له منذ عزله استغل المحاكمة كمنصة لمهاجمة الانقلاب وتأكيده أنه الرئيس الشرعي، مشيرة إلى أن صمود مرسي ورفضه لإجراءات المحاكمة وتأكيده أنه أُرغم على الحضور وضع سلطة الانقلاب في مأزق كبير.
ونقل محامون أن الرئيس لوّح في القاعة بإشارة رابعة، وقال للقاضي :"أنا رئيسك الشرعي وأنت باطل".
وأظهرت اللقطات التي تم بثها للمحاكمة مرسي وهو يغلق أزرار حلته الزرقاء الداكنة بثبات يحيط به رجال الشرطة فيما ينزل من السيارة وكأنه زعيم يتفقد المكان وليس متهماً جاء لمكان محاكمته.
ولم يكتف الرئيس بذلك، بل أوصل رسالة إلى الشعب
المصري عبر من التقوه يحيي فيها صمودهم في مواجهة الانقلاب، وصلى الظهر إمام بقادة الإخوان داخل القفص.
كما أظهرت اللقطات باقي المتهمين من قيادات الاخوان المسلمين يقفون في صفين مثل حرس الشرف يصفقون لمرسي عند دخوله قفص الاتهام، وبعدها أعطوا ظهورهم للقضاة والنيابة رافعين أيديهم بإشارة رابعة في تعبير عن عدم اعترافهم بالمحاكمة.
وأكد محمد الدماطي، عضو هيئة الدفاع، أن مرسي ظهر بمظهر براق وملابس مهندمة، متمتعاً بصلابة وشجاعة غير محدودة.
محاكمة غير نزيهة
وأعرب نشطاء حقوقيون عن قلقهم بشأن نزاهة المحاكمة حيث إنها تجري وسط حملة أمنية موسعة ضد الإخوان وحلفائهم قتل واعتقل فيها الآلاف، كذلك فالنظام القضائي يغص بخصوم مرسي الذين تصادم معهم مرات عديدة خلال رئاسته، وفق تقدير مراقبين.
وأكد د. محمود خليل، أستاذ الصحافة بجامعة القاهرة، أن منع بث المحاكمة دليل على هشاشة الانقلاب وارتعاش السلطة من أن يقوم مرسى بإفشاء بعض الأسرار المتعلقة بالانقلاب، وخوفها من أن تزيد شعبية مرسي.
وأثار مشهد المحاكمة عدداً كبيراً من الاسئلة في أذهان كل من تابع الجلسة الأولى، كان أولها عن المكان الذي جيء بالرئيس مرسي منه إلى مقر المحاكمة؟ ولماذا لم تذع الجلسة على الهواء؟ ولماذا لم يتم تضمين المجني عليهم العشرة في
أحداث الاتحادية في المحاكمة وتم الاكتفاء بقتيلين اثنين فقط من غير الإخوان؟ وإذا كان مرسي وقيادات الاإخوان هم المحرضون على قتل المتظاهرين فأين الفاعل الأصيل للجريمة؟ ولماذ لا يحاكم أحد من قيادات الشرطة أو الحرس الجمهوري؟
مرسي ليس مبارك
ويرى متابعون أن قادة الانقلاب حاولوا تثبيت صورة ذهنية لدى المصريين بأن الرئيس مرسي مثل مبارك تماماً وأنه يحاكم بعد ثورة شعبية كما حصل مع مبارك، حتى أن كل الصحف الحكومية والخاصة المؤيدة للانقلاب خرجت بعنوان واحد عشية المحاكمة هو: "مرسي في قفص مبارك"، في إشارة إلى استخدام أكاديمية الشرطة التي شهدت محاكمة مبارك.
لكن الكثير من المصريين رأوا فرقاً شاسعاً بين الحالتين، حيث المستشار محمود الخضيري، رئيس اللجنة التشريعية بمجلس الشعب السابق، إن مرسي دخل قاعة المحكمة في عزة وثبات محافظاً على كيانه وزعامته، وكأنه هو من يحاكم الانقلابين وشركاءهم القضاة، على عكس مبارك الذي تمارض مستلقياً على سرير ليستعطف الناس.
ردود فعل بعد المحاكمة
وبعد المحاكمة أكدت صحيفتا "نينويورك تايمز" و"واشنطن بوست" الأمريكيتان أن الرئيس مرسي أظهر تحدياً وقوة خلال أولى جلسات محاكمته وأنه أعطى المزيد من الأمل داخل نفوس أنصاره ومؤيديه من خلال هذه القوة.
وعقب المحاكمة مباشرة طالب "فرحان حق"، نائب المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة "بان كي مون"، الحكومة المصرية المؤقتة بإطلاق سراح الرئيس محمد مرسي وجميع المعتقلين السياسيين في البلاد، أو الإسراع في تقديمهم إلى المحاكم ومحاكمتهم بأسرع وقت، فيما يمكن قراءته على أنه عدم اعتراف من المنظمة الدولية بمحاكمة مرسي.
وأكد القيادي بحركة "6 أبريل" محمد عادل أن الفائز الوحيد من المحاكمة هو الرئيس محمد مرسي وأن هذه المحاكمة لن تحاسب المسئولين فعلاً عن سقوط شهداء، مضيفاً أن وزراء الداخلية الذين نفذوا وتواطئوا على قتل الشهداء لم يحاسبوا.
مولد زعيم
وانهالت التقارير عقب المحاكمة وتعليقات المصريين تتحدث عن صمود الرئيس وثباته، بل إن كثيرين ممن كانوا لا يحبون مرسي ولا يرون فيه الشخص المناسب لشغل منصب رئيس الجمهورية أكدوا أن مرسي بدا في تلك المحاكمة كزعيم وليس مجرد رئيس.
ولم تخل مواقع التواصل الاجتماعي من بعض الساخرين من الرئيس مرسي في المحكمة، مثل الناشطة نوارة نجم المعروفة بمعارضتها الشديدة للرئيس مرسي وجماعة الإخوان، والتي انتقدت رغبة مرسي بالحديث للشعب أمام المحكمة، مضيفة – بسخرية - أنها ستتقدم بهدية خاصة لمرسي وهي عبارة عن مكروفانات تساعده في الخطابة!
وعلى الرغم من بعض التفاوت في متابعة المحاكمة من قبل الناشطين، إلا أن أغلب التعليقات تكاد تظهر أن السحر قد انقلب على الساحر، وأن المحاكمة زادت من شعبية الرئيس بشكل كبير، وهو ما قد لخصته شابة مصرية تدعى أميرة أحمد بتعليق كتبته على صفحتها على فيس بوك حين قالت: "لم اقتنع بمرسي رئيسا إلا حين انقلبوا عليه، و لم أحب هتاف الشعب يحيي صمود الرئيس إلا وهو واقف داخل المحكمة.. عزيزي الجنرال الأبله، شكرا لك، حماقتك تسعدنا، مرسي بعد هذه المحاكمة صار رمزاً لا يمكن تجاوزه، مثل رابعة بعد الفض".