ما يحدث على الساحة السياسية السورية وعلى ارضها يثير كثيرا من الأسى والألم، فالنظام في دمشق فتح البلاد على مصراعيها، وكأن مأساة
سوريا إنسانيا وأخلاقيا انحصرت في التنازل عن الأسلحة الكيماوية والانصياع لقرار دولي، فنظام الأسد يتفاخر وينال الثناء بالتزامه التام بالاتفاقيات والقرارات والصفقات مع الأطراف الخارجية، والتي تكون على حساب الوطن وسيادته ومكانته وقدراته، والآن ها هو النظام يهرول إلى /
جنيف 2/ لتقديم التنازلات بكل صفاقة ووقاحة، فيما لا يلتزم بعهد ولا وعد حين يكون الأمر مرتبط بالشعب وحريته وحقوقه وكرامته.
الرئيس الاسد ونظامه وهو يتلقى مديحا أمريكيا وروسيا ودوليا وأمميا لفتحه سيادة البلاد أمام لجان التفتيش في مسألة الكيماوي، هو الآن على استعداد اكثر لتقديم أي شيء ولعب أي دور يسمح له بالبقاء على الساحة السياسية المستباحة إنسانيا وقيميا وأخلاقيا. وهذا استنتاج منطقي لكل مراقب للاوضاع المتدهورة والمواقف المتناقضة.
وباجتهادات شخصية فإنني استخلص من تداعيات الازمة السورية وما آلت إليه من غرائب، ان هناك ثمة محاولات مريبة وواضحة وفاضحة من جهات دولية واقيليمة /لا داعي لتسميتها/ لإعادة تأهيل الأسد سياسيا والاعتراف بدوره ومكانته في المنطقة ضمن سياق جديد يطيح بالمقاومة وثوابتها، وهذا قمة التلاعب بمشاعر العالم، أليس من العار أن يعجز المجتمع الدولي ويغمض عينيه عن الاوضاع المزرية في الاراضي السورية؟ ولا يأبه ولا يبالي بالوضع الإنساني أو بأطفال المعضمية وغيرها ممن يموتون جوعا؟! فلا يتخذ في الأمر قرار ولا مبادرة جدية أو جهد ملموس؟
نجح الغرب وخصوصا الولايات المتحدة وبقرار دولي من مجلس الأمن من تفكيك السلاح الكيماوي السوري وهي غاية أمريكية ـ روسية بادعاء الخوف والهلع من أن يقع السلاح بالأيدي الخطأ أو غير الأمينة، وهو ما يعني بأن أيدي نظام الأسد أمينة لهم، ولا يمكن أن تستخدم الكيماوي ضد الدولة العبرية، وللمتابع لعبارات القرار 2118 حول السلاح الكيماوي يتذكر كيف تعمدت عبارات القرار التعامل مع النظام السوري بنوع من الاستعلاء والمهانة، وهو أمر لم يضايق إطلاقا النظام السوري الذي يستند في حكمه على استعداده لتقديم خدماته للقوى الإقليمية والدولية بما يحقق مصالحها.
الاوضاع الجارية والمتجهة نحو إرغام المجتمع الدولي لتحويل وجهتهم إلى مؤتمر /جنيف 2/ يكشف عن مرحلة جديدة وربما شرق أوسط جديد يلعب فيه دور رأس الحربة للصهيونية من حارب الثورات العربية وانقلب عليها وممن رفع صوته بالمقاومة ليغطي على أفعاله القبيحة بتصفية كل مقومات المقاومة من خلال تدمير سوريا شعبا وجيشا ووطنا وسيادة ودورا. وسلامتكم.
(الشرق القطرية 30 نوفمبر 2013)