"والآن حان دور النشطاء
الاقتصاديين"، هذا ما قاله رئيس الجمهورية
الإيراني حسن
روحاني، مخاطبا الفعاليات الاقتصادية، خلال حواره التلفزيوني بمناسبة مرور مائة يوم على تسلم حكومته للسلطة.
مع إشارته إلى الاتفاقية النووية التي جرى توقيعها بين إيران ومجموعة “5+1”، طلب من الفعاليات الاقتصادية دخول المشهد الاقتصادي مرتاحي البال، بعد أن سجل الاقتصاد الإيراني معدل نمو سالب 5.8 في المائة العام الماضي.
ووفقاً لصحيفة "الشرق الأوسط"، اعتبر روحاني أن السوق المالية والبورصة في طهران نقطة جيدة لبدء الفعاليات الاقتصادية نشاطها. وحسب قوله فإن مستقبل الاقتصاد الإيراني والاستثمار أصبح الآن أكثر وضوحا من ذي قبل.
لكن أصحاب رؤوس الأموال والاقتصاديين لم ينتظروا الحوار الليلي لحسن روحاني، فقبل انتشار تقرير المائة يوم الأولى من ولاية رئيس الجمهورية الإيراني، وبعد مدة قصيرة من انتشار خبر الاتفاقية بين إيران والقوى الغربية في جنيف، اتجهوا إلى البورصة من أجل جس نبض السوق.
يمكن فهم ذلك عبر الازدحام غير المعتاد في السوق المالية في طهران، لكن أصحاب الخبرة في البورصة قالوا إن تزاحم غير المحترفين هذا سيزول بعد أيام بعد تناقص تأثير الأخبار السياسية. ولكن تظل سوق الأسهم في طهران في هذه الأيام هي أكثر الأسواق جاذبية بالنسبة إلى المستثمرين الصغار، بعد أن زالت ظلال الحرب والحصار وظل مؤشر الأسعار في البورصة التي حققت عائدات تتجاوز معدل الفوائد بنسبة واحد في المائة.
مصطفى، رجل متوسط العمر، دخل إلى بورصة طهران لأول مرة في حياته، سمع الأخبار، واعتقد أن هذه السوق من الممكن أن تكون وجهة جيدة لرأس ماله، وربما من أجل تحقيق بعض الأرباح كان يراقب أسواقا أخرى. إنه متفائل بالمستقبل، ولكن ليس إلى الدرجة التي تجعله يرغب بالحوار مع ذكر اسمه وعنوانه، وفضل أن يكتفي بذكر اسمه الأول فقط. يقول "الآن مع الأمل في تزايد الأرباح النفطية ورفع الحصار عن الاقتصاد الإيراني فإن هذه هي أفضل الأسواق من أجل الاستثمار".
إن الانخفاض النسبي لسعر الدولار في السوق الحرة للعملات في طهران في اليوم الرابع والعشرين من تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، والذي ترافق مع خبر خروج المفاوضات بين إيران والغرب من الحلقة المغلقة، جعل قيمة صرف الدولار تنخفض مما يفوق الثلاثين ألف ريال إلى تسعة وعشرين ألفا ومائتي ريال، وفي الأيام التالية تصاعدت الأسعار بعض الشيء وسارت على طريق العودة، ولكن حد الثلاثين ألف ريال لكل دولار أصبح الحد الثابت لهذه العملة.
وتبعت سوق القطع الذهبية سوق صرف العملات في اليومين التاليين للاتفاقية بين إيران والقوى الست المشتركة في المفاوضات، وتعرضت لأول تأثيرات هذه الاتفاقية.
يقول أحد صرافي العملة في طهران "صحيح أن الآمال في إعادة نظام دخول العائدات النفطية قد ازدادت، لكن على الرغم من ذلك فإن الحكومة لا ترغب في خفض قيمة صرف الدولار أكثر مما يجب". ومن أجل إثبات كلامه أشار إلى خفض كمية الدولار المخصصة للصرافين في الأيام الأخيرة، وكذلك تصريحات المدير العام للبنك المركزي ولي الله سيف، التي ذكرها في بداية تشكيل الحكومة ومع بداية هبوط قيمة الدولار، حيث قال "لا توجد رغبة في خفض قيمة صرف الدولار والوصول بها إلى ما هو أقل من ثلاثين ألف ريال لكل دولار"، وهو التصريح الذي رافقه عدد من ردود الفعل من قبل المتخصصين والخبراء. ولكن وفقا لما جاء في نص الاتفاقية الموقعة بين إيران ودول "5+1"، فإن آثار هذه الاتفاقية تتجاوز حدود الآثار النفسية ومن الممكن ملاحظة الآثار الحقيقية لهذه الاتفاقية في القطاعات الاقتصادية. ويبدو إن رفع الحصار عن البتروكيماويات وصناعة السيارات يعني زيادة الصادرات والحصول على أرباح تساوي مليارين ونصف المليار خلال مدة الستة أشهر التي هي مدة الاتفاقية. بالإضافة إلى ذلك فإنه وفقا لما تكلم به وزير خارجية الولايات المتحدة جون كيري، فإن أربعة مليارات ومائتي مليون دولار من أموال إيران المتحصلة من المبيعات النفطية والتي كانت محجوزة خلال الحصار سيتم تحريرها خلال مدة الاتفاقية هذه. بالمجموع فإن هذين المبلغين يبشران بدخول ستة إلى سبعة مليارات دولار من أرباح العملات الصعبة إلى الاقتصاد الإيراني.
ويرى اقتصاديون إن هذا المبلغ بالمقارنة مع ستين مليارا من الأصول الإيرانية من العملة الصعبة المجمدة في الخارج، هو مبلغ ضئيل، ولكن إطلاق هذه العشرة في المائة من الممكن أن يحل مشكلة الاقتصاد الإيراني، لكن يجب أن نضيف إلى هذا الرقم تسهيل التبادل التجاري الإيراني على أثر رفع الحصار عن الشحن بصورة خاصة في قطاع النقل البحري والتأمين. بالإضافة إلى ذلك فإنه وفقا للاتفاقية فإن إيران تستطيع المحافظة على مشتري نفطها، ويمكنهم أن يشتروا النفط الإيراني من دون الخوف من ظلال الحصار.
ووفقا لتقرير الوكالة الدولية للطاقة، قامت إيران في شهر تشرين الأول/ أكتوبر من العام الحالي بتصدير سبعمائة وخمسة عشر ألف برميل من النفط في اليوم، وهذا يعكس انخفاضا بمقدار خمسة وأربعين في المائة عن الشهر السابق. وإذا كان مقدار ما تصدره إيران من النفط في كل يوم سبعمائة إلى ثمانمائة ألف برميل باستمرار، وبقي سعر النفط في حدوده الحالية مائة إلى مائة وعشرة دولارات، فإن إيران ستربح في كل عام ما لا يزيد على ثمانية وسبعين مليون دولار، وسيبلغ المبلغ خلال الأشهر الستة المتفق عليها أكثر من أربعمائة وسبعين مليون دولار.