يتخوف الكثير من الجنوبيين من عودة سيناريوهات
الصراعات السياسية السابقة فيما بينهم، بالتزامن مع تفويض الرئيس عبدربه منصور هادي بتشكيل اللجنة الخاصة بتحديد عدد
الأقاليم على أسس علمية.
وتسعى شخصيات سياسية واجتماعية من أبناء المحافظات الشرقية، لانتزاع موافقة مختلف القوى السياسية في البلاد على مشروع الإقليم الشرقي الذي تقدمت به، بمافي ذلك الرئيس هادي.
ويضم الإقليم الشرقي أربع محافظات شرقية، هي:
حضرموت، وشبوة، والمهرة، بالإضافة إلى جزيرة سقطرى التي تم إعلانها كمحافظة جديدة في أواخر العام الماضي.
وعلى ما يبدو فإن هذه الفكرة تتعارض مع الرؤية التي يتمسك بها الحزب الاشتراكي ومكون الحراك الجنوبي، أن يكون الجنوب إقليما واحدا ضمن الدولة الاتحادية.
ويعتقد محافظ حضرموت السابق سالم الخنبشي بأن "أقلمة الجنوب في إقليم واحد، إنما هي عودة للدولة المركزية الفاشلة".
وأضاف في حديث لــ"عربي 21" أنهم يسعون إلى تكوين إقليم مستقل يضم المحافظات الشرقية، "ليكون ذلك الإقليم على درجة عالية من الندية مع الأقاليم الأخرى في إطار الدولة الاتحادية القادمة".
وأشار إلى أن "هذا الطرح لم يأت من فراغ، بل جاء متسقاً مع مطالب أبناء تلك المحافظات التي عانت من فشل الدولة المركزية سواءً التي حكمت الجنوب قبل الوحدة، أو بعدها".
وشدد على أن "أبناء المحافظات الشرقية سيعملون جاهدين لمنع تكرار معانات المواطنين في تلك المحافظات، وذلك لأنهم خبروا بعضهم في العهد السابق الذي حكم الجنوب قبل عام 1990".
ويرى رئيس جامعة عدن الدكتور عبدالعزيز بن حبتور، أن "الحزب الاشتراكي الذي يطالب بأن الجنوب إقليم واحد ضمن الدولة الاتحادية، إنما هو أمر من باب المزايدة السياسية على أبناء الجنوب".
وقال في حديث خاص لــ"عربي 21" إن "الحزب الاشتراكي يعرف تماماً أن أقلمة الجنوب في إقليم واحد ضمن الدولة الاتحادية برمجة جديدة لحرب قادمة يمكن أن تفتت
اليمن إلى أكثر من عشرين دولة".
وأوضح أن "الواقعية السياسية تفرض وضع خيارات بديلة يمكن أن تحد نوعاً ما، من أي دورات عنف قادمة".
ولفت إلى أن "الجنوب سيكون حقلا جديدا لفكر متطرف يقودنا من جديد إلى الانفصال، في حال ذهب نحو إقليم واحد، نظرا لعدم وجود تجانس اجتماعي بينهم".
في حين قال عضو مؤتمر الحوار الوطني الدكتور متعب بازياد، إن" مطالباتهم بالإقليم الشرقي ضمن الدولة الاتحادية، يأتي بناء على أسس تاريخية، كون تلك المحافظات كانت محميات شرقية قبل طرد الاحتلال البريطاني من الجنوب، وتم ضمها إجباراً من قبل الجبهة القومية سابقا في تلك الفترة".
وأضاف أن أي عودة لما قبل عام 1990 مع خلافات الشمال والجنوب،تعني إعادة الجنوبيين إلى زمن الصراعات التي هم في غنى عنها".
وأوضح في حديث خاص لــ"عربي 21" أن "الجنوب اليمني عاش تجربة مريرة، وحروبا طاحنة بين القوى السياسية التي حكمته في تلك الفترة، نتيجة الإقصاء الذي حصل لقوى سياسية أخرى منها إسلامية وليبرالية ومكونات مجتمع مدني".
وأشار بازياد إلى أن "أبناء المحافظات الشرقية لليمن شردوا إلى الشمال، والكثير منهم غادر الوطن نهائياً إلى دول الجوار، نتيجة الإقصاء الذي تعرضوا له من قبل الحزب الاشتراكي الذي حكم الجنوب قبل عام 1990".
وشدد على أن "المصالح الاجتماعية لأبناء المحافظات الشرقية تتقاطع مع غيرها من المحافظات الجنوبية، ما يعني أننا أمام واقع لا بد من التعاطي معه، لضمان عدم اللجوء إلى سيناريوهات أخرى، عاشوها في السابق".
وأكد أن "أعضاء مؤتمر الحوار من أبناء المحافظات الشرقية بمختلف انتماءاتهم الحزبية، وقعوا على مشروع الإقليم الشرقي". مشيرا إلى أن "هناك إجماعا شعبيا، ونقابيا يساندهم في أن تكون محافظة حضرموت، والمناطق المجاورة لها، إقليماً مستقلاً في إطار الدولة الاتحادية القادمة".