ينتاب
اليمنيين القلق إزاء تصاعد وتيرة العنف في جنوب اليمن، جراء استمرار الهجمات التي يشنها مسلحون من
الحراك الجنوبي ضد قوات
الجيش اليمني، حيثُ لا يكاد يمُر يوم واحد، إلا ويسقط قتلى وجرحى في صفوف الطرفين.
وبحسب مراقبين، فإن الهجمات التي تتعرض لها مواقع عسكرية تابعة لقوات الجيش اليمني في هذا التوقيت، إنما يُمكن تصنيفها في إطار مساعي أطراف فقدت مصالحها، لخلط الأوراق أمام تنفيذ مخرجات الحوار الوطني، ومحاولة استغلال مطالب الشارع الجنوبي لحسابات سياسية.
وقد تبنّت إحدى فصائل الحراك الجنوبي التابع للرئيس الجنوبي السابق علي سالم البيض في بيان إعلانه لما يسمى "المقاومة الجنوبية" في 18 كانون الثاني/ يناير الجاري، الهجماتِ التي تعرضت لها مواقع عسكرية في بعض محافظات الجنوب، في إطار ما يعتبره تحرير الجنوب من المحتل اليمني.
ويرى اللواء حاتم أبو حاتم عضو فريق الجيش والأمن بمؤتمر الحوار الوطني المنتهي أن "ظهور
الحركات المسلحة مثل القاعدة والحراك المسلح في الجنوب، يُشوه الحراك السلمي، الذي له مطالب عادلة، نحن في صدد تنفيذها، وخصوصاً النقاط الإحدى والثلاثين التي أقرها مؤتمر الحوار الوطني".
وأوضح لــ "عربي 21" قائلاً: "الحراك المسلح ذو توجه خارجي، وينفذ أجندة خارجية، وللأسف هناك أدوار إقليمية ودولية لجعل اليمن ساحة للصراع سواء المذهبي أو الشطري في إشارة إلى ما يقوم به حراك البيض في الجنوب".
ولفت الى أن "ارتفاع وتيرة استهداف القوات المسلحة في الجنوب، يعود إلى عدم استكمال هيكلة الجيش على أسس وطنية، ولم تظهر أي حلول للقضايا الملحة في جنوب الوطن".
وشدد على أن "القضية الجنوبية لن تحل بالعنف، ومثل هذه التحركات تعطي فرصة لمراكز النفوذ في البلاد، لاستخدام القوة ضدهم كما استخدمت من قبل، بعد حرب صيف 1994 م".
من جهته أكد الخبير الاستراتيجي في شؤون النزاعات المسلحة علي الذهب أن "توقيت ظهور الحراك الانفصالي المسلح، يأتي مع الإعلان عن انتهاء مؤتمر الحوار الوطني في مواكبة مدروسة من قبل من يقف وراء ذلك، وهي مرحلة تالية للحراك السلمي، مع أنه لم يكن سلميا بالمطلق".
وأضاف في حديثه لــ"عربي 21 " أن "الفصيل الحراكي المسلح سيقف عائقاً في مواجهة تنفيذ أي مفردة من مفردات الحوار التي توافق عليها، ووقع على وثيقة تنفيذها جميع المشاركين في المؤتمر، باستثناء قلة من المنسحبين من قوى الحراك الجنوبي".
وأشار إلى أن "هذا الفصيل المسلح قد يكون نواة لظهور كيان مسلح يوازي الجماعات المناكفة للنظام القائم، مقارنة بجماعات تنظيم القاعدة (أنصار الشريعة) في محافظات الشرق أو بجماعة
الحوثيين (أنصار الله) في صعدة شمال البلاد".
ووفقاً للخبير الذهب فإن "هذا الحراك يهدف للحصول على أراضٍ محررة يُدير عليها عملياته مستقبلاً، على نحو ما تقوم به الجماعات الثورية في بلدان كثيرة، وصولاً إلى الانفصال عن كيان الجمهورية اليمنية ذات الشكل الفيدرالي القادم".
بدوره، اعترف العميد عبدالله الناخبي، عضو المجلس الأعلى للحراك الجنوبي، أن "هناك تصرفات خاطئة من مجموعة صغيرة في الحراك نتيجة انتهاجها للعنف".
ولفت إلى أن "التيار الكبير في الحراك الجنوبي يرفض مثل تلك الممارسات"، مشيراً إلى أن "الوسيلة الوحيدة للنضال هي التمسك بالسلمية".
واتهم الناخبي بقايا رموز النظام السابق بدفع الجنوبيين نحو العنف، وذلك من خلال اختلاق المشاكل، وضرب المسيرات السلمية، وماحدث في الضالع من قصف لمخيم عزاء راح ضحيته 22 قتيلا، وأكثر من مئة جريح، ولم تقم السلطة بمحاسبة المتورطين في ذلك.
يشار إلى أن قصفاً لقوات الجيش اليمني استهدف عن "طريق الخطأ" مخيم عزاء في منطقة سناح بمحافظة الضالع، أسفر عن سقوط عشرات القتلى والجرحى.
وقال الناخبي لــ"عربي 21" إن "ما زاد الأمور تعقيدا في الجنوب هي الاغتيالات التي طالت ناشطين في الحراك الجنوبي؛ منهم زعيم قبيلة آل الحموم في حضرموت، ما دفع المواطنين للدفاع عن أنفسهم"، مطالباً الحكومة بمحاسبة كل من تسبب بالعنف وتقديمه للمحاكمة.
واعتبر أن "العنف في الجنوب يأتي نتيجةً لتجاهل مطالب أبناء الجنوب"، بعد أن "خيبت الحكومة آمالهم، وهم الآن يواصلون النضال السلمي في الميادين الجنوبية".