نبارك لمشاهدي فضائية ‘الميادين’، المبرأة الوحيدة من طاعون الطائفية المقيتة وبرامج المتعة والنكاح، من بين فضائيات
سوريا ولبنان ومصر واقليميا، التي فاجأت مشاهديها مفاجأة الموسم، وهي فوز رئيس عربي ‘بشخصية العام’، وهو الرئيس الشاب الديمقراطي بشار الاسد!
الشخصية الثانية كانت السلطان قابوس، سلطان
عمان. والشخصيتان تثبتان بما لا يدع مجالاً للشك بالدبوس ولا للوخز بالإبر، أنّ مشاهديها علمانيون نزيهون من الانحياز المذهبي واستفتاءات المتعة!
يجدر بالذكر أنّ الفضائية المذكورة تأست بأسوة غربية، كما قالت في مقدمة الاستفتاء، وهي عمل استفتاءات بين جمهورها عن ‘الآيدول’ والصنم المحبوب كل سنة، فنِعم الأسوة الحسنة!
ضيوف الفضائيات السورية احتفلوا ‘بستار أكاديمي’ الميادين، واعتبروها فوزاً بمدة رئاسية جديدة وتفويضاً جديداً للقيادة البعثية الراشدة! وكنت أعتقد أنهم لو فوّزوا الشيخ أوباما أو البابا فرنسيس لكان خيراً. ‘الميادين’ تقوم بما يقوم به ‘سنيدة’ يذهبون ليضحكوا للممثل حتى يحسن التمثيل ويعدوا المشاهدين بعدوى الإعجاب والضحك!
نذكّر القارئ بأن ‘الميادين’ تأسّت بتلك الأسوة الغربية من دون أسوات أخرى، مثل احترام الضيف، والرأي الرأي الآخر، وليس كما يفعل مدير برنامج ‘ألف لام ميم’، الذي يغتنم البرنامج ليخطب في المشاهدين ويبدي عضلاته البيانية.. بعامة نقول: ‘إله البراميل’ جدير بالفوز، لأنه ضحى بمنصبه من أجل مصلحة الشعب، رغم أنه كان قد فاز بالمنصب في انتخابات ديمقراطية نزيهة تضارع الانتخابات الأمريكية!
اكتشاف أطلنتس ‘أقليميقيا’
أهم ثلاث صور فضائية في الأيام الاخيرة هي؛
محاكمة مرسي من وراء أعالي وبرازخ البللور، واكتشاف فضائية ‘الجزيرة’ لأقليم ‘أقليميقيا’.. (أتمنى ألا أخطئ في الاسم بسبب أحرف القلقلتين الصغرى والكبرى)، ومقابلة ميشيل كيلو في ‘لقاء اليوم’، تسأل مذيعة الأخبار السورية الموفدة إلى جنيف الإعلامية الحسناء الضاحكة الرفيقة المقاومة لونا الشبل، عن أثر كلمة السفير الأمريكي فورد فلجأت إلى إنكاره، فهي لم تسمع به! والإنكار هو بين اثنين: إما هو تكبر وغرور، أو هو خرع لا يليق بإعلامية سورية مدمنة على جبنة البقرة الضاحكة؟
ثم سئلت عن ريما فليحان فأجابت الحسناء، التي كانت تضحك كلما دغدغها بانكي مون من أذنها بالرنين الضاحك، الجواب الذكي نفسه؟ التجاهل أو الجهل؟ ميشيل كيلو أفصح في لقاء اليوم عن تقديم النشطاء السوريين برنامجاً شاملا للإصلاح قبل أكثر من عقد عقب احتلال العراق، فقالت لهم المخابرات من أنتم؟ القذافي قال للشعب الليبي: من أنتم؟ نحن الجراثيم.. افتحوا الباب الحديدي. الجراثيم في المعاجم تعني: الأصول.
أما رئيس ‘اقليميقيا’ في تقرير مراسلة ‘الجزيرة’، التي اكتشفت هذا الاقليم البوذي في مجاهل حضارة روسيا، فقد بينت أنه كان يشجع الشطرج، وليس مثل رئيس سوريا، الذي كان يشجع المواطنين على ‘طق البراغي’ وكتابة التقارير الكيدية لتحقيق ‘اللحمة الوطنية’! البرنامج الفضائي الثالث هو ‘لقاء اليوم’، الذي استضاف ميشيل كيلو، فهو سليل فارس الخوري.. وأحلم بأن يظهر على التلفزيون السوري، وأتمنى أن يواجه بشار الأسد في برنامج اتجاه معاكس.
أيضاً: بثت الأخبار السورية مهرجان المصالحة الوطنية، فشاهدت فيه سيارات عائدة إلى برزة البلد في دمشق، ولولا زحام المواصلات وسرعة السيارات لظنّ المشاهد أنه رالي سيارات شعبي، أو صور لحال الطرق في الشتاء! أين المصالحة؟ في تقرير ‘الجزيرة’عن ‘اقليميقيا’ مصالحة وطنية أكثر من برزة البلد!
‘ليال الأنس في جنيفا’
باءت آمالي بالخيبة، والخيبة يمكن تحويلها إلى نصر مؤزر في الإعلام العربي، خذ مثال نكسة حزيران، سقوط بغداد، تدمير سوريا.
عدت بخفي جنيف عندما رأيت السورية الفضائية تتحول إلى ‘شؤون معنوية’، فالآلة الاعلامية البعثية المصنوعة من الخشب المسوس لم تغير من طبعها. أوفدت الآلة مع مراسلة الفضائية وفداً من الصحافيين الشبيحة والسنيدة لتعطيل عمل الصحافة العربية وإنقاذ الوفد المفاوض من أسنّة الأسئلة الحرجة في نحور وفدهم المقدام، وذلك بطرح أسئلة لينة ومشجعة للوفد الممثل.
التلفزيون السوري سخر على ألسنة مراسليه في ميادين جنيف من غادة عويس الصهيونية. الآلة الإعلامية الخشبية كانت مدعومة جواً بالبراميل النارية على أحياء حلب وداريا.. ضربة على الحافر في سوريا وضحكة للجرس في جنيف.. سنيدة في جنيف بالضحك والصوت وسنيدة في سوريا بالنار والموت. على الفضائية السورية ‘المجلجلة ذات الأجراس′ قال ضيف مزمن: إن العرب شعروا بنشوة إثر كلمة المعلم! العرب وليس الفرس. قد توزع كلمة المعلم في الصيدليات والغرز من أجل النشوة!
مرسي محبوساً في القمقم
مالكولم اكس يقول: ‘وسائل الإعلام هي الكيان الأقوى على وجه الأرض، فلديها القدرة على جعل المذنب بريء، والبريء مذنباً، وهذه هي السلطة لأنها تستحوذ على عقول الجماهير’. المدافعون عن الانقلاب في ‘الجزيرة’ أمثال حبيبة ‘النبي’ أخناتون، الذي اكتشف التوحيد قبل آدم ونوح وذي الكفل عليهم السلام تقول: المهم أن الإجراءات القضائية في اعتقال الطبيبة مرفت سليمة! أحياناً تبدي أسفها لأن المرحلة الانتقالية صعبة، وتعتذر بارتفاع التوتر والعصبية! حمزة زوبع ومحمد القدوسي يرثيان لهؤلاء، الذين أفقدهم حقدهم على التيار الإسلامي إنسانيتهم! هذا مهرجان شماتة!
ابتهج الفلول بمشهد أول رئيس
مصري منتخب منذ سبعة آلاف سنة، وهو يصول ويجول ويصيح في القمقم الزجاجي، وتحول المشهد إلى فيلم للهدايا والشماتة، لو كان ممكناً لحنطت جبهة الانقلاب رؤوس الإخوان وعلقوها في بيوتهم، كما يفعل الصيادون مع رؤوس الوعول والأسود.
تصيد الانقلابيون مقطعين وحيدين، هما الأضعف والأكثر نكاية، مشهد رئيس مصر المنتخب غاضباً، ومشهد الأبطال المعتقلين وهم يسبحون في القفص مثل أسماك الزينة، وحيوانات منقرضة .
الوثنية والتوحيد
شبه أحد ممثلي الانقلاب التيار الإسلامي بالآلهة، ذات الأيدي المتعددة ‘كالي’! وإذا ما ذكّر بحزب النور، الذي غطى عورة الانقلاب دينياً مع الأزهر والكنيسة، قال: القيادة في طرف والقاعدة في طرف! لا يمكن ابداً الإمساك بالإله الهندي هانومان، الذي له جسم إنسان ورأس قرد، وهو أقوى الآلهة. الهنود يعبدون عدة ملايين من الآلهة، والإله القرد من الآلهة المضحكة أيضاً!
تهاني الجبالي تحدثت عن لعنات الآلهة، التي يمكن أن تلاحقها لو تركت الاخوان يحمون مصر، وأتمنى أن تكون آلهتها ‘هبل واللات وعزى’، وليس افروديت وفينوس وميركوري الرومانية.
محمد القدوسي ومحمد الجوادي كانا يكرران: أنها حرب على الإسلام، وقد فاز أبو جهل بالمعركة مدعوماً من أئمة قريش في الجولة الاولى!
عثمان الخطيب المدافع عن الانقلاب، الذي لا يبدأ المداخلة على ‘الجزيرة’ إلا بعد البسملة! إله البيادة والدم مدعوم من الموحدين وعبدة الحجارة فطوبى لتهاني كليوباترا مصر الثانية!
عن صحيفة القدس العربي