تناولت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، آراء الشباب
المصري الذين شاركوا في ثورة 25 كانون الثاني/ يناير 2011، ومواقفهم السياسية وعلاقتهم مع السلطات الحالية، حيث اعتبرت أن الهوة بين الشباب الثائر والحكومة المصرية المؤقتة الحالية تزداد اتساعا.
ونقلت الصحيفة عن الناشط المصري شادي الغزالي حرب، قوله إنه توقف عن مساعدة
الحكومة المؤقتة المدعومة من العسكر في التغلب على مخاوفها من خسارة دعم الشباب المصري لها.
فبعد مشاركة حرب في ثلاثة اجتماعات في القصر الرئاسي في الأسابيع القليلة الماضية، قال إنه رفض تلبية الدعوة مرة أخرى لأن السلطات لم تستمع لنصائحه بالتوقف عن اعتقال الكثير من الشباب، أو حتى تخفيف الأوضاع السيئة في السجون التي احتجزوا فيها، "وعوضا عن هذا واصلت الشرطة عمليات الاعتقال بمن فيهم عدد من أصدقائه ممن شاركوا في الربيع العربي"، بحسب الناشط.
وترى الصحيفة أيضا، أن الهوة تتسع بين جيل الشباب والكبار في مصر. وقال حرب إن "الكثير من الشباب يقولون إنه "لا يمكننا الجلوس والحديث معكم في الوقت الذي يقبع فيه زملاؤنا بين القضبان لا نعتقد أن هذا الوضع أخلاقي".
"وليس حرب وحده من يتحدث عن اتساع الهوة بين الشباب الذين دعموا الإطاحة بالرئيس المنتخب محمد مرسي وحكومة الانقلاب" كما تقول الصحيفة، بل إن "هناك عددا متزايدا من الشباب المصري يقولون إن سياسة القبضة الحديدية والقمع للمعارضة أدت لتوسيع الهوة بين الأجيال".
وأشارت إلى نسبة الشباب العالية بين سكان البلاد "فهناك ثلاثة من أربعة مصريين ممن هم تحت سن الـ 40 عاما، و2 من بين 3 ممن هم تحت سن الـ 35 عاما".
وتقول الصحيفة إن المشير عبد الفتاح السيسي قائد الانقلاب "يحاول تتبع خطوات الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، بل وسافر الأسبوع الماضي لموسكو لبدء صفقة سلاح لم تحدث إلا في ذروة الحرب الباردة"، بحسب الصحيفة.
وقالت إن هذا الجيل يقوم بانتقاد جيل آبائهم الذين عاشوا في ظل ثلاثة عقود من الركود الاقتصادي والثقافي والسياسي ويبدو أنهم يحاولون التبرؤ من انتفاضة عام 2011 لأنها قطعت وتيرة الجمود.
ونقلت ما كتبه مدون مصري اسمه محمد سليم (32 عاما)، حيث قال إن "مصر تواجه مأساة جيل كامل ليس قادرا وليس مهيأ للتعامل مع المأزق"، وأضاف: ويبدو أن الثقافة الشعبية تعيش في حالة ركود، ولا يزال المصريون يضحكون على نكات الكوميدي عادل إمام، والآن عمره 73 عاما، ولا يزالون يستمعون لأغاني عمرو دياب، وهو الآن في الـ53، ويشترون المجلات التي تحمل صور الممثلة الحسناء يسرى، وهي الآن تبلغ 58 عاما.
وقال إن فكرة "الحكم الإسلامي" وحتى "الانقلاب العسكري" جاءت من "سنوات الثمانينيات"، حيث يرى أن المؤسسة الحاكمة الحالية هي الجيل الذي يتمسك وبعناد بقيم الثمانينيات مثل "بلاي بوي"، يريد التمسك بشبابه.
ومع أن الشباب حضروا في ثورة 2011، وفي الاحتجاجات ضد مرسي إلا أنهم –بحسب الصحيفة- غابوا بشكل تام عن الاستفتاء الذي عقدته الحكومة العسكرية لتمرير الدستور. "ففي عملية الاقتراع الذي قصد منه إظهار الدعم، كان أول استفتاء من عدد من الاستفتاءات والانتخابات التي غاب عنها الشباب".
وأدى غيابهم إلى تفجر النقاش حول عدم رضاهم في الوقت الذي واصلت فيه قوات الأمن بملاحقة وقمع الشباب من التيار الإسلامي والليبرالي واليساري لقيامهم بالتظاهر، حيث قتلت الشرطة في شهر كانون الثاني/ يناير 62 شخصا.
ولخص الناشطون الإسلاميون واللبيراليون الفرق بين الإسفتاء الأخير وانتخابات سابقة بقولهم: "أصحاب الشعر الأبيض في الطوابير، وأصحاب الشعر الأسود في القبور".
ونقلت الصحيفة عن الروائي علاء الأسواني قوله "لا يزال الشباب هم الغالبية، لكن الكبار هم الذين يسيطرون".
وقال الأسواني الذي يدعم العسكر، وكتب مقالا الأسبوع الماضي حث فيه الحكومة على الإستماع لصوت الشباب، إن الكبار سخروا من الشباب مدة ثلاثة أعوام واعترفوا بأنهم على حق بعد فوات الأوان.
وفي مقابلة مع وزير الشباب خالد عبد العزيز (55 عاما)، قال إن الإعلام المصري بالغ في الحديث عن الموجة، وألقى اللوم على الإسلاميين الذين يحاولون إشعال التظاهرات، والجماعات السياسية التي تخشى من عودة نخبة مبارك القديمة، والسياسيين الشباب الذين يريدون الحصول على مواقع سياسية، وقال إنه "تم المبالغة حتى أصبح موضوعا يتناوله الإعلام".
ومع ذلك، عبر المسؤولون في الحكومة عن قلقهم، حيث كان الاستفتاء وغياب الشباب عنه بمثابة جرس الإنذار.
ويقول حرب إنه التقى في واحد من اللقاءات مع الرئيس المصري المؤقت عدلي منصور والمسؤولين الذين يريدون معرفة سبب الهوة بينهم وبين الشباب. وسأل منصور بشكل محدد الشباب: "ما هي المشكلة وما هو سبب غياب الشباب؟".
ويقول أبناء الجيل الشاب في مصر إنهم تربوا على الاستماع لما يقوله آباؤهم وتنفيذ ما يقولون، لكنهم بدأوا قبل عشرة أعوام بـ"التمرد" على آبائهم وعلى وضع الاستقرار الخانق في عهد مبارك، سواء عبر الإنترنت أو حركة "كفاية"، ورأى الكثيرون في اعتصام ميدان التحرير عام 2001 معركتهم والإطاحة بحسني مبارك، وبحسب مينا فايق "كان كفاحا ضد آبائنا، وكنا نضحك فيما بيننا أنه كان من السهل الوقوف أمام الدبابة ومواجهة الرصاص أسهل من اقناع آبائنا بالخروج لساحة التحرير".
وتقول الصحيفة إنه في الوقت الذي كان الشباب فيه يقفون دون خوف أمام الدبابات يرى مؤيدو الانقلاب على مرسي، أن الشباب لم يكونوا إلا "طابورا خامسا" يتآمرون مع القوى الخارجية للتأثير على الأمن القومي، ويقدمون غطاء للإرهاب الإسلامي، بحسب الصحيفة.
وأضافت أنه في برنامج لابراهيم عيسى الذي يقف مع العسكر، قال: "ليست ثورة شباب، ولم تكن أبدا ثورة شبابية"، فأنت تخلط الفوضي في الثورة والتدمير بالثورة "يا أبله أنت لا تفهم". وكلام مثل هذا أعضب الشباب فبحسب المتحدث باسم حركة 6 إبريل "ظل جيلهم صامتا لمدة 60 عاما، وعندما دفعنا الثمن بدمنا كي يكونوا قادرين على الكلام، اتهمونا بالخيانة".
وتختم الصحيفة تقريرها بالقول إن بعض الإسلاميين يقولون إن الهوة بين جيل الشباب والشيوخ تتوسع، خاصة داخل جماعة
الإخوان المسلمين، حيث يلقي الشباب اللوم على الكبار لأنهم فوتوا الفرصة للحكم، ونقلت عن عدد من الشباب الذين لهم أقارب معتقلون لومهم محمد مرسي وقادة الإخوان المسلمين لتعريض الحركة للقمع.