ورشة إصلاح أحذية بأحد الشوارع في قطاع غزة - عربي 21
يمثل رواج عمل ورشات إصلاح الأحذية المستخدمة أحد مظاهر الضائقة الاقتصادية التي يعيشها الفلسطينيون في قطاع غزة، بعد اشتداد الحصار، المفروض على قطاع غزة منذ ثماني سنوات.
والذي يمر بشارع "الزاوية" المتفرع عن شارع "فهمي بك" لا بد أن يلاحظ ازدحاما في نهاية الشارع قبل التحامه بشارع "عمر المختار"، الذي يصل شرق مدينة غزة بغربها، حيث يصطف الناس أمام ورشات إصلاح الأحذية المستخدمة.
ونظرا للأوضاع الاقتصادية المتدهورة، فإن كثيرا من الغزيين لا يتخلون عن أحذيتهم إذا أصابها التلف، بل يحرصون على إعادة تأهيلها حتى لا يضطروا لشراء أحذية جديدة، لا يملكون ثمنها.
جمال (26 عاما)، صاحب إحدى ورشات إصلاح الأحذية المستخدمة قال لـ "عربي 21" إن إقبال الناس على ورشته زاد خلال الأشهر الستة الماضية بشكل ملحوظ، مرجعا ذلك إلى ازدياد حدة الأزمة الاقتصادية.
وأضاف أنه "بدلا من أن يدفع أحدهم مبلغ 120 شيكل (30 دولارا)، لشراء حذاء جديد، فإنه يدفع حوالي ثلاثة شواكل لإصلاح حذائه التالف".
قبالة إحدى هذه الورشات، كان أحمد (48 عاما)، ويقف بحوزته كيس كبير يضم أحذية من مقاسات مختلفة، وكان ينتظر حتى ينتهي صاحب الورشة من إنجاز العمل الذي في يده، حتى يقدم له الأحذية لإصلاحها.
وقال أحمد لـ "عربي 21" إنه يعيل عائلة من عشرة أفراد، وهو يعمل موظفا في إحدى الدوائر الحكومية التابعة لحكومة غزة، ويتقاضى راتبا 1800 شيكل (500 دولار)، لكنه منذ أن تعاظمت أزمة الحصار، فهو ومثله بقية موظفي قطاع غزة لا يتقاضى إلا نصف الراتب، وليس بشكل منتظم، مما قلص هامش المناورة أمامه ودفعه لخفض مستوى النفقات إلى أقصى حد ممكن لكي يتمكن من إعالة عائلته.
خليل، صاحب إحدى ورشات إعادة تأهيل الأحذية قال لـ "عربي 21" إنه في أحيان كثيرة يخيب آمال زبائنه، حيث يتبين له أن الأحذية التي جلبوها غير قابلة لإعادة التأهيل بسبب ما ألم بها من تلف شديد.
وعلى بعد عشرين مترا فقط من آخر ورشة إعادة تأهيل، تتواجد محلات بيع الأحذية الجديدة، حيث بإمكان المرء أن يلحظ الكساد الظاهر.
أصحاب محلات بيع الأحذية الحديثة في الأغلب يكتفون بتبادل أطراف الحديث مع جيرانهم، أو يطالعون الصحف، أو يلعبون الشطرنج، وقلة منهم من يتصدى لدعوة الزبائن إلى محله.
ومن يتحدث لأصحاب هذه المحلات، فأنه يفاجأ بالشكوى الشديدة من سوء الأوضاع الاقتصادية وتداعياتها التي أدت إلى كساد محلاتهم.
رامي، صاحب أحد أصحاب المحلات أكد لـ"عربي 21" أن تدمير الأنفاق من قبل سلطات الانقلاب كان له الأثر الأكبر على عمل أصحاب المحال التجارية، حيث أن الأنفاق سمحت بدخول الأحذية الحديثة بأسعار زهيدة نسبيا ما أتاح لهم مواصلة العمل، على الرغم من تدهور الأوضاع الاقتصادية.
ويشير رامي إلى أن ما جعل الأمور صعوبة حقيقة أن الأحذية التي يتم استيرادها عبر المعابر التجارية مع إسرائيل تكون غالية الثمن بطبيعة الحال، ما يقلص هامش المناورة بالنسبة لأصحاب المحال التجارية.