أشار أحمد
محفوظ الذي يشغل منصب مدير قناة الجزيرة
القطرية الوثائقية، في حوار مع وكالة الأناضول إلى أن هذه "ربما تكون المرة الأولى التي تقام فيها مسابقة أفلام وثائقية
إغاثية، وقد انتهت بفوز إحدى الجمعيات بدعم مشروعها لترميم 3 مدارس لأطفال سوريا".
ولم يتوقف الحوار مع المخرج السينمائي عند المسابقة، حيث فرضت تحولات الربيع العربي نفسها، إذ أكد أنها "أنعشت" سوق الأفلام الوثائقية، واختلف التعامل معها من قطر لآخر، مضيفا أنه رغم أهميته فإن مرحلة "المواطن الوثائقي"، لم تتجل بعد.
ولفت إلى أن الفيلم "الإغاثي" يعد نوعا جديدا في عالم الأفلام الوثائقية، وأن "هذه هي المرة الأولى التى تقام فيها مسابقة لأفلام وثائقية، تنتجها جمعيات إغاثة في سوريا، وآثر القائمون على المؤتمر، تنظيم مسابقة للأفلام الوثائقية، من إنتاج جمعيات الإغاثة المشاركة في المؤتمر، للترويج لأعمال الإغاثة خارج نطاق المتبرعين، ولدى جمهور المشاهدين لهذه الأفلام، وهو ما حفزني على التواجد في هذه المسابقة.
وعن مستوى الأفلام المشاركة، قال إن "أفلام المهرجان الـ 11 لم تكن على المستوى الذي كنت أتوقعه، وأتمناه، فجاءت في أغلبها عبارة عن تقارير، وسرد لأعمال الإغاثة، وافتقدت الجانب الفني، السينمائي، وأوصيت في تقرير لجنة التحكيم، هذه الجمعيات الخيرية أن تراعي المعايير الجمالية، وأن تستعين ببعض الموهوبين المتطوعين لعمل هذه الأفلام".
وأوضح محفوظ أن "الناحية المادية هامة جدا فى العمل، لكنها ليست كل شيء، فالأمر يحتاج إلى درجة من الوعي، والموهبة عند من يصنع هذا الفيلم، فقد كان بمقدور هذه الجمعيات الخيرية أو الإغاثية، أن تستعين ببعض محترفي العمل السينمائي، الذين يقبلون التبرع بالجهد تطوعا، ويمكن لهذه الفرق الفنية توسيع دائرة المتعاونين لإنتاج الفيلم الوثائقي".
وأشار إلى أن الأفلام الوثائقية استفادت من حالة الحراك الثوري في العالم العربي، فـ"أي فن يتم تطوره، أو تدفق الإنتاج فيه، لا يمكن أن يرتبط بحالة استقرار، لكن فى فترات الحراك، والتطور المجتمعى، السياسي، العسكري ربما، في حالات التفاعل، وكتابة التاريخ، ينتعش سوق الفن، بكافة أشكاله الأدبي والشعري والسينمائي، والمسرحي، والوثائقي، كما وكيفا، حيث يتفجر الإبداع، ويتواتر الإنتاج بغزارة، فيعبر الفنانون عن مشاكل الإنسان، ومعاناته".
وبين أنه "إذا ما لاحظنا أن معظم المدارس الفنية التى نعمل بها حتى اليوم، سواء التأثيرية، أو الانطباعية، أو السيريالية، والدادية، كلها خرجت من رحم الأزمات في أوروبا في ذلك الوقت، حيث ظهرت هذه المدارس، بعد الحرب العالمية الثانية".
وقال محفوظإن "أوروبا والغرب الآن، في حالة استقرار بشكل أو بآخر، واللحظة التاريخية التى يعاد كتابة التاريخ فيها بشكل متسارع، هو العالم العربي والإسلامي، الذي يشهد تغيرات ليست سياسية فقط، لكنها على مستوى المفاهيم، والمجتمعات، والأخلاقيات، وكل هذا الحراك هو الزخم والمادة الخام للفنون، فتفاعل هذه الفنون مع اللحظة التاريخية، هو ما يمكن أن يثمر عن كم كبير من الأعمال على مستوى السينما، والأعمال الوثائقية".
ولفت إلى أن
الجزيرة الوثائقية، واكبت الثورات العربية العربية التى انطلقت شرارتها فجأة ودون سابق إنذار، وقال: "عندما بدأت الثورات العربية منذ ثلاث أعوام وبدأت من تونس، لم تكن الجزيرة الوثائقية ولا غيرها من الوثائقيات مستعدة لهذا الحدث، الذي جاء فجأة، لكن فى نهاية أحداث الثورة التونسية، اتصلت الجزيرة الوثائقية ببعض المنتجين والسينمائيين هناك، وطلبت منهم توثيق كل شيء على الأرض".
وأوضح أن "ما حدث في تونس فجأة جعلنا نستعد للحراك المتوقع في مصر منذ 25 كانون الثاني/ يناير 2011، وحتى 18 شباط/ فبراير، وتنحي الرئيس السابق حسني مبارك عن الحكم، فقمنا بتوثيق 18 يوما كاملة ساعة بساعة، ولحظة بلحظة، وكنا نؤمن حفظ المادة المصورة، وتجمعت لدينا ساعات طويلة من الأحداث، لكنها لقطات تفتقد إلى التفاصيل، وهنا يأتي دوري كمنتج للفيلم الوثائقي، وخرجنا فى النهاية بـ 45 ساعة تسجيلية عن الثورة المصرية منها يوميات الثورة المصرية وهي عبارة عن 20 ساعة، وأزعم في ظل الاتجاه لمحو ثورة 25 يناير، أن الـ 20 ساعة هذه ستكون هي الوثيقة السينمائية الوحيدة أو المتكاملة للثورة المصرية".
وأضاف: "نحن لدينا تقريبا أكثر من 2200 فيلم وثائقي في أرشيف الجزيرة، التى يقدم لها من 2000 إلى 3000 مشاريع أفلام وثائقية كل عام، نقوم على دراستها لنختار فقط 250 ساعة يتم إنتاجها سنويا، فالرقم المقدم من المشاريع كبير جدا، وهو ما يجعل الاعتذارات أيضا كبيرة جدا، وهو أيضا ما صدر وجود حالة من التشبع، ولكن هذا ليس صحيحا".
وعن طبيعة العمل بالجزيرة الوثائقية ، قال إنه "يختلف، فنحن لا نتابع حدثا جاريا يحدث على الأرض مثل الجزيرة الإخبارية، لكننا ربما نهتم بالقصص الإنسانية التى تخرج من رحم هذه الأحداث، والكوارث، والحروب".
وتابع: "أضرب مثلا على ذلك أننا فى حرب غزة 2009 لم يكن عندنا أى شيء وثائقي عما يحدث هناك، فما كان منا إلا أن تواصلنا مع بعض المنتجين الموجودين داخل غزة الذين نعرفهم بشكل جيد وطلبنا منهم عمل "فيلرز" (فواصل) 3 دقائق صور، وحكايات، فهذا الرجل المسعف الذى تراه فى كل نشرات الأخبار، صورنا معه كيف يكون يومه كيف يستعد للأحداث، وصورنا مع المؤذن، ومقيم الشعائر الذى أصر على أن يقوم بعمله فى المسجد الذى هدم".
ونبه محفوظ إلى إخراج بعض الأفلام عن تركيا، "عن الخط، والآذان، والموسيقى، والأعراس التركية، وخصوصيات الثقافة فى تركيا. لدينا فيلم وثائقي من إنتاج الجزيرة، عن سيدنا جلال الدين الرومي، وهو شخصية تاريخية، لها كثير من المحبين والمعجبين، فى الوطن العربي، وهو رمز ثقافي مهم جدا كان لابد من تقديمه للمشاهد العربي، فما زلنا ننهل من ثقافة تركيا، وتقديمها إلى الأمة العربية".
وختم: "أتمنى أن يسير النهر من الجنوب إلى الشمال، فيكون للوطن العربي، والجزيرة الوثائقية، دور في إثراء حالة الحوار بين الثقافة العربية، والتركية، وتقديم بعض الأعمال التى يمكن أن تخبر الأتراك، ومن يتحدثون بالتركية، عن ثقافة وخصوصية الوطن العربي".