قلل وزير الشؤون الخارجية بسلطنة
عمان، يوسف بن علوي بن عبد الله، اليوم الأربعاء، من تأثير سحب دول السعودية والإمارات والبحرين سفرائها من الدوحة على كيان مجلس التعاون الخليجي، واعتبره "خلافا وعتابا" بين الأشقاء قد يكون لابد منه لمواصلة المسيرة، و"ليس طلاقا بالثلاث".
جاء ذلك في حوار مع جريدة "عمان" العمانية الحكومية، نشرته في عددها الصادر اليوم، أشار بن علوي خلاله إلى أن عمان لعبت دورا في إنجاح المفاوضات بين الغرب وإيران بشأن ملف طهران النووي.
وفي رده على سؤال بشأن تداعيات سحب ثلاث دول من مجلس التعاون الخليجي سفرائها من الدوحة، قال: "لا تخوف حول مسيرة وتماسك مجلس التعاون بعد خطوة سحب كل من المملكة العربية السعودية ومملكة البحرين ودولة الإمارات العربية المتحدة سفرائها من دولة
قطر، فدول المجلس ليست دولًا هشة، كما يراها البعض وهذه الأقاويل بعيدة تماما عن الحقيقة".
وتابع "فهذه الدول ليست عريشاً (خشب ينصب للاستظلال به)، تطيح بها أدنى هبة للريح، وهذه الخطوة تعتبر جزءا من التعبير عن حالة غضب وانزعاج، نتيجة لبعض الظروف ونعتقد أن مثل هذا الاختلاف بين الأشقاء لا يرقى إلى ما يفكر فيه البعض".
ومضى قائلا: "ما حدث يمكن علاجه، خلال فترة زمنية محددة وفي اعتقادنا أن الخلاف أمر طبيعي بين الأشقاء، ولا يمكن أن يثير ذلك قلقا كبيرا".
وحول سبب وصول الأزمة لهذه الدرجة، أشار بن علوي إلى أن "الموقف جاء نتيجة اجتماع صريح، ويمكن وضع خطين تحت هذه الكلمة، في اجتماع وزراء الخارجية الأخير في الرياض، وقد تكون هذه الصراحة قد جرحت بعض المشاعر التي تنكأ الجراح"، فيما لم يوضح ما يقصد بالصراحة أو نكء الجراح.
وقلل من تأثير الأزمة على كيان مجلس التعاون، قائلا: "إن أهل الخليج يجمعهم بيت واحد، وهو الجزيرة العربية، وبها عرب الشمال، وعرب الجنوب، وهم يشكلون قوة لهذه الجزيرة وللأمة العربية، وبالتالي هذا الرباط والحزام والتداخل العرقي من الصعب أن ينفك أمام تلك الخلافات، لأنه عرقي".
وألمح وزير خارجية عمان أن سبب الخلاف من خارج دول مجلس التعاون، وليس بسبب تدخل قطر في شؤون دول الخليج، بحسب البيان الثلاثي (للسعودية والإمارات والبحرين)، وقال في هذا الصدد: "صحيح أننا نتأثر بما يحصل للأشقاء والدول العربية، ولولا أننا نتأثر لما حصل هذا الخلاف، ولكن رب ضارة نافعة، فالوشائج القائمة بين دول مجلس التعاون حقيقية، وليست قضية مصطنعة بين شعوبه وبالتالي هي كفيلة أن تشفي بعضها البعض".
وزاد بقوله "ليطمئن الجميع العملية ليست طلاقا بالثلاث، فهذا الكيان بنى وحقق مكاسب، وبه بنية أساسية وتداخل بين شعوب بلدانه، وينبغي أن نزيد من هذا التداخل والتعامل في الجوانب الثقافية والفنية والتجارية، وتعزيز المصالح المشتركة، لأن الناس تجمعهم هذه المصالح في أعمالهم، أما الهواء فالجميع يتنفسه".
وأعلنت الأربعاء الماضي كل من السعودية والإمارات والبحرين سحب سفرائها من قطر.
وفي بيان مشترك، برّرت هذه الدول خطوة سحب
السفراء بعدم التزام قطر بالاتفاق المبرم في 23 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، في العاصمة السعودية الرياض، ووقعه أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، بحضور الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت، وأيده جميع قادة دول مجلس التعاون الخليجي الستة.
وعقبت قطر على خطوة سحب السفراء، معربة عن أسفها واستغرابها، وقال مجلس الوزراء القطري في بيان له إن "تلك الخطوة لا علاقة لها بمصالح الشعوب الخليجية وأمنها واستقرارها، بل لها صلة باختلاف في المواقف بشأن قضايا واقعة خارج دول مجلس التعاون".
وفي رده على سؤال بشأن ما إذا كان للسلطنة دور فعلي في موضوع الاتفاق النووي الغربي الإيراني، الذي أبرم في جنيف في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي بين طهران والدول الخمس دائمة العضويّة في مجلس الأمن الدولي وألمانيا، التي يرمز إليها بـ (5+1)، قال بن علوي: "نعم للسلطنة دور في عملية التقارب الغربي الإيراني".
وأوضح أن "هذا الدور بدأ منذ أيام الرئيس الأمريكي بيل كلينتون، ثم استمر مع بقية الرؤساء الذين تعاقبوا على البيت الأبيض، وصولاً إلى الرئيس أوباما".
وأشار إلى أن هدف مسقط من الدور الذي كانت تضطلع به بين إيران والغرب، أن "لا تقع مواجهة كبرى بين إيران والدول الغربية لأنها ستكون كارثية على المنطقة".
وبين أن "دور عمان قد تواصل مع الغربيين والإيرانيين على مر السنوات الماضية (..)، حتى نضجت المواقف والحاجة إلى التقارب، وبدأ الطرفان يشعران أن الاستمرار على هذا الخلاف قد يجرهما إلى ظروف المواجهة، فكان البديل هو الحوار، حيث ظهرت إشارات من الطرفين خاصة بعد انتخاب الرئيس الأمريكي الحالي باراك أوباما الذي يعد أكثر القادة الأمريكيين من باشر في الحديث".
وأفاد أنه "عندما شعر الطرفان بقناعة تجنب خيار المواجهة، كانت الأرضية مهيأة رغم انعدام الثقة بين الطرفين وقد شاركت السلطنة في فك عقدة انعدام الثقة هذه (...)، حيث بدأت الاتصالات واللقاءات المحدودة التي لم تكن كبيرة".
ونوه أن "السلطنة استضافت بعض الاجتماعات بين الطرفين"، لافتا إلى أن السلطنة ما زالت تتابع سير المفاوضات بين الجانبين، في إشارة الى المفاوضات المستمرة بين إيران ودول (5+1)، لبحث الخطوات النهائية الممكن اتخاذها، استناداً إلى اتفاقية "جنيف" المتعلقة ببرنامج إيران النووي.
وأردف "نقدر للأطراف المعنية هذه الخطوة والخطوات المقبلة التي نتابعها ويضعوننا دائما في الصورة وبما تحقق من إنجاز، والدليل أن زيارة مفوضية العلاقات الخارجية بالاتحاد الأوروبي كاثرين اشتون للسلطنة، تكررت مرتين وتأتي في هذا الإطار كدليل حرص كبير من الغربيين على سير المفاوضات، حيث زارت السلطنة ثم طهران وتعود نهاية هذا الأسبوع إلى السلطنة مرة أخرى، وهذا أمر مطمئن للجهود التي بذلناها".
وتأتي هذه التصريحات بالتزامن مع وصول الرئيس الإيراني حسن روحاني إلى سلطنة عمان اليوم الأربعاء، في زيارة رسمية تستغرق يومين، هي الأولى لدولة عربية له منذ توليه منصبه في آب/ أغسطس الماضي.
وتوصلت، طهران ومجموعة "5+1" في جنيف إلى اتفاق مرحلي يقضي بفتح الأولى منشآتها النووية أمام مفتشي الوكالة الدولة للطاقة الذرية "على نحو أفضل"، ووقف بعض أنشطة تخصيب اليورانيوم، مقابل تخفيف العقوبات المفروضة على طهران في المرحلة الأولى التي تستمر 6 أشهر.