إعلان الاستقلال وطلب الانضمام لروسيا وإعلان حل الوحدات العسكرية الأوكرانية والتداول بالروبل، كلها خطوات سارعت إلى اتخاذها السلطات الانفصالية في
القرم، الاثنين، غداة نتائج
الاستفتاء حول انضمام شبه الجزيرة لموسكو، ولم يتأخر الغرب في فرض عقوبات.
فقد قرر وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات على الأفراد الذين حملتهم مسؤولية تهديد استقلال وسيادة ووحدة أراضي أوكرانيا، و تهديد الوضع المستقبلي لأي دولة أوروبية.
وشمل القرار 21 شخصية، و تضمن عقوبات أوروبية مثل: تجميد الأصول ومنع دخول أولئك الأفراد إلى أي دولة في الاتحاد الأوروبي.
وذكر بيان صادر عن الاتحاد أن القائمة يمكن أن تطول حسب التطورات في الفترة المقبلة، هذا ولم تشمل العقوبات الرئيس الروسي فلاديمير بوتن والأشخاص المقربين منهه.
وحسب مصادر دبلوماسية فإن الأشخاص المشمولين بالعقوبات هم 13 مسؤولا
روسيا و8 من مسؤولي القرم.
كما لم يتضمن القرار إلغاء القمة الأوروبية الروسية المزمع عقدها في حزيران/ يونيو المقبل بمدينة سوتشي الروسية.
من جهته، أعلن البيت الأبيض في بيان الاثنين أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما قرر فرض عقوبات على 11 شخصا، على خلفية التطورات في القرم وأوكرانيا، وشمل القرار7 مسؤولين روس هم: مستشاري بوتن وهما فلاديسلاف سوركوف وسيرغي غلازييف والبرلماني ليونيد سلوتسكي، ورئيس لجنة الدستور أندري كليشاس، ورئيسة مجلس الاتحاد الروسي فالنتينا ماتفيينكو، ونائب رئيس الوزراء دميتري روغوزين، ومساعد رئيس المجلس الفيدرالي في البرلمان الروسي يلينا ميزولينا.
كما شملت العقوبات 4 أوكرانيين بينهم الرئيس الأوكراني المعزول فيكتور يانوكوفيتش لاتهامه "بتقويض الحكومة الأوكرانية، وبانتهاج سياسات تهدد وحدة تراب أوكرانيا وأمنها وسلمها، إضافة إلى قادة القرم الإنفصاليين سيرغي أكسيونوف وفلاديمير كونستانتينوف، وشملت العقوبات أيضا، رئيس الأركان الأوكراني السابق فيكتور ميدفيدتشوك.
وشدد البيان على وقوف الولايات المتحدة الأمريكية والمجتمع الدولي بجانب أوكرانيا من خلال "فرض عقوبات على الانفصاليين والمسؤولين الروس الداعمين لهم".
واعتبر البيان أن هذه العقوبات تشكل تحذيرا قويا لحكومة روسيا التي قامت بانتهاك استقلال ووحدة أراضي أوكرانيا.
إلى ذلك أعلن أوباما عزمه إجراء زيارة إلى أوروبا الأسبوع المقبل.
وتقررت العقوبات الأوروبية لمدة ستة أشهر قابلة للتجديد.
وأعلن وزير الخارجية البولندي ليناس لينكيفيسيوس أن الاتحاد الأوروبي سيتخذ "عقوبات إضافية خلال الأيام المقبلة".
ومن جهته، أبدى الأمين العام للامم المتحدة بان كي مون، الاثنين، "خيبة أمله وقلقه" غداة الاستفتاء حول الحاق القرم بروسيا، وأعرب عن الأمل في حل سياسي يتضمن "احترام وحدة وسيادة أوكرانيا"، بحسب متحدث.
وأضاف المتحدث باسمه ستيفان دوياريتش أن بان كي مون يطلب من كافة الأطراف "تكثيف جهودها (...) لمصلحة التوصل الى حل سلمي" للأزمة الأوكرانية.
وثيقة تدعو روسيا لضم القرم
وجاء في الوثيقة التي صوت عليها نواب القرم إن "جمهورية القرم تدعو الأمم المتحدة وجميع دول العالم إلى الاعتراف بها كدولة مستقلة".
وتوضح الوثيقة أيضا أن القوانين الأوكرانية لم تعد تطبق على القرم وأن سلطات كييف لم تعد تمارس في شبه الجزيرة أي سلطة.
وأوضح رئيس برلمان القرم فولوديمير قسطنطينوف أن الوحدات العسكرية الأوكرانية المنتشرة في القرم "سيتم حلها"، وأن الجنود الأوكرانيين "عليهم الرحيل".
وأعلن رئيس الوزراء الموالي للروس سيرغي اكسيونوف أن القرم ستنتقل في 30 أذار/ مارس إلى توقيت موسكو الذي يتقدم كييف بساعتين، قبل أن يستقل طائرة إلى موسكو على رأس وفد.
تعبئة جزئية للجيش الأوكراني
وفي كييف، صادق البرلمان في الوقت نفسه على تعبئة جزئية للقوات المسلحة لمواجهة "تدخل روسيا في الشؤون الداخلية الأوكرانية".
وصادق 275 نائبا على الإجراء الذي دعا إليه الرئيس الانتقالي اولكسندر تورتشينوف بعد أن اعتبر الاستفتاء "مهزلة كبرى".
كما صادق النواب على منح قرابة 6,9 ملايين هريفنيا إضافية (530 مليون يورو) لضمان جهوزية القوات المسلحة.
وأعلن وزير الدفاع الأوكراني ايغور تنيوخ في مؤتمر صحافي أن الجنود الأوكرانيين الموجودين في القرم "سيظلون فيها".
وقالت رئيسة الوزراء الاوكرانية السابقة يوليا تيموشنكو إنها تشعر بالحزن لسكان القرم "ضحايا لا مبالاتهم وسذاجتهم".
موسكو ترحب
وفي موسكو رحبت وسائل الإعلام بنتائج الاستفتاء، حيث كتبت صحيفة كومرسنت "المجد للقرم".
ومن جهته رحب الرئيس السوفياتي الأسبق ميخائيل غورباتشيف بنتيجة استفتاء القرم، منددا فرض الغربيين فرض عقوبات على مسؤولين روس وأوكرانيين.
ونقلت وكالة "انترفاكس" الروسية عنه قوله: "إذا كانت القرم في فترة ما متحدة مع أوكرانيا حسب القوانين السوفياتية (...) دون السؤال عن رأي الشعب، فإن هذا الشعب قرر تصحيح ذلك الخطأ، يجب الترحيب بذلك وليس إعلان عقوبات".
وقال الرئيس السوفياتي الأسبق نيكيتا غروتشيف إن "فرض عقوبات يقتضي أسبابا جدية جدا، ويجب أن تكون مدعومة من الأمم المتحدة".
ورأى أن "التعبير عن إرادة شعب القرم وانضمامه إلى الاتحاد الروسي كمنطقة ليس سببا كافيا".
بيان لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي
وفي ذات السياق، رفض البيان الختامي لاجتماع وزراء الخارجية الاتحاد الأوروبي، الاثنين، الاعتراف بنتائج استفتاء القرم "المخالف للدستور" واعتبره استفتاءا غير شرعي.
وأوضح البيان أن وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، قرروا فرض عقوبات تشمل منع سفر، و تجميد أموال المسؤولين عن الأعمال التي تقوض وحدة الأراضي الأوكرانية وتهدد استقلالها.
في الأثناء اعتبر رئيس البرلمان الأوروبي مارتن سجولز- في مؤتمر "السلام والديمقراطية" الذي نظمه البرلمان النمساوي - استفتاء القرم انتهاكا للقانون الدولي، ولا يمكن القبول به أبداً.
من جانبها أكدت رئيسة اللجنة البرلمانية في المجلس الأوربي، أن "استفتاء القرم مخالف للقانون"، مضيفة أنه من "غير المقبول، أن يعلن جزء ما في دولة، استقلاله من طرف واحد".
الناتو يحذر
إلى ذلك، حذر الناتو في بيان لسفراء الدول الأعضاء في الحلف، روسيا من ضم القرم، معتبرا استفتاء الأحد مخالفا للدستور الأوكراني، ومنافٍ للقانون الدولي، كما طالب روسيا باحترام تعهداتها الدولية، وإقامة حوار مباشر مع أوكرانيا، بغية التوصل لحل سياسي.
وفي سياق متصل، أعلنت وزارة الخارجية الأوكرانية في بيان لها أنها ستسدعي سفيرها في روسيا فلاديمير يلجينكو، للتشاور "حول الأوضاع في جمهورية القرم المتمتعة بحكم ذاتي وتأثيراتها على الصعيد الدولي".
وزراء الخارجية الأوروبيون يحتجون
وقالت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين اشتون: "نحاول توجيه أقوى رسالة ممكنة إلى روسيا (...) كي تدرك مدى جدية المسألة" بسبب الاستفتاء "المزعوم" في القرم.
وهذه العقوبات غير مسبوقة في تاريخ العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وروسيا منذ انهيار الاتحاد السوفياتي وهي عبارة عن المرحلة الثانية من "الرد التدريجي" الذي اتفق عليه رؤساء الدول والحكومات الأوروبيون في أول اجتماع طارئ حول أوكرانيا في السادس من آذار/ مارس.
وقال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس على غرار نظرائه الأوروبيين: "يجب إبداء حزم كبير وفي الوقت نفسه إيجاد طرق الحوار وعدم التصعيد".
وبما أن الخيار العسكري مستبعد تماما، يعول الغربيون على عزل روسيا بشكل متزايد على الساحة الدولية ويحتفظون بإمكانية فرض عقوبات اقتصادية وتجارية من شأنها أن تتسبب في انعكاسات أخطر بكثير لأن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي يعتبران من أكبر ثلاثة شركاء موسكو.
وأعلن وزير خارجية لوكسمبورغ جان اسلبورن أن روسيا "ستعاني" لأن تحركها في القرم تسبب في "تخفيض سعر صرف الروبل" وفي "عزلتها في مجلس الأمن الدولي" و"حتى انتقادات شركائها مثل كازاخستان وأرمينيا"، مؤكدا أنه "أصبح هناك خوف من روسيا الآن، وهذا الأمر يؤدي إلى تراجع الاستثمارات والاقتصاد".
وفي الأثناء يركز الأوروبيون على مساعدة السلطات الأوكرانية الجديدة على فرض نفوذها ويعدونها بدعم اقتصادي بقيمة 11 مليار يورو.
ويستعد القادة الأوروبيون للتوقيع على الشق السياسي من اتفاق الشراكة بين أوكرانيا والاتحاد الأوروبي الجمعة المقبل، في اليوم الذي يفترض أن يعتمد خلاله البرلمان الروسي قرار إلحاق القرم بروسيا.
استفتاء القرم
صوت أهل القرم في استفتاء على ما إذا كانوا يرغبون في الانفصال عن أوكرانيا والانضمام إلى روسيا، وأعلن زعماء القرم أن نتيجته تؤكد تأييد 97% من الناخبين للانفصال.
واتهمت كييف موسكو بالإسراع بتعزيز قواتها المسلحة في شبه جزيرة القرم في انتهاك للمعاهدات الدولية.
ويقول مسؤولون أمريكيون وأوروبيون إن العمل العسكري غير مرجح في القرم، التي ضمها زعماء سوفييت إلى أوكرانيا قبل 60 عاما.
لكن احتمال توسيع نطاق التدخل الروسي في أوكرانيا يطرح تساؤلا على حلف شمال الأطلسي عن كيفية مساعدة كييف دون إثارة ما يصفه بعض الأوكرانيين "بحرب عالمية ثالثة".
خفض الاعتماد الأوروبي على الطاقة الروسية
وفي سياق متصل، قال وزير الخارجية البريطاني وليام هيج، الاثنين، إن الاتحاد الأوروبي بدأ مناقشة ضرورة خفض الاعتماد على موارد الطاقة الروسية.
وقال لتلفزيون "سكاي نيوز" عقب اجتماع لوزراء خارجية الاتحاد في بروكسل: "بدأنا نبحث ضرورة خفض الاعتماد الأوروبي على الطاقة الروسية على مدى سنوات طويلة قادمة".
وأضاف هيج أيضا أنه قد تضاف أسماء جديدة إلى قائمة تضم 21 روسيا وأوكرانيا فرض عليهم الاتحاد الأوروبي عقوبات.
وقال إن نطاق العقوبات المستقبلية سيتوقف على رد روسيا على طلب منطقة شبه جزيرة القرم الأوكرانية الانضمام إلى روسيا عقب استفتاء الأحد.